منذ اجتياح المقاومة الفلسطينية لغلاف غزة، في 7 أكتوبر 2023م؛ ما لبثت شعوب القارة الأفريقية تدعم وتساند القضية الفلسطينية، رغم تطبيع كثير من الدول الأفريقية مع الكيان الصهيوني، وكانت معركة «طوفان الأقصى» باعثاً لهذا التآزر والانتفاض لدى شعوب القارة، سواء على المستوى الرسمي أو الشعبي.
في هذا التقرير، نتعرض لفعاليات وردود فعل بعض الدول الأفريقية على معركة «طوفان الأقصى» والعدوان «الإسرائيلي» على غزة.
جنوب أفريقيا.. تفاعل رسمي وشعبي
أكد حزب المؤتمر الوطني الأفريقي، الحزب الحاكم بجنوب أفريقيا، السبت 14 أكتوبر، دعمه لفلسطين مع استمرار تصاعد الصراع مع «إسرائيل»، وارتدى الرئيس سيريل رامافوزا إلى جانب بقية أعضاء اللجنة التنفيذية الوطنية للحزب، اللون الأسود مع لف الأوشحة الفلسطينية حول أعناقهم تضامناً مع فلسطين(1).
قال رامافوزا: إن دعوة الحكومة «الإسرائيلية» لإخلاء 1.1 مليون شخص من غزة ستؤدي إلى إبادة جماعية، وقال: إن الفلسطينيين يواجهون نضالاً من أجل العدالة، إن حقوقهم الإنسانية تُنتهك»(2).
كما لوح أعضاء المؤتمر الوطني الأفريقي بالعلم الفلسطيني تضامناً مع فلسطين، ووجه الرئيس انتقادات شديدة لـ«إسرائيل»، قائلاً: إن الكثيرين ينظرون إلى البلاد على أنها دولة فصل عنصري تواصل قمع الشعب الفلسطيني، وقال: إن حزب المؤتمر الوطني الأفريقي يقف إلى جانب فلسطين ومواطنيها المضطهدين منذ أكثر من 70 عاماً، للتشابه بين فلسطين وتاريخ الفصل العنصري في جنوب أفريقيا.
وأفاد الصحفي من جنوب أفريقيا عبدالعزيز أبو بكر، في حديثه لـ«المجتمع»، أن هناك فعاليات عدة قامت في جنوب أفريقيا على المستوى الشعبي لدعم القضية الفلسطينية والتنديد بالعدوان «الإسرائيلي» على غزة، وقال: إن التظاهرات كانت في مدينتي كيب تاون وجوهانسبرج، كما قامت فعاليات في مساجد العاصمة.
كما قالت عضوة تحالف التضامن الفلسطيني بجنوب أفريقيا، د. خديجة يوسف: إن سكان جنوب أفريقيا يرون المحنة الفلسطينية في ضوء مختلف؛ يرونه كنضالهم الخاص وكفاحهم من أجل الحرية.
وتعتقد خديجة أن ما قاله الزعيم نيلسون مانديلا في كلمته الشهيرة عن التضامن مع فلسطين: «نحن نعلم جيداً أن حريتنا غير مكتملة بدون حرية الفلسطينيين»؛ هي الأيديولوجية التي يتبناها سكان جنوب أفريقيا.
وأضافت أن هذا هو الموقف الجماعي لجمهورية جنوب أفريقيا؛ التي تتنوع في الأجناس والأعراق والمعتقدات، وهو إدانة المحتلين وإدانة جرائم «إسرائيل» الوحشية المستمرة، وأكدت خديجة، في حديثها لـ«المجتمع»، التضامن الكامل مع شعب فلسطين، وأن جنوب أفريقيا لن تغض الطرف عن نظام الفصل العنصري الذي لم يلحق الظلم بشعب فلسطين فحسب، بل أدى دوراً في عقوبات الفصل العنصري على جنوب أفريقيا.
موريتانيا.. الأحزاب السياسية تتفاعل
يتميز الشعب الموريتاني بولائه الدائم للقضية الفلسطينية، وقد أفاد الصحفي الموريتاني المصطفى أنجيه، في حديثه لـ«المجتمع»، أن الموريتانيين يتابعون ما يجري الآن في فلسطين باهتمام شديد، ولا حديث في الفضاء العام الموريتاني يعلو فوق ما يجري في الأراضي الفلسطينية، والجميع يتابع ويشارك ويدعو.
كما أفاد أنجيه أن الشعب الموريتاني يرى أن عملية «طوفان الأقصى» قد أحدثت نقطة تحول في مسار الصراع، إذ إن ما بعدها ليس كما كان قبلها، ويستبشرون بكونها قد تمهد لانفراجة جديدة ونصر مبين لإخوتنا الفلسطينيين خاصة الأسرى منهم.
وقد صدر بيان من الاتحاد الوطني لطلبة موريتانيا، أكبر نقابة طلابية في موريتانيا، أشاد بالعمل البطولي للمقاومة، ودعت الشعب الموريتاني للدعم والمناصرة بكل الوسائل المتاحة، والمشاركة الفعالة لنصرة القضية الفلسطينية.
كما نظمت كافة الأحزاب السياسية بموريتانيا مهرجاناً جماهيرياً مشتركاً دعماً لفلسطين، الثلاثاء 10 أكتوبر، في العاصمة نواكشوط، بمشاركة ممثلين عن مختلف الأحزاب السياسية في البلاد.
وكانت غالبية الأحزاب السياسية الموريتانية أصدرت بيانات دعت فيها لمؤازرة الشعب الفلسطيني ودعمه، بعد ما أطلقت فصائل المقاومة فلسطينية معركة «طوفان الأقصى»، السبت 7 أكتوبر، ضد «إسرائيل»؛ رداً على اعتداءات «الإسرائيليين» المتواصلة بحق الشعب الفلسطيني.
السنغال.. تحالف لدعم القضية
في هذه اللحظات التاريخية، كانت السنغال من أبرز الدول الأفريقية التي أعلنت دعمها للقضية الفلسطينية، وقد أفاد الصحفي السنغالي محمد منصور، في حديثه لـ«المجتمع»، أنه على المستوى الرسمي أصدرت وزارة الخارجية بيان إدانة الهجمات ودعت إلى وقف التصعيد وممارسة ضبط النفس، بينما على مستوى الشعبي أصدر التحالف الوطني لدعم القضية الفلسطينية في السنغال بياناً بارك فيه جهود المقاومة، وتم تنظيم وقفة تضامنية مع الشعب الفلسطيني.
وبارك بيان التحالف الوطني لدعم القضية الفلسطينية في السنغال البطولات التي زلزلت كيان العدو الصهيوني الغاشم، وقال: إن المقاومة أربكت كل حسابات العدو، وكل من يقف خلفه ويسانده في عدوانه، ففي الأيام الأخيرة أصبح الصهاينة المحتلون المتطرفون يعربدون في باحات المسجد الأقصى المبارك تمهيداً لتدميره.
كما ذكر البيان أن هذه الضربة الموجعة التي وقعت فجر يوم 7 أكتوبر 2023م، وباغتت العدو، من خلال معركة «طوفان الأقصى»، تثبت بأن تحرير الأرض المباركة ليس له طريق ولا منهج إلا الجهاد في سبيل الله والاتكال عليه مