منذ بداية مسيرتها الثقافية في عام 1983 أثبتت دار الآثار الإسلامية دورها في نشر الوعي الآثاري والثقافي ليس فقط في الكويت بل في دول الخليج والوطن العربي والغربي كذلك فكانت شريكا فاعلا في تعزيز دور الثقافة في العالم.
ثلاثة عقود ونيف أمضتها الدار في خدمة الثقافة والإبداع في الساحة العربية حيث تحتفل اليوم بمرور 35 عاماً على إنشائها كمؤسسة تعنى برعاية مجموعة آثارية تضم آثاراً وتحفاً فنية ثمينة ونادرة كان يمتلكها الشيخ ناصر صباح الأحمد الصباح (النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع الحالي)، وقرينته المشرفة على الدار الشيخة حصة صباح السالم الصباح غير أنها تطورت وتوسعت في نشاطاتها.
ولم يقتصر تطور الدار على الدور المنوط بها في تقديم “مجموعة الصباح”، إذ تواصل تطورها وتقديم مختلف الآثار والتحف الفنية من مخطوطات رائعة وآلات علمية وسجاد ومجوهرات وخزف ومشغولات معدنية وخشبية وزجاج بلغ عددها حتى الآن أكثر من 30 ألف تحفة فنية أنتجت على امتداد العالم الإسلامي جغرافياً من إسبانيا إلى الصين، وزمنياً من القرن الثاني إلى الثالث عشر الهجري.
ومن أهم أهداف مشروع دار الآثار الإسلامية الثقافي نشر الوعي الآثاري والحضاري والإنساني، وتشجيع تذوق الفنون من عصور الإسلام المختلفة وإظهار إبداعات حضارة بلاد المسلمين.
وحاولت الدار تحقيق هذا الهدف منذ بداية ثمانينيات القرن الماضي من خلال عرض “مجموعة الصباح الآثارية” في متحف الكويت الوطني ليصبح مقصداً لكل زوار الكويت والمهتمين من الباحثين، هذا فضلاً عن إنشائها مكتبة تراثية متخصصة تحوي أكثر من سبعة آلاف مصدر ومرجع لأهم الإنتاج الفكري العربي والإسلامي والعالمي.
ولم تقتصر رسالة الدار التنويرية على مجرد بسط الثقافة والمعرفة، بل تعدتها إلى نشر الوعي الآثاري أيضاً وترجمة هذا الوعي ميدانياً على أرض الواقع من خلال إيفاد بعثات كويتية متدربة وبمساهمة من مؤسسة الكويت للتقدم العلمي للمشاركة في التنقيب الآثاري مع فرق عالمية مرموقة.
وقال رئيس اللجنة التأسيسية لأصدقاء الدار وعضو المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب بدر البعيجان لـ”وكالة الأنباء الكويتية” (كونا)، اليوم الخميس، أن الدار أدت دوراً رائداً ومميزاً في إحياء التراث والحرف القديمة، حيث أقامت خلال حقبتي الثمانينيات والتسعينيات محترفاً للفنون يديره باحثون متخصصون قدمت من خلاله دورات فنية في مختلف الفنون من خزف وخط ورسم وزخرفة وصناعة النسيج والحلي.
وأوضح البعيجان أن الدار تنظم سنوياً سلسلة من المحاضرات الثقافية والعلمية وذات الصلة بقضايا الفن والفكر والعمارة والفلسفة تستقطب نخبة من كبار الأكاديميين والمفكرين من جميع أرجاء العالم.
وأشار إلى إصدار الدار دوريات ونشرات فصلية وكتباً متعلقة بتاريخ الفن وتنظيم معارض متنقلة تجوب العالم وتشارك في المعارض التي تقيمها متاحف أوروبا وآسيا وأمريكا الشمالية، فضلاً عن استضافتها للعديد من الندوات والمنتديات.
وبين أن الدار تقدم دورات تدريبية في ترميم الآثار وبرامج وورشاً فنية تثقيفية للأطفال، فضلاً عن رعايتها ودعمها للمشاريع والأبحاث المتعلقة بالآثار والحفائر في منطقة الشرق الأوسط وتستضيف أمسيات خاصة للموسيقى العالمية.
ولفت إلى قيام الدار أخيراً بترميم وإدارة “مركز الأمريكاني الثقافي”، و”مركز اليرموك الثقافي”، فيما تشارك بفعالية في ترميم متحف الكويت الوطني الذي تعرض للتدمير خلال فترة الغزو العراقي للكويت.
وقال: إنه عند استكمال أعمال ترميم وتأهيل المتحف سيتمكن الجمهور في الكويت من الاستمتاع بفن بديع يعود تاريخه إلى أكثر من ألف عام، مضيفاً أنه حتى ذلك الموعد تعرض الدار جزءاً من مقتنيات مجموعة الصباح في مركز الأمريكاني الثقافي حيث تتاح للزائرين مشاهدة روائع مجموعات مختارة من المجموعة في معارض مؤقتة.
وانطلاقاً من رسالتها الحضارية والثقافية، شاركت الدار منذ بداية مسيرتها وضمن أنشطتها الخارجية في العديد من المعارض الدولية منها معرض “الإسلام فن وحضارة” في السويد عام 1985، ومعرض “كنوز الفن الإسلامي” في جنيف عام 1985، و”الهند فن وحضارة” في نيويورك عام 1985.
ومن تلك المعارض أيضاً معرض “السلطان سليمان القانوني” في واشنطن عام 1987، ومعرض “تيمور والرؤية الملكية” عام 1987، ومعرض “العلوم والحضارة العربية الإسلامية” عام 1989، ومعرض “أوائل المطبوعات الأوروبية والحضارة الإسلامية” عام 1989، ومعرض “السجاد هدية الشرق” عام 1989 في فرنسا، ومعرض “رومانسية تاج محل” عام 1989 في كاليفورنيا.
ونظمت الدار معارض خاصة لبعض تحف الدار، وهو ما أطلق عليه “المعارض العالمية المتجولة” كان أولها بعنوان “الفن الإسلامي ورعايته.. كنوز من الكويت” وعرض 107 من تحف المجموعة خارج الكويت في متحف الهرميتاج بالاتحاد السوفييتي آنذاك، وكان ذلك قبل أسبوع من العدوان العراقي على الكويت في أغسطس 1990.
وقد طاف هذا المعرض أرجاء كثيرة من العالم متخطياً الحدود الإقليمية إلى الدولية، ثم كان للدار مشاركة كبيرة في المساهمة في افتتاح مركز إسلامي ثقافي في ماليزيا، وهو المتحف الإسلامي في كوالالمبور.
وبعد ذلك كان المعرض العالمي المتنقل الثاني “ذخيرة الدنيا.. فنون الصياغة الهندية في العصر المغولي” الذي جاب متاحف العالم ابتداء من بريطانيا ثم الولايات المتحدة وبعدها إلى أوروبا وحقق صدى ونجاحاً عظيمين.
أما ثالث هذه المعارض فكان معرض “الفن في الحضارة الإسلامية” الذي أقيم في كل من ميلانو عام 2010، وفيينا عام 2011، وشمل 368 تحفة من تحف المجموعة، ثم حط الرحال في المتحف الوطني في العاصمة الكورية الجنوبية سيؤول في عام 2013 ثم في العاصمة الإيطالية روما عام 2015.
يذكر أن دار الآثار الإسلامية تقع تحت قطاع الآثار الإسلامية في منظومة المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب ويديرها الأمين العام المساعد لقطاع الآثار الإسلامية.