وسائل التواصل الاجتماعي هي نعمة من النعم الكثيرة التي منّ الله علينا بها، ولقد كثر الحديث عنها في السنوات الأخيرة بسبب أنها صارت جزءًا من الاستخدام اليومي في الحياة، بل أصبحت لدى البعض إدمانًا لا مفر له منه. ولكن هل تصبح هذه الخدمة يومًا ما نقمة؟!
إن ازدياد التعلق بوسائل التواصل الاجتماعي سوف يؤثر على العلاقات الأسرية والاجتماعية والإنسانية كلما ازداد التعلق بها (وسائل التواصل الاجتماعي) أكثر وأكثر، فإن ذلك سوف يؤثر حتما على العلاقات الأسرية والاجتماعية والإنسانية وستكون هناك آثار سلبية لهذه الوسائل منها التباهي والتفاخر من خلال هذه الوسائل بالأشياء والمقتنيات والمشتريات والممتلكات والسفريات على اختلاف أنواعها وأشكالها.
لقد أصبح الحديث في وسائل التواصل الاجتماعي عن المقتنيات والمنازل والطعام والشراس هوس عند البعض والذي ينتقل بدوره إلى مرحلة التباهي والتفاخر بها، وفي ظل الأزمات المتتالية التي يمر بها العالم ووجود أناس لايمكلون ما يطعمون به أنفسهم فأصبح الأمر أكثر تعقيداً لذلك يقول الداعية الإسلامي الشيخ محمد العوضي ” أخفضوا ضجيج نعيمكم فإن حولكم أناس يتألمون” مشيراً إلى أن هذه الحكمة يجب أن تقال لمن رزقه الله سبحانه وتعالى رزقاً واسعاً بألا يستعرض نعمة على الآخرين مشيراً إلى أن استعراض النعم على مواقع التواصل الاجتماعي سواء أكانت تخص البيوت أو الملبوسات أو المأكولات أو القصور أو السيارات أشبه بالهوس متسائلاً هل من يقومون بهذا الأمر يشعرون بما يحدث في العالم؟ فلنشعر بالآخرين ولنخفف هذا الاستعراض الذي يخرج بطريقة أشبه ما تكون بالهوس
وأكد د. العوضي أن معالجة هذا الأمر حينما يدرك المرء أن قيمته ليست بما يملك وعندما تتوازن نظرة المرء لذاته فقيمة الإنسان الحقيقية ليست بما يملك من ماديات وإنما بما يملكه من شعور وإحساس بالآخرين ومساعدتهم فقد قال تعالي “لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون وما تنفقوا من شيء فإن الله به عليم” متسائلا: هل نحن بالفعل ننفق مما نحب؟ فكلما كانت درجة الحب لهذه النعمة قوية وينفقها الإنسان فهو يمتحن ذاته ويعطي قيمة عليا لمن يحتاج من اخوانه في هذه الدنيا.
هذا وقد أكد أستاذ الفقه والدراسات الإسلامية الدكتور منذر زيتون، أن إظهار نعم الله والاعتراف بها وحمده عليها دوما يعد عبادة عظيمة من العبادات التي يحبها الله، وقال تعالى “اذكروني أذكركم واشكروا لي ولا تكفرون”، الكفر يكون بإخفاء نعم الله وإنكارها والتظاهر بالفقر، وعند سؤال هؤلاء الأشخاص دائماً ما يكون جوابهم بالتذمر والشكوى من عدم المقدرة على كفايتهم في أمور الحياة، ولا يحمد الله على نعمه الكثيرة التي قد تكون مادية أو معنوية كثيرة ويفتقدها غيره.
ويرى زيتون في تصريح سابق له على صحيفة الغد الأردنية أن أصل الشكر في الاصطلاح الفقهي هو “إظهار أثر نعمة الله على الإنسان بالقول والفعل”، وربنا حث الإنسان على إظهار النعم، وأن يكون الجواب أنه يحيا بنعم الله لا ينقصه شيء، والإنسان مهما كان وضعه فهو مُحاط بالنعم المختلفة، ومنها نعم يغفل عنها الإنسان مثل “الهدوء، الرضا، السكينة، البعد عن المصائب..”، وغيرها الكثير، والله تعالى مدح الشاكرين من أمته من الرسل وعامة الناس.
لذلك يؤكد زيتون أن الاعتراف بالنعمة يتطلب من الإنسان أن يكون حامداً الله تعالى عليها والثناء باللسان ويحدث الناس بأنه صاحب نعمة ومحاباة من الله، والنبي عليه السلام كان دائماً يدعو بقوله “اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك، وبمعافاتك من عقوبتك، وأعوذ بك منك، لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك”، بمعنى أن نعم الله كثيرة وتستحق الحمد.
وينصح زيتون كل إنسان بالمواظبة على الشكر ولا يشكو القلة من أي شيء، فحرمان البعض من النعم له حكمة من عند الله، وما قلل من شيء إلا أعطانا بدلاً منه، ولا يوجد إنسان مكتمل من النعم، مهما كان، ودائماً إذا سئل يشكر الله، ولا يبدأ بالشكوى والتذمر، وهو “جحود ونكران”، والله لا يحب أن ينكر عليه الناس نعمه، وقيل في الأمثال “بالشكر تزيد النعم، وبالإنكار تكثر النقم”.