يستقبل المسلمون، الاثنين، شهر رجب من السنة الهجرية 1444، وغير ارتباطه باقتراب شهر رمضان الكريم، فللشهر السابع في العام الهجري دلالات أخرى.
وجرت أحداث غزوة (تبوك) آخر غزوة شارك فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحقق فيها انتصارًا للمسلمين، في شهر رجب من السنة التاسعة الهجرية (عام 630 م).
وقال الله سبحانه وتعالى عن الأشهر الحرم -ورجب أحدها- في الآية 36 من سورة التوبة {إنَّ عدَّةَ الشهورِ عندَ اللهِ اثنا عشَرَ شهرًا في كتابِ اللهِ يومَ خلقَ السمواتِ والأرضَ منها أربعةٌ حُرُم}.
وجاء في الصحيحين عن أبي بَكْرَةَ نُفَيْعِ بنِ الحارثِ عن النَّبيِّ ﷺ قَالَ: “إِنَّ الزَّمَانَ قَدِ اسْتَدَارَ كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ خَلَقَ اللهُ السمواتِ والأَرْضَ: السَّنةُ اثْنَا عَشَر شَهْرًا، مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُم: ثَلاثٌ مُتَوَالِيَاتٌ: ذُو الْقعْدة، وَذو الْحجَّةِ، والْمُحرَّمُ، وَرجُب مُضَر الَّذِي بَيْنَ جُمادَى وَشَعْبَانَ..”.
ووصف الشيخ متولي الشعراوي -رحمه الله- في أحد مجالسه الأشهر الحرم بـ”الذروة” التي ينفض فيها المسلم عنه البغضاء، ويتقرب إلى الله أكثر بالأعمال الصالحة.
ويستعد المسلم لشهر رمضان في رجب بشحذ الهمّة والبدء بالصيام وبعض القيام والإكثار من الدعاء والذكر، حتى يدخل سيد الشهور، رمضان، باستعداد كامل.
وورد أن الناس في الجاهلية كانوا يخصصون في هذا الوقت من السنة ذبيحة تسمى (العتيرة) إلى أن أبطلها الإسلام، وقال رسول الله ﷺ عنها “لا فرع ولا عتيرة”.
ولم يخص رسول الله شهر رجب بعبادات دون غيره، وقال ابن تيمية “لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في رجب حديث، بل عامة الأحاديث المأثورة فيه عن النبي ﷺ كلها كذب”، ويقول الإمام ابن حجر العسقلاني “لم يرد شيء في فضل شهر رجب، ولا في صيامه، ولا في صيام شيء منه معيَّن، ولا في قيام ليلة مخصوصة فيه”.
ولم يأت الصحابة والعلماء صيام أيام معينة في رجب دون غيره، عدا صيام الأيام البيض (13 و14 و15) كباقي الأشهر الهجرية، أو صيام سُنة الاثنين والخميس، أو صيام يوم وإفطار يوم.
وقال الإمام ابن حجر “هذا النّهي مُنصرِف إلى من يصومُه مُعَظِّمًا لأمر الجاهليّة، أما إنْ صامه لقصد الصوم في الجملة من غير أن يجعله حتْمًا أو يخُصَّ منه أيّامًا معيّنة يواظِب على صومِها، أو لياليَ معيَّنةً يواظِب على قيامِها، بحيث يَظُنُّ أنها سُنَّة، فهذا من فعله مع السلامة ممّا استثنى فلا بأسَ به”.
وإليكم أهم الأحداث التاريخية التي شهدها العالم الإسلامى خلال هذا الشهر
غزوةُ تبوك
هي الغزوة التي خرج الرسول محمد “ص” بعد العودة من حصار الطائف بنحو ستة أشهر، وتُعد آخر الغزوات التي خاضها الرسول.
بدأت تداعيات تلك الغزوة عندما قرر الرومان إنهاء القوة الإسلامية التي أخذت تهدد الكيان الروماني المسيطر على المنطقة، فخرجت جيوش الروم العرمرمية بقوى رومانية وعربية تقدر بأربعين ألف مقاتل قابلها ثلاثين ألف من الجيش الإسلامي.
انتهت المعركة بلا صدام أو قتال لأن الجيش الروماني تشتت وتبدد في البلاد خوفًا من المواجهة، مما رسم تغيرات عسكرية في المنطقة جعلت حلفاء الروم يتخلون عنها ويحالفون العرب كقوة أولى في المنطقة.
