تمكنت، مع ضيق الوقت، من متابعة بعض ما ذكره الوزير الأسبق الأخ جاسم العون في برنامج «الصندوق الأسود»، ومع الكثير من الطرح الإيجابي الذي تميزت به بعض هذه الحلقات، إلا أنني توقفت عند بعض القضايا والأحداث التي لم يحسن الأخ الكريم طرحها بشكل سليم ومتوافق مع الوقائع.
القضية الأولى: انتخابات الرئاسة في مجلس 1992
ذكر الأخ الكريم أن القوى الوطنية كانت متفقة على رئاسة الأخ أحمد السعدون، واستنكر ترشح مبارك الدويلة لهذا المنصب! ويبدو أن الأخ العون غلبه النسيان في كثير من الوقائع، فبعد ظهور نتائج الانتخابات أعلن كل من جاسم الصقر، وعبدالعزيز العدساني، عليهما رحمة الله تعالى، بالإضافة إلى أحمد السعدون، ترشحهم لمنصب رئيس مجلس الأمة، وأظن جازماً أن الصقر، والعدساني من الكفاءات الوطنية، ولم يكونا من المحسوبين على التيار الحكومي، ولم يكن هناك أي اتفاق بين القوى السياسية على أي مرشح، فجاء دخولي للمنافسة بعد اجتماع 26 نائباً في ديوان الأخ غنام الجمهور، وبالإجماع تمت تزكيتي للترشح لمنصب الرئيس، وقد كان العم الفاضل جاسم الصقر قد أعلن انسحابه مسبقاً، وفات الأخ المحترم جاسم العون موقفي الذي ما زلت أفتخر به، حيث إنني بعد انحصار المنافسة بيننا نحن الثلاثة، أصبحت ضامناً للمنصب، فالحكومة لن تصوت للسعدون، والعدساني، اللذين تعتبرهما خصمين سياسيين، ووقتها لم تكن لي خصومة حادة مع الحكومة رغم تصنيفي من المعارضة السياسية، خاصة بعد موقفي في مجلس 1985، فكنت ضامناً أحد عشر صوتاً من الحكومة، بالإضافة إلى أغلبية نواب ديوان الجمهور، (ثلاثة منهم غيّروا موقفهم في آخر لحظة)، ومع هذا كان نجاحي بالمنصب مسألة وقت، وقبل جلسة الافتتاح بيوم واحد على ما أظن، اجتمع النواب عند بيت الأخ د. ناصر الصانع، لمناقشة تشكيل الحكومة وأمور أخرى، فقلت في نفسي: هل تقبل أن تصل لكرسي الرئاسة بأصوات الحكومة؟ كيف ستدير مجلساً للحكومة عليك فيه الفضل الأكبر لإدارته؟! عندها قررت أن أجري تصفية داخلية مع الأخ السعدون مجازفاً ومضحياً بأصوات الحكومة التي كانت كافية لضمان وصولي للمنصب! وهذا ما تم، فكانت النتيجة فوز الأخ السعدون بنتيجة 25 مقابل 22، بعد خروج العدساني، والنصار اعتراضاً على مبدأ التصفية المبكرة، ووجود ورقة بيضاء ذكر الأخ مشاري العنجري في لقاء سابق أنها ورقة عباس مناور رحمه الله، وهذا غير صحيح، فأبومطلق كان من المؤيدين لترشحي وبقوة، وأظن الورقة البيضاء كانت للأخ عايض علوش المطيري، ولعله من نافلة القول أن أذكر أن جاسم العون كان من المجتهدين حينها يدور بين النواب يطالبهم بالتصويت للسعدون، وهذا طبعاً حقه ما دام أن التكتل السلفي كان قد قرّر دعم الأخ الكبير أبوعبدالعزيز.
القضية الثانية: لجان التكافل أيام احتلال الكويت
أنكر الأخ المحترم جاسم العون في بعض كلامه وجود لجان تكافل كانت تدير المشهد المدني للكويتيين أثناء الاحتلال، وأستغرب هذا الإنكار من شخص كان له حضوره أثناء الاحتلال، وأتمنى ألا يكون السبب هو أن من شكّل هذه اللجان هم الإخوان في حينها! وللرد عليه سأذكر فقط ما حدث في منطقة العمرية يوم الجمعة الموافق 3/ 8/ 1990 بعد صلاة العشاء في مسجد معقل بن يسار في قطعة (3)، حيث جمعت أهل العمرية وكان عددهم يتجاوز المئات، وخطبت فيهم أحثهم على الحذر والحيطة والصبر والتكاتف لإدارة شؤون حياتنا، بعد أن أصبح البلد بلا إدارة حكومية، وشكلنا حينها عدداً من اللجان المختصة بإدارة الجمعية والنظافة والحراسة والتموين وغيرها، وما حدث في العمرية حدث في معظم مناطق الكويت، ونقول هذا الكلام والناس ما زالوا موجودين، ورحم الله من توفي، فكيف ينكر الأخ العون وجود لجان أهل الكويت اليوم هم من يشهدون على وجودها؟!
أدركني الوقت ومساحة الكتابة، ولعلي أجد فرصة أخرى لتصحيح بعض ما جانب الصواب فيه كلام الأخ جاسم العون في «الصندوق الأسود».
________________________________
يُنشر بالتزامن مع صحيفة “القبس” الكويتية.