شكلت العملية الفدائية البطولية التي وقعت في القدس المحتلة، ونفذها الشيخ فادي أبو شخيدم، أحد أئمة وخطباء مساجد القدس، ضربة موجعة للمنظومة الصهيونية، كونها شكلت انعطافة جديدة في العمل المقاوم الفلسطيني، وهو عودة “العمليات الفردية” البطولية، التي لا يمكن الحد منها أو مراقبتها، واستخدام أساليب متنوعة في تنفيذها، أوقعت خسائر لا يمكن حصرها على الاحتلال على كافة الأصعدة، التي ستتصاعد كما يقول المراقبون في المستقبل.
أزيز الرصاص الذي دوى على أعتاب المسجد الأقصى من المقاوم أبو شخيدم، أرسل رسالة للعدو الصهيوني أن المعركة الكبرى لتحرير الأقصى قادمة، وأن الشهيد أبو شخيدم شكل مدرسة فدائية في الدفاع عن الأقصى خاصة في توقيت ومكان العملية، واختياره باب السلسلة أكثر الأماكن تحصيناً وانتشاراً للاحتلال لتأمين عمليات الاقتحام للأقصى.
كثيرة هي العمليات الفدائية التي حدثت خلال الفترة السابقة، وستحدث في المستقبل، وذلك في ظل تغول الاحتلال على البشر والمقدسات وتجاوزه لكافة الخطوط الحمراء.
القانوع: انتفاضة الشعب الفلسطيني مستمرة لمواجهة التهجير والعدوان على “الأقصى”
المقاومة مستمرة
من جانبه، يقول المتحدث باسم حركة “حماس” عبداللطيف القانوع لـ”المجتمع”: إن عملية القدس البطولية تأتي في سياق الرد الطبيعي على جرائم الاحتلال في القدس، ومحاولاته لطرد وتهجير أصحاب الأرض الأصليين، مؤكداً أن هذه العملية جاءت لتؤكد حق الشعب الفلسطيني في مواجهة الاحتلال والدفاع عن نفسه.
وأكد القانوع أن انتفاضة الشعب الفلسطيني ضد الاحتلال والاقتحامات مستمرة لتواجه السياسات العنصرية للاحتلال، وتؤكد الإصرار المستمر لكبح جماح الاحتلال وسياسته، وإفشال كل مخططاته ضد المقدسات والأرض في القدس.
في سياق متصل، شكلت عملية القدس النوعية ضربة موجعة للاحتلال ولمنظومته الأمنية في ظل حالة التأهب المستمرة، ويقول وزير الحرب الصهيوني بيني غانتس في أعقاب عملية القدس: إننا في حالة حرب مستمرة، دون أن يشير لفشل قواته في إخماد روح المقاومة المشتعلة في القدس والضفة المحتلة، في ظل ما يحدث في أحياء الشيخ جراح وبطن الهوى والبلدة القديمة في القدس، ومخططات خطيرة للجمعيات الاستيطانية لإزالة قبة الصخرة، وعمليات استيطان مكثفة وتهجير لقرى وبلدات فلسطينية ضمن سياسة الضم الاستعمارية.
وعلقت وسائل إعلام صهيونية على العملية بالقول: إن عملية باب السلسلة في القدس تحمل في طياتها الكثير من الدلالات، وتشير إلى أن الانفجار في القدس والضفة الغربية اقترب أكثر وأكثر، وعودة العمليات الفردية المسلحة لا يمكن ضبطها والسيطرة عليها، وهذا سيضع الحكومة ورئيسها نفتالي بينيت في موضع حرج، بل ويهدد كل الائتلاف الحكومي.
رعب العمليات الفردية
بدوره، يؤكد المختص بالشأن الصهيوني رامي أبو زبيدة لـ”المجتمع” أن عملية القدس الفدائية إبداع في التخطيط والتنفيذ وتطور مهم، وما هي إلا رد فعل طبيعي على ما تمارسه قوات الاحتلال من عمليات بطش وتنكيل بحق الفلسطينيين وممتلكاتهم وبحق المقدسات والأراضي الفلسطينية، واستمرار الاحتلال في تغوله على المقدسات وطرد السكان الفلسطينيين أصحاب الأرض وهدم العقارات وغيرها من ممارسات الاحتلال الاستيطانية، دفعت وستدفع بالمزيد من الشباب الفلسطيني للقيام بدوره وواجبه في مواجهة هذه الغطرسة الصـهيونية.
وتابع: لا يمكن أن يقف الفلسطينيون مكتوفي الأيدي أمام تغول الاحتلال على الأرض والمقدسات والشعب الفلسطيني وتتصاعد عمليات “المقاومة الفردية”، في مواجهة جرائم الاحتلال الصهيوني ومستوطنيه، وتشكل رقماً صعباً وهاجساً مخيفاً لدى القادة الصهاينة، حيث فشل الاحتلال في توقعها أو الحد منها نظراً لعدم اتخاذها الطابع المنظم والهرمي في تشكيل الخلايا سواء اجتماعات أو تنسيق وخلافه، التي من الممكن إحباطها.
أبو زبيدة: رعب العمليات الفردية الفدائية كابوس يطارد الصهاينة
وأشار أبو زبيدة إلى أن منفذ عملية القدس الفدائية فادي أبو شخيدم حدد هدفه وقرر أن يثأر من الاحتلال وجرائمه في تدنيس الأقصى وتهويد الضفة المحتلة، فاجأ الاحتلال باستهداف جنوده ومستوطنيه بما أمكنه من إمكانات بسيطة، وضرب العدو من حيث لا يحتسب أو يتوقع، فلم يكن بالإمكان رصد خطته البعيدة عن كل وسائل التكنولوجيا أو العمل المنظم أو حتى التنبؤ بسلوكه الآتي على حين غرّة من ثغرة أمنية تمنحهم فرصةً للنجاح وامتلاك زمام المفاجأة، مشيراً إلى أن الميزة الجديدة لعملية القدس هي درجة الجرأة والتحدي لدى منفذها فادي أبو شخيدم، فهي حتى الآن تشكل أوج تلك الجرأة، تخطيطها ناجح ومحكم لأنها تتلافى رقابة أمن الاحتلال بالكتمان والسرية والاحتياطات الأمنية الفعّالة والكفاءة القتالية وهو ما أحدث إرباكاً لدى العدو.
وأكد أبو زبيدة أن لعملية البطولية النوعية دلالات عدة تلقي بظلالها على الساحة الفلسطينية ومجريات الأحداث اليومية، منها أن هذه العملية النوعية نصر عسكري وميداني على العدو الصهيوني ليس فقط باستهداف مكان محصن، بل بقدرة المقاوم على الوصول إلى عمق هذا الموقع مسلحاً وإصابة أهدافه بدقة وبسرعة فائقة، فاجأت العدو وفاقت كلّ توقعاته وأفشلت احتياطاته الأمنية الكبيرة، لافتاً إلى أنها جاءت في توقيت حاسم للقول للجميع: إن هناك احتلالاً ما زال قائماً على هذه الأرض، وإن محاولات البعض التطبيع مع هذا العدو ودمجه ستبوء بالفشل، كما كشفت العملية إخفاقاً أمنياً للكيان الصهيوني، حيث إن منفذ العملية متزوج وفاق عمره تصنيفات العدو لمنفذي العمليات بأنهم من صغار السن ليس لهم هدف بالحياة جاء فادي أبو شخيدم ليقلب تقديرات الاحتلال.
تكثيف العمليات الفدائية
وبين أبو زبيدة أن عملية القدس تؤكد أن مقاومة الشعب الفلسطيني ستظل حيّة طالما تواجد هذا المحتل على أرض فلسطين، وأن تصاعد انتهاكات الاحتلال وعــدوانه سيدفع نحو المزيد من أعمال الـمـقاومة الرافضة لكل تلك الممارسات العــدوانية، والمطلوب المراكمة على ما سبق من فعل مقاوم، فيوم عن يوم وعملية بعد عملية يستمد منفذو العمليات قدراً أكبر من الشجاعة، يستفيدون من الأخطاء السابقة ويفكرون بطرق ووسائل جديدة دون أن يتمكن أمن الاحتلال من رصد خططهم، لأنه ليس بمقدور الاحتلال الولوج بين الشخص ونفسه وهم لا يشركون أحداً معهم في التخطيط، وهو ما يشكل عقبة حقيقية تشل عامل التوقع والتنبؤ بل وسياسة “الضربة الاستباقية” التي ينتهجونها.