توافق اليوم الذكرى السنوية الـ19 لاغتيال طائرات الاحتلال الحربية الصهيونية لمؤسس حركة المقاومة الإسلامية (حماس) الشيخ أحمد ياسين بعد أدائه صلاة الفجر في مسجد المجمع الإسلامي بحي الصبرة بمدينة غزة.
وأكدت حركة «حماس»، في ذكرى استشهاد مؤسسها، أنَّها ماضية على دربه، ثابتة على نهجه، متمسكة بخيار المقاومة الشاملة، وبتعزيز الوحدة الوطنية وتمتين أواصرها في مواجهة مخططات الاحتلال وحكومته الفاشية ضدّ أرضنا وشعبنا وأسرانا ومقدساتنا.
إمام المقاومين
وقالت الحركة، في تصريح صحفي، اليوم الأربعاء: يمرّ اليوم تسعة عشر عاماً على ارتقاء شيخ المجاهدين وإمام المقاومين في فلسطين، بعد حياة حافلة بالتضحية والجهاد والصَّبر والرّباط، في كل ميادين الإعداد التربوي والسياسي والعسكري، ختمها بأسمى أمانيه، التي طالما أسّس لها بكل إيمان وثبات ويقين في نفوس أجيال فلسطين، لتثمر في محطات الصراع مع العدو الصهيوني، تمسكاً بالحقوق والثوابت الوطنية، وانتصاراً في معارك بطولية، لم يكن آخرها معركة «سيف القدس» في قطاع غزّة، وملاحم ثورية لن تتوقف، يصنعها شبابنا المنتفض في عموم الضفة الغربية المحتلة والقدس.
وأضافت أنَّ البذرة التي زرعها الشيخ المؤسّس في أرض فلسطين، وشاركه في حمايتها وتعاهدها ثلة من القادة المؤسّسين الأبطال، منهم من ارتقى شهيداً، ومنهم من قضى نحبه، ومنهم من ينتظر وما بدّلوا تبديلاً، قد نمت وتأصَّلت وازدادت تجذراً ورسوخاً، على جميع الأصعدة الجهادية والسياسية والدبلوماسية والإعلامية، بما تملكه الحركة من رصيد نضالي مؤثّر، واحتضان شعبي عميق وعلاقات وطنية وطيدة، في كل ساحات الوطن، وفي الشتات ومخيمات اللجوء، وكذا في حضور عربي وإسلامي فاعل، وغدت رقماً قوياً في معادلة الصراع مع العدو الصهيوني.
ودعت الحركة جماهير الشعب الفلسطيني في كل ساحات الوطن وخارجه، إلى استلهام دروس البذل والعطاء من حياة شيخ فلسطين، في الدفاع عن الأرض والمقدسات، وفي القلب منها القدس والمسجد الأقصى المبارك، حتّى دحر الاحتلال وزواله عن أرضنا التاريخية.
محطات مهمة في حياة الياسين
وُلد الشيخ أحمد ياسين في قرية الجورة التابعة لقضاء المجدل جنوب قطاع غزة عام 1936، ثم لجأ مع أسرته إلى قطاع غزة بعد حرب العام 1948.
تعرض وهو في السادسة عشرة من عمره لحادثة أليمة أثناء ممارسته الرياضة على شاطئ بحر غزة مع أقرانه منتصف يوليو عام 1952، مما نتج عنه شلل تام في جميع أطرافه.
عمل مدرساً للغة العربية والتربية الإسلامية ثم واعظاً وخطيباً في مساجد غزة، وأصبح في ظل الاحتلال أشهر خطيب عرفه قطاع غزة لقوة حجته وجسارته في الحق.
حرص على استقطاب الطلاب وتوجيههم إلى المساجد لتربيتهم تربية إسلامية قويمة، وعمل على تشكيل مجموعات طلابية في المساجد، تمارس نشاطها الرياضي والثقافي من خلال حلقات الدروس والمسابقات الرياضية والرحلات التي كان يقيمها الشيخ ومساعدوه، ليسهم إسهامًا كبيرًا في عملية التربية الإيمانية والجهادية للجيل الناشئ.
وبعد احتلال الأراضي الفلسطينية عام 1967، استمر الشيخ أحمد ياسين في إلهاب مشاعر الفلسطينيين من خلال خطاباته الداعية إلى مقاومة الاحتلال «الإسرائيلي»، وأسس الجمعية الإسلامية، ثم المجمع الإسلامي، وكان له الدور البارز في تأسيس الجامعة الإسلامية، ومن ثم أسس “المجاهدون الفلسطينيون”، وهو الجناح العسكري لحركة «حماس» قبل التأسيس، والذي قاده وشارك في تأسيسه الشيخ الشهيد صلاح شحادة.
اعتُقل عام 1983 بتهمة حيازة أسلحة وتشكيل تنظيم عسكري والتحريض على إزالة الدولة اليهودية من الوجود، وأصدرت عليه المحكمة الصهيونية حكماً بالسجن 13 عاماً، أُفرج عنه عام 1985 في إطار عملية تبادل للأسرى بين سلطات الاحتلال والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين.
وفي ديسمبر 1987، أسس الشيخ ياسين مع مجموعة من قادة العمل الإسلامي حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، وتعرَّض للتهديد بالإبعاد، وداهمت قوات الاحتلال منزله أواخر أغسطس 1988، وفتشته وهدَّدته بنفيه إلى لبنان.
ألقى الاحتلال «الإسرائيلي» القبض عليه مع المئات من أبناء الشعب الفلسطيني عام 1989 في محاولة لوقف المقاومة المسلحة التي أخذت آنذاك طابع الهجمات بالسلاح الأبيض على الجنود والمستوطنين.
وفي العام 1991 أصدر الاحتلال «الإسرائيلي» حكماً بسجن الشيخ مدى الحياة إضافة إلى 15 عاماً أخرى بتهمة التحريض على اختطاف وقتْل جنود صهاينة وتأسيس حركة «حماس» وجهازيها العسكري والأمني.
أُفرج عنه في 1997 بموجب اتفاق تم التوصل إليه بين الأردن والاحتلال «الإسرائيلي» إثر العملية الإرهابية الفاشلة التي نفذها «الموساد» في الأردن، التي استهدفت حياة خالد مشعل، رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» آنذاك.
وفور الإفراج عنه، عمل الشهيد ياسين على إعادة تنظيم صفوف «حماس» من جديد عقب تفكيك بنى الحركة من أجهزة الأمن الفلسطينية آنذاك، وشهدت علاقته بها فترات مد وجزر، حيث وصلت الأمور أحيانًا إلى فرض الإقامة الجبرية عليه وقطع الاتصالات عنه.
ومع إصراره على مواصلة طريق المقاومة ومعارضته لاتفاق أوسلو، ورغم فرض الإقامة الجبرية عليه، فإنه ظل محافظًا على الخطاب الوحدوي الضامن لوحدة الشعب الفلسطيني.
ونجا الشيخ ياسين من محاولتي اغتيال صهيونية، الأولى كانت في رمضان عام 2002 بمسجد الرحمة في منطقة الصبرة، والثانية في عام 2003 عندما كان بشقة سكنية وسط مدينة غزة، برفقة مجموعة من قيادات «حماس».
وأولى الشيخ ياسين أهمية كبيرة لقضية الأسرى الفلسطينيين وحريتهم والعمل على إطلاق سراحهم بكل الوسائل الممكنة، حتى باتت كلماته ومواقفه ترددها الأجيال من بعده، وليس أدل على ذلك من مقولته المشهورة: «بدنا أولادنا يروحوا غصباً عنهم».
ووفاء لعهد الشيخ بتحرير الأسرى نجحت «كتائب الشهيد عز الدين القسام»، الجناح العسكري لحركة «حماس»، بتحرير 1047 أسيراً وأسيرة، في صفقة «وفاء الأحرار»، التي تمت في 18 أكتوبر 2011.
من أقواله:
– «يا أيها الشباب.. أنتم القوة وأنتم المستقبل وأنتم حياة الأمة.. بالجهاد عزنا وبالقتال عزنا وبالاستشهاد عزنا، أما الاستسلام فهو طريق الذل والهوان.. هو طريق الخزي والعار.. بارك الله فيكم وبجهودكم وتضحياتكم وثباتكم».
– «إسرائيل قامت على الظلم والاغتصاب، وكل كيان يقوم على الظلم والاغتصاب مصيره الدمار».
– «أنا إنسان عشت حياتي.. أملي واحد «أملي أن يرضى الله عني»، ورضاه لا يكتسب إلا بطاعته، وطاعة الله تتمثل في الجهاد».
– «أنا كرست حياتي للعمل وليس للكتابة.. فإن تعلمت آية أو حديثاً قمت وعلمته للناس».
– «النصر قادم والتحرير قادم.. المهم أن نجعل مع دعائنا شيئاً من العمل لدعم شعب فلسطين».
– «سينتصر الإسلام، وسيهزم المشروع الأمريكي والصهيوني على فلسطين بإذن الله».
شهيد الفجر
فجر 22 مارس 2004، أقدم الاحتلال الصهيوني وبإشراف مباشر من رئيس وزرائه آنذاك آرئيل شارون على اغتيال الشيخ ياسين، بإطلاق عدة صواريخ على عربته بعد خروجه من مسجد المجمع الإسلامي القريب من منزله في حي الصبرة جنوب مدينة غزة، حيث قضى شهيداً وعدد من المرافقين له.