كلما جلس في الديوانية انتقد العمل الخيري، فلما تقاعد ارتبط بمؤسسة خيرية، وبدأ يفتخر بأن عملهم داخل الكويت وينتقد الجمعيات الأخرى، ثم انتقل عملهم خارج الكويت وهو يتفاخر بإنجازاتهم الخارجية، وبعد سنوات أصبحت مؤسستهم معتمدة لدى الأمم المتحدة.
هذا وأمثاله كثيرون، ينتقدون العمل الخيري متأثرين بالإعلام السلبي المعاكس، دون تثبت أو دليل، أو من باب إذا خاصم فجر، رغم ما نراه من زيادة في أعداد الجمعيات والمبرات واللجان الخيرية والتطوعية، ورغم ما نشاهده عيانا من إنجازات محلية وعالمية بحسب التخصص، وإشادات دولية بالعمل الخيري الكويتي، حتى منح صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد لقب «قائد إنساني عالمي»، والكويت «مركز العمل الإنساني».
يضم العمل الخيري الكويتي جميع أطياف المجتمع، ففيه المؤسسات الحكومية والأهلية والفردية، وفيه جميع التيارات الاجتماعية والسياسية والفكرية، وفيه الرجال والنساء، والمتقاعدون والشباب والصغار، وفيه التنوع بين الإغاثة العاجلة والحملات الاستراتيجية، كما يركز على التنمية البشرية وكرامة الإنسان، ويهتم بالتعليم والمهنية والعلاج وتشغيل العاطلين، وبناء البشر قبل الحجر، وإقامة المشاريع المستدامة، حتى أصبح العمل الخيري الكويتي مرجعا للعديد من المؤسسات الإنسانية الدولية.
كفل أهل الكويت خلال نصف قرن ملايين الأيتام حول العالم، وبنوا عشرات الآلاف من الآبار والمساجد، وآلاف المراكز الصحية والمساكن الصغيرة، ومئات المدارس والكليات والمعاهد المهنية والمزارع والوقفيات، إضافة إلى المشاريع الزمنية مثل إفطار الصائم في رمضان، والأضاحي، والإغاثات العاجلة عند الزلازل والفيضانات والمجاعات وغيرها، فيا لها من إنجازات يفتخر بها كل فرد.
كما استضافت الكويت عدة مؤتمرات للمانحين لعدة دول، بالتعاون مع الأمم المتحدة، وهي من أكثر دول العالم التزاما بصرف ما تعلن عنه دون خصومات إدارية.
ومن المؤسف أن هناك من ينتقد مؤسسات محددة بعينها دون دليل، مما يؤكد الخصومة الشخصية، ويتمسك بأخطاء فردية وبشرية، رغم أن أبناءهم وأصدقاءهم أعضاء فيها، ورغم دعوتهم للاطلاع على الدفاتر والتقارير المعتمدة من وزارتي الشؤون والخارجية ومكاتب تدقيق محاسبية دولية، ودعوتهم للمشاركة في حملات التوزيع المحلية والمشاريع الخارجية، والشهادة الإيجابية لكل من سافر معهم من رجال أعمال وصحافيين وإعلاميين وكتاب وفنانين ورياضيين.
وأعجبني عدم تأثر الناس بهذه الاتهامات الباطلة، واستمرارهم بدعم العمل الخيري الكويتي المتميز محليا ودوليا، وظهور اتحاد يجمع الجمعيات والمبرات الخيرية برئاسة العم خالد العيسى الصالح، حفظه الله، ومركز دراسات خيرية كويتي «فنار» برئاسة د.خالد الشطي، وممثلا للعمل الإنساني الكويتي في الأمم المتحدة د.عبدالله المعتوق، واضعين نصب أعينهم كلمة سمو الأمير «العمل الخيري تاج على رؤوس الكويتيين».
عندما قدمت البرنامج التلفزيوني «سفراء الخير» اكتشفت حجم العمل الخيري الكويتي الكبير بأشخاصه الكرام، وأعماله المتعددة، وشعرت بمزيد من الفخر والاعتزاز بهذا الوطن المعطاء، وتأكد لي أن «العمل الخيري صناعة كويتية» فكرا ومنهجا، يشترك فيه التجار والشيوخ والإسلاميون والليبراليون وكل فئات المجتمع، دون هدف مادي أو إعلامي سوى رضا الله عز وجل.
احتار الحساد في نقد العمل الخيري، فقالوا «يا أحمر الخدين»، ولم أجد تفسيرا لانتقاد القليل للعمل الخيري سوى الغيرة، وصدق من قال «عذروب خلي حسنه الفتان»، فقليلا من العدل معشر النقاد، وارحموا العمل الخيري من ظلمكم، ووجهوا سهامكم لمن حارب الخير والوطن.
___________________________________________
ينشر بالتزامن مع صحيفة “الأنباء” الكويتية.