في أوقات الخطر الداهم تكون النجاة للأسرع استجابة والأقوى تحديًا .
في بداية أزمة فيروس كورونا لم يكن العالم الذي ظن أنه امتلك ناصية الكون يصدق أنه أمام عدو خطير يصعب مواجهته.. عدو لا تراه العين، ولا يعترف بالحدود، ولا يعوق حركته بحار ولا محيطات، ولا يمنعه برد ولا حر .
والدول الأسرع استجابة واستشعارا للخطر، والأكثر إدراكاً بأننا نعيش عالماً صغيرا على اتساعه بسرعة الانتقال والاتصال فيه، والأعمق شعوراً بالمسئولية تجاه مجتمعاتها، كانت الأقل خسائر والأسرع احتواءً للعدو .
واستحقت “دولة الكويت” شهادة منظمة الصحة العالمية كواحدة من أفضل دول العالم في الرعاية الطبية والشفافية والإجراءات؛ فقد كانت من أسرع الدول استجابة لخطر كورونا، ومن أكثر الدول تحدياً لاحتوائه ومنع انتشاره.
واستجابة الدول والإجراءات التي تتخذها لا قيمة لها إن لم يقابلها تضامن وتطبيق جدي من المجتمع، تضامن يقتضي أن يتحرك المجتمع ككتلة واحدة دون ترك مجال لفئة تبني وأخرى تهدم؛ فسفينة المجتمع تواجه أمواجا عاتية وليس مسموحا لأخرَق أن يخرق السفينة .
ومن واجبات الوقت أن نستجيب للخطر ونحن مستبشرون لا متشائمون؛ فنحن بين يدي مدبر الكون الخالق الحكيم المدبر الرحيم الذي لا يريد بعباده إلا خيرا، وما ابتلى عباده بمحنة إلا ووراءها منحة .
فطوفان كورونا الذي يجتاح العالم الآن، سيزول قريبا وسينحسر من سطح الأرض، وشأنه شأن الطوفان سيترك وراءه خسائرَ وأضرارًا وآلامًا، لكن مع انحسار الطوفان ستتكون تربة جديدة مؤهلة لإنبات حياة جديدة .
فالموت والحياة دورتان متلازمتان، في كل لحظة تتساقط أوراق من أغصان الشجر لتترك مجالا لنمو أخرى، وتموت في أجسامنا خلايا لتنمو أخرى، وتتساقط شعيرات لتمهد لنمو غيرها.. بل اليقظة والنوم دورتان متلازمتان دالتان على تلازم دورة الحياة والموت .
سيحيا العالم حياة جديدة بعد انحسار كورونا، وسيظل يؤرخ لهذه اللحظة التي نعيشها، وقد يتعلم صناع الموت والحروب وبث الكراهية والعنصرية بين الشعوب.. أن البشر جميعا مهما تباعدت ديارهم، واختلفت أديانهم وأعراقهم هم عائلة واحدة، ضيوف الرحمن على مائدة الأرض .
وقد يحيا البشر حياة جديدة يحافظون على إنسانيتهم، ومحل استضافتهم، ويشكرون مُضَيِفَهُم .