أصدر القضاء العسكري في تونس بطاقة جلب ضد النائب راشد الخياري بعد اتهامه للرئيس قيس سعيد بتلقي أموال من السفارة الأمريكية، في وقت لمّحت فيه حركة النهضة إلى وجود “تسوية سياسية” مع سعيد قد تتضمن التخلي عن رئيس الحكومة هشام المشيشي.
وأكد ناجي الجمل، رئيس لجنة النظام الداخلي والحصانة في البرلمان التونسي، أنّ النيابة العسكرية أصدرت بطاقة جلب في حق النائب راشد الخياري على خلفية الاتهامات التي توجه بها إلى الرئيس قيس سعيّد.
وأضاف، في تصريحات صحافية: “يوجد عديد الإشكاليات في علاقة بالقضية خاصة أنّ راشد الخياري مدني ويتم تتبعه في القضاء العسكري. وحتى اتهامه لرئيس الجمهورية كان في فترة ترشحه للانتخابات وليس بعد وصوله للرئاسة”.
وتابع بقوله: “إصدار بطاقة جلب في حق الخياري واعتباره في حالة تلبس غير منطقي وليس من حقهم إيقافهم إلا بعد موافقة البرلمان”.
فيما أكد مساعد رئيس البرلمان المكلف بالإعلام، ماهر مذيوب، أن مكتب مجلس نواب الشعب البرلمان عقد، الخميس، اجتماعاً استثنائياً للتداول في خبر صدور بطاقة جلب من النيابة العسكرية في حق النائب راشد الخياري، وقرر دعوته لتقديم إفادة كتابية لمكتب البرلمان، مشيراً إلى أنه سيتم على إثر ذلك النظر في الإجراءات التي سيتخذها البرلمان.
وكان الخياري أثار جدلاً كبيراً في تونس بعدما أكد، في فيديو بثه على صفحته في موقع فيسبوك، أنه يمتلك وثائق وفيديوهات حول تواصل الرئيس سعيد مع ضابط مخابرات يعمل في السفارة الأمريكية في باريس، وتلقيه أموالاً منه، خلال الانتخابات الرئاسية السابقة، عبر مدير حملته الانتخابية، فوزي الدعاس.
إلا أن الدعاس نفى هذه الادعاءات وتقدم بشكوى قضائية ضد الخياري، قبل أن يقوم القضاء باستدعاء الطرفين للتحقيق في هذه الاتهامات.
كما فنّدت السفارة الأمريكية في تونس ما ذكره الخياري، مشيرة إلى أن “حكومة الولايات المتحدة الأمريكية لم تقدم أي تمويل كان لدعم حملة الرئيس قيس سعيد الانتخابية. وتؤكد الولايات المتحدة في هذا الصدد على احترامها الكامل لنزاهة الديمقراطية التونسية واستقلاليتها”.
وتحدثت قيادات عدة في حركة النهضة عن وجود “تسوية سياسية” مع الرئيس قيس سعيد قد تتضمن التخلي عن رئيس الحكومة هشام المشيشي، حيث كشف القيادي في الحركة العجمي الوريمي عن مشاورات تجريها الحركة مع أطراف سياسية أخرى من أجل “تسوية سياسية” لإنهاء الخلاف القائم مع الرئيس قيس سعيد والعودة للحوار الوطني دون شروط أو إقصاء لأي طرف، مؤكداً تمسك النهضة بهشام المشيشي على رأس الحكومة، وأضاف: “لا خيار لرئيس الجمهورية أو رئيس الحكومة إلا أن يكونا جزءاً من الحل والمساهمة فيه”.
فيما دعا القيادي في حركة النهضة، عماد الحمامي، إلى تقديم تنازلات وتحكيم لغة العقل والحوار، بمبادرة المنظمات الوطنية وتدخلها للتهدئة، مشيراً إلى تأييده تخلي الحركة عن رئيس الحكومة هشام المشيشي إذا كان ذلك سيساهم في قبول الرئيس قيس سعيد الإشراف على الحوار الوطني. واعتبر غازي الشواشي، الأمين العام لحزب التيار الديمقراطي، أن حكومة هشام المشيشي “فشلت وأصبحت رهينة ابتزازات، وثمة استحالة للتعايش بينها وبين رئيس الدولة. والحل اليوم يكمن في رحيل هذه الحكومة ويكون البديل حكومة إنقاذ وطني، ومن غير الضروري أن تضم هذه الحكومة التيار الديمقراطي لكننا سندعمها من أجل مصلحة تونس”.
كما اعتبر أن الرئيس قيس سعيد هو القائد الأعلى للقوات المسلحة العسكريةّ، في حين أن الأمن الداخلي هو من صلاحيات وزير الداخلية الذي يعينه رئيس الحكومة، مضيفاً: “نحن نرى أنه لا يمكن أن نمنح شخصاً كل القوات المسلحة بين يديه. والمعركة الحقيقية اليوم هي توفير الأمان للتونسي وإعادة الثقة بينه وبين الدولة، وفتح الآفاق أمام الشباب حتى لا يشاركوا في رحلات الموت. فالطبقة السياسية فشلت في تحقيق ذلك، وكلهم أخلفوا وعودهم”.
وكان أمين عام اتحاد الشغل، نور الدين الطبوبي، أكد في وقت سابق أن الرئيس قيس سعيّد متمسك باستقالة رئيس الحكومة، هشام المشيشي، كشرط أساسي لبدء الحوار الوطني، وهو ما رفضه المشيشي الذي قال إن استقالته غير مطروحة.