كتبت فيفيان لي -مراسلة صحيفة “نيويورك تايمز” (New York Times) لشؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا- أن الرئيس التونسي قيس سعيد استحوذ على سلطة شبه مطلقة خلال الأشهر الثمانية الماضية، بعدما عزل البرلمان واعتقل المعارضين وحكم بمرسوم باسم الشعب التونسي.
ودعا الشعب -في مهمة عينها بنفسه- إلى “إنقاذ التونسيين العاديين من نظامهم السياسي الفاسد والاقتصاد المنهك للانضمام إلى حوار وطني هذا الشتاء يساعدون فيه على صياغة دستور جديد”.
وأردفت مديرة مكتب الصحيفة -في تقريرها من القاهرة- أن نحو نصف مليون تونسي فقط، من بين ما يقرب من 12 مليون نسمة، شاركوا في المشاورة عبر الإنترنت التي بلغت مدتها شهران الأحد الماضي، وفقا لإحصاءات حكومية.
وذكرت أن ضعف الإقبال قد يعكس مشاكل إمكانية الوصول إلى الإنترنت، حيث لا يتوفر لدى كثير من السكان الاتصال بالإنترنت، لا سيما في المناطق الريفية، لكن التونسيين والمحللين قالوا إن كثيرا من الناس فقدوا الاهتمام بإصلاحات سعيد، لأن وعوده -التي قوبلت بالنشوة بعد استيلائه على السلطة في 25 يوليو/تموز الماضي- لم تتحقق.
فقد قالت طالبة الاقتصاد زينب شوشين (23 عاما) إن “هذا النظام مزيف ومجنون. وفي النهاية، أشك في أن هذه العملية ستؤدي إلى أي شيء ملموس. ولا أعتقد أن قيس سعيد يمكنه تغيير أي شيء حقا”.
وألمحت الكاتبة إلى أن اقتصاد البلاد انتقل من الركود إلى الأسوأ، مع ندرة فرص العمل للشباب وتأخر الدولة في دفع رواتب الموظفين العموميين. وشهدت أسعار المواد الأساسية، مثل الدقيق والسكر والنفط، ارتفاعا حتى قبل الحرب الروسية على أوكرانيا، التي أدت إلى ارتفاع أكثر، لأن هذين البلدين يوفران الكثير من القمح والمؤن الأخرى للعالم. وأشارت إلى احتجاج نحو ألفي شخص ضد سعيد -الأحد الماضي- في تونس العاصمة، وقالت إنه الاحتجاج الأحدث في سلسلة من المظاهرات.
ونقلت الكاتبة عن المحلل يوسف شريف، مدير “مراكز كولومبيا العالمية في تونس” (Columbia Global Centers in Tunis)، قوله إن “معظم الناس لا يهتمون في الواقع بالنظام السياسي؛ وما يريدونه هو تغيير الظروف الاجتماعية والاقتصادية”.
وأشار شريف إلى أن العديد من التونسيين أيدوا سعيد في البداية، لأنهم كانوا يأملون أن يتمكن من تغيير مسار الاقتصاد، “وليس لأنهم يريدون المشاركة في مشروع سياسي كبير، مثل المشروع الذي يقدمه لهم الرئيس”.
وأضاف أمين المصمودي -طبيب عمره 36 عاما من مدينة سوسة الساحلية- أنه بينما كان يشارك عادة في الانتخابات ويتابع السياسة عن كثب، فقد رفض التسجيل في المشاورة، لأنها بدت موجهة أكثر لشرعنة أفكار سعيد.
وقال إنه إذا كانت المشاورة تريد مشاركة أكثر وأعمق للجمهور، فكان ينبغي للحكومة أن تتشارك مع المجتمع المدني والجماعات السياسية.
وقال “يبدو إلى حد كبير وكأنه تصويت على الثقة برئيس الجمهورية. وقد يفرض (الرئيس) شيئا ما بالقول، على سبيل المثال، إن 500 ألف تونسي أرادوا هذا الأمر. وهذا شيء يجعلني في الحقيقة خائفا بعض الشيء”.
واختتمت الصحيفة تقريرها بما قاله المحلل شريف إن النتائج أوضحت العكس، وهو أن سعيد خسر ثقة العديد من التونسيين الذين “لا يتبعون ما يقوله لمجرد أنه يقوله”.