كشف تقرير سري للأمم المتحدة عن أنه رغم الحديث عن “نجاحات متلاحقة” للجيش الإثيوبي في إقليم تيغراي (شمالي البلاد)، فإن القوات الحكومية تواجه هناك مقاومة شديدة، وهي معرضة لـ”حرب استنزاف” طويلة الأمد، وفق ما ذكرته صحيفة غارديان “The Guardian” البريطانية.
وقالت الصحيفة إن التقرير الأممي -بالإضافة إلى عشرات المقابلات التي أنجزتها مع عمال في منظمات إغاثية دولية- تثير مخاوف حقيقية من أن الصراع بين الحكومة الفدرالية وقوات الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي قد يتطور إلى معركة طويلة ووحشية، تزعزع الاستقرار في منطقة تعد من أكثر مناطق أفريقيا هشاشة.
وذكر التقرير الأممي وتحليلات لمنظمات إغاثية أن التوقعات بحدوث انتصار سريع وحاسم للقوات الحكومية في تيغراي “سيناريو متفائل”، مرجحة أن تشتد المقاومة هناك أكثر في ظل لجوء قوات الجبهة الشعبية للمرتفعات الجبلية شرقي ميكيلي عاصمة الإقليم.
وجاء في التقرير “رغم أن قوات الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي قد تكون تأثرت في البداية بسبب التقدم السريع لقوات الدفاع الإثيوبية، فإن طبيعة التضاريس في شرق الإقليم تجعل من السهل الدفاع عن المنطقة ووقف تقدم القوات الحكومية؛ وحينها قد يتحول منحى الصراع من حرب خاطفة إلى حرب استنزاف”.
كما أشارت الوثائق التي اطلعت عليها غارديان إلى أن القتال مستمر حتى في المناطق التي تزعم أديس أبابا أنها تخضع الآن لسيطرتها، رغم اعتراف محرري تلك الوثائق بأن هذه المعلومات من الصعب جدا التحقق منها.
وتؤكد الوثائق أن وحدات الجيش الإثيوبي الموجودة في الجبهة “المدربة تدريبا جيدا والمدججة بالسلاح” تتجاوز المدن الرئيسية لتجنب القتال المكلف في المناطق الحضرية، وتسارع نحو ميكيلي العاصمة، لكن المليشيات والقوات شبه العسكرية التي تتركها في تلك المناطق ليست مجهزة تجهيزا كافيا ولا منضبطة، وبالتالي فهي معرضة بشكل كبير للهجمات المضادة من قبل مقاتلي تيغراي.
صراع معقد
وتعكس الوثائق “صراعا معقدا ومتغيرا” عبر معظم مناطق تيغراي، مع تركز معظم الاشتباكات في غرب الإقليم، حيث سعت القوات الإثيوبية للتقدم نحو بلدة حميرة الإستراتيجية، وفي الجنوب الغربي على طول الطريق الرئيسي إلى ميكيلي. كما تواترت أنباء عن حدوث قتال عنيف حول بلدة ألاماتا، على بعد 6 أميال من الحدود مع محافظة أمهرة المجاورة الموالية بشدة للحكومة المركزية.
ويتوقع التقرير الأممي السري أن القوات الإثيوبية إن استمرت في تقدمها الحالي، فإن خطوط إمدادها ومناطقها الخلفية ستصبح مكشوفة وعرضة لهجمات “حرب العصابات”؛ مما سيزيد عدد الضحايا في صفوفها.
ويحذر التقرير من أنه “حتى لو نجحت قوات الدفاع الإثيوبية في مهمتها في السيطرة على العاصمة ميكيلي، فإن هذا لن يؤدي بالضرورة إلى إنهاء الصراع، بل من المحتمل أن يتطور إلى صراع وتمرد غير متكافئ طويل الأمد، كما أنه كلما استمر الصراع ستتفاقم حدة الأزمة الإنسانية” المترتبة عليه.