وفاة النجاشي ملِك الحبشة
توفي على الإسلام في السنة التاسعة للهجرة من شهر رجب وكان رجلا صالحًا وليًّا لجأ إليه جمع من الصحابة بإشارة من الرسول وكان فيهم جعفرُ بن أبي طالب، فعرضوا عليه الإسلام فأسلم وصار من الصالحين، وصلى عليه الرسول صلاةَ الغائب لما مات.
وفاة الخليفة الراشد عمرُ بن عبدالعزيز رضي الله عنه
توفي لخمس بقينَ من رجب سنة إحدى ومائة عن تسع وثلاثينَ من عمره، وكان عالما وليًّا تقيًا زاهدًا، وهو الذي منع سبّ سيدنا عليّ على المنابر وهو الخليفة السادس الراشد بعد سيدنا الحسن بن علي رضي الله عنهم أجمعين.
وفاة الإمام الشافعي رضي اللهُ عنه
توفي في رجب سنة أربعةٍ ومائتين عن أربع وخمسين سنة ودفن في مصر. وهو الإمام المشهور صاحبُ المذهب المعروف. وقد ورد فيه حديث صحيح رواه الترمذيّ “عالِم قريشٍ يملأ طباقَ الأرضِ علمًا” ولد في فلسطين وسكنَ العراق ثم سكن مصرَ وتوفي فيها، ومقامُه فيها مشهور يُزار ويُتبرك به في مصر القديمة.
ذكرى الإسراء والمعراج
في السابع والعشرين من رجب وفيها أسري بالنبي صلى الله عليه وسلم من بيت أمّ هانئ في مكةَ إلى المسجد الأقصى، حيث جُمع له النبيون جميعًا فصلى بهم إمامًا إظهارًا لشرفه وقدرِه وأنه أفضل خلق الله أجمعين
أحاديث لا تصح
وأورد موقع الدرر السنية المتخصص في الأحاديث النبوية مجموعة من الأحاديث التي خلص إلى أنها لا تصح، وبينها ما هو منتشر ومشتهر، قائلًا إنها تدور ما بين باطل وموضوع وضعيف، بينها:
حديث: (اللهمَّ بارك لنا في رجب وشعبان، وبلِّغنا رمضان).
حديث: (فضل شهر رجب على الشهور كفضل القرآن على سائر الكلام).
حديث: (رجب شهرُ الله، وشعبان شهري، ورمضان شهر أمتي).
حديث: (لا تَغفُلوا عن أوَّل جُمُعة من رجب؛ فإنها ليلة تسمِّيها الملائكة الرغائب…) وذكر الحديث المكذوب بطوله.
حديث: (رجب شهر عظيم، يضاعف الله فيه الحسنات، فمَن صام يومًا من رجب، فكأنَّما صام سَنة، ومَن صام منه سبعة أيام، غُلقت عنه سبعة أبواب جهنم، ومَن صام منه ثمانية أيام، فُتحت له ثمانية أبواب الجنة، ومَن صام منه عشرة أيام، لم يَسأل اللهَ إلا أعطاه، ومَن صام منه خمسة عشر يومًا، نادى مناد في السماء: قد غُفر لك ما مضى فاستأنف العمل، ومَن زاد زاده الله، وفي رجب حمَل الله نوحًا فصام رجب، وأمر من معه أن يصوموا، فجرت سبعة أشهر أُخر، ذلك يوم عاشوراء، أُهبط على الجُودي، فصام نوح ومَن معه والوحش شُكرًا لله عز وجل، وفي يوم عاشوراء فلَق الله البحر لبني إسرائيل، وفي يوم عاشوراء تاب الله عز وجل على آدم صلى الله عليه وسلم، وعلى مدينة يونس، وفيه وُلد إبراهيم صلى الله عليه وسلم).
حديث: (مَن صلى بعد المغرب أوَّل ليلة من رجب عشرين ركعةً، جاز على الصراط بلا نجاسة).
حديث: (من صام يومًا من رجب، وصلى ركعتين يقرأ في كل ركعة مئة مرة آية الكرسي، وفي الثانية مئة مرة قل هو الله أحد، لم يمُت حتى يرى مقعدَه من الجنة)).
حديث: (مَن صام ثلاثة أيام من شهرٍ حرامٍ: الخميس والجمعة والسَّبت، كتب الله له عبادة تِسعمئة سنة -وفي لفظ- ستين سنة).
حديث: (صوم أول يوم من رجب كفّارة ثلاث سنين، والثاني كفّارة سنتين، ثم كلّ يوم شهرًا).