كانت إجابته غير عادية لسؤال عادي، كان ملتحيًا وكنا في سن الشباب، سألته: لماذا تربي (تطلق) لحيتك؟
أجاب: هي التي تربيني ولست أنا .!!
استوعبت الإجابة رغم مفاجأتها، أراد صديقي أن يرسل لي رسالة بأن لحيته وما تحمله في نظر الناس من رمزية المحافظة على سنة النبي -صلى الله عليه وسلم- تفرض عليه سلوكا يتناسب مع توقع الناس لصاحب المظهر المتدين .
برغم حداثة سنه كان يدرك ما يفرضه عليه ما اختاره هو من مظهر الالتزام الديني على سلوكه العملي .
فإذا كانت الجبة لا تصنع الشيخ، بمعنى أن الجبة لا تعطي لابسها دينًا وعلمًا وفضلا، فإنها تعطيه في نظر الناس صفة الشيخ عالم الدين؛ حيث إن هناك ربطًا غير إرادي مخزونًا في لا وعي الناس بين مظهر الإنسان ومخبره .
ومن هنا وجدنا حرص “أبو بكر البغدادي” وأمثاله على ارتداء الزي العربي التقليدي والتاريخي المرتبط في ذهن العامة بصورة الفاتح العربي المسلم النبيل، وانخداع وانجذاب طوائف من الشباب بهذا المظهر الخادع .
ومن هذه الزاوية أيضا لعب الشيطان برأس مصطفى كمال أتاتورك ودفعه ضمن خطة تغريب وتقليد أعمى للغرب بإصدار قانون بمنع لبس الطربوش واستبدال القبعة الغربية به، وكأن القبعة تحمل تحتها أسرار التقدم الغربي !
ومن هنا أيضا وجدنا الدعاية الإعلامية توظف تشويه صورة الإسلام من خلال تشويه صاحب اللحية وصاحب الزي الأزهري والمحجبة والمنتقبة .
ولا يختلف عن هذا أيضاً ما نال الزي العسكري من امتهان صورته الذهنية التي كانت تحمل صورة فرسان الميدان وحماة الأوطان، حين يرون حامل هذا الزي يرفع السلاح على قومه أو يبيع الخضراوات واللحوم في الأسواق .
المسألة هنا ذات طرفين:
مجتمع ينبغي أن يدرك أن الجُبَّة لا تصنع الشيخ، وواجب عليه أن يفصل بين تصرف فردي لإنسان قد يصيب وقد يخطئ، ويتجنب الوقوع في آفة التعميم .
وأفراد ألزموا أنفسهم بمظهر معين ينبغي عليهم أن يراعوا رمزيته في أعين المجتمع، بل ينبغي أن يكونوا سفراء لهذه الرمزية بدلا من أن يكونوا فتنة لغيرهم.