55 طفلاً من القدس المحتلة يقبعون في سجون الاحتلال في قسم للأشبال في سجن مجدو، يتعرضون للاعتداء المباشر منذ الاعتقال وفي فترة التحقيق وداخل الأسر، ويتحدى الأطفال الأسرى كل الإجراءات بإنجازات علمية وثقافية داخل الأسر رغم سطوة السجان وظلام السجن.
رئيس لجنة أسرى القدس أمجد أبو عصب قال لـ”المجتمع”: الاحتلال يقوم بإجراءات عنصرية بحق أسرى وأطفال القدس، وفي داخل الأسر يقوم بإجراءات تتمثل بمناورات لإرهاب الأطفال الأسرى والتأثير على نفسياتهم، وفي مرحلة البوسطة يكون التنكيل بهم، لخلق أزمات نفسية بداخلهم، وأثناء محاكمتهم يتم إصدار أحكام رادعة بحقهم.
والدة الشبل المحرر مؤيد أبو ميالة فوز أبو ميالة (أم يوسف)، قالت في اتصال مع “المجتمع”: تم اعتقالي أثناء زيارتي لابني مؤيد، من خلال إهانتي من قبل مجندة بالصراخ والسب والشتم، وكان معي طفلان، وعندما حاولت الدفاع عن طفليَّ من قبل المجندة تم اعتقالي لمدة يوم، وهذه المعاملة لعائلات الأطفال الأسرى تؤكد للقاصي والداني تطبيق الاحتلال إجراءات عنصرية على الأطفال الأسرى.
الشبل المقدسي المحرر مؤيد أبو ميالة من بلدة سلوان في القدس المحتلة، اعتقل عدة مرات سابقة، والاعتقال الأخير مكث فيه 14 شهراً بتهمة إلقاء الحجارة على المستوطنين والزجاجات الحارقة.
يقول الشبل أبو ميالة عن تجربة الاعتقال: الاعتقال للأطفال في القدس له إجراءات قاسية عليهم، تبدأ من لحظة الاعتقال الأولى التي تكون فيها التفاصيل مؤلمة للغاية، ففي البداية لا يتم التفاهم مع الطفل المعتقل من القدس المحتلة من خلال لغة الضرب والشتم والجر والألفاظ النابية واستخدام كل الأدوات للإيذاء الجسدي والمعنوي، وتستمر هذه الفترة حتى الوصول إلى مركز تحقيق المسكوبية، وهناك يبدأ فصل جديد من العذاب.
لا أحد معك
يقول الشبل مؤيد أبو ميالة (17 عاماً): في مركز تحقيق المسكوبية هناك غرف رقم (4)، وهي سيئة الصيت والسمعة، ويمنع دخول والد الطفل أو الشبل المعتقل، وهو حق يكفله القانون، وفي داخل الغرفة يكون هناك أكثر من محقق ينتظرون الطفل المعتقل بالتهديد والصراخ والشتم، ويكون الطفل وحده دون أي شخص من أقاربه، ويضطر الطفل للاعتراف حتى يتوقف التهديد والصراخ والضرب، ومعظم الأطفال في سجن مجدو في قسم الأطفال تم انتزاع الاعتراف منهم من خلال غرف رقم (4) في المسكوبية، وما حدث مع الطفل أحمد مناصرة والشريط الذي انتشر والمتضمن مشاهد التهديد والصراخ عليه كي يعترف بالتهمة المفبركة.
داخل الأسر
يشرح الشبل المحرر أبو ميالة عن ظروف السجن قائلاً: لا علاج ولا ملابس ولا أغطية في فصل الشتاء، واقتحام ليلي وتفتيش عارٍ وإذلال يومي، فهذا ما يواجه الطفل الأسير، فأنا كنت أعاني من ألم في كتفي ولم يتم علاجي، وكنت أنتظر خروجي وتحرري كي أتعالج، إضافة إلى عدم إدخال الملابس الخارجية والداخلية إلا بشروط عنصرية.
مشاعر قاسية
تعرض الشبل المحرر مؤيد أبو ميالة إلى حادثة جعلته يعيش توتراً نفسياً قاسياً تمثل باعتقال والدته وشقيقته الصغرى حيث قال: في الاعتقال السابق تم اعتقال والدتي وشقيقتي الصغرى في وقت الزيارة، بعد أن رفضت أمي التفتيش العاري من قبل المجندة ودافعت عن نفسها، وتم اتهامها بدفع المجندة وإيقاعها على الأرض، ولم يتم إخباري باعتقال أمي من قبل مصلحة السجون، وكذبوا عليّ أن والدتي بخير ولم تحضر للزيارة، وبعد فترة علمت باعتقال أمي وشقيقتي وتم الإفراج عنهما بعد التنكيل بهما واعتقالهما لعدة أيام، وهذا الحادث يحدث مع معظم الأهالي عند الزيارة حيث يتم استفزازهم بشكل متعمد لمنع الزيارة.
صقل الشخصية
وعن قيمة التجربة الاعتقالية، قال المحرر أبو ميالة: التجربة الاعتقالية تصقل شخصية الأسير، وتعطيه قوة وثقة في نفسه، فعلى صعيدي الشخصي دخلت شبلاً ولم يؤثر الاعتقال على نفسيتي، وقمت بتقديم امتحان التوجيهي ونجحت بمعدل جيد، وسوف أكمل تعليمي، إما في مجال تخصص التربية الرياضية أو تخصص العلوم السياسية، فتجارب الاعتقال التي خضتها والتعذيب الجسدي والنفسي المرافق لكل عملية اعتقال زاد من قوة شخصيتي، واعتمدت على نفسي في تحمل الأعباء، ونهضت بنفسي بشكل أغاظ مصلحة السجون وضباطها، ولم تكن تجربتي الوحيدة في صناعة النجاح، فهناك أطفال نهضوا بأنفسهم وتعلموا مهارات علمية وثقافية تفيدهم في معترك الحياة بعد التحرر.
ظاهرة العصافير
يقول الشبل أبو ميالة: أكثر المشاهد تأثيراً على نفسيتي عندما كنت في الزنزانة، وإدخال مرضى النفوس الذين يطلق عليهم “العصافير” في كناية لتعاملهم مع جهاز المخابرات إلى داخل الزنزانة.
وأضاف: عندما دخل العصافير إلى الزنزانة وأعمارهم تزيد على الثلاثين عاماً حاولوا تهديدي بالقتل وعدم السماح لي بالنوم داخل الزنزانة، وكانت الأيام التي قضيتها مع هؤلاء العصافير صعبة للغاية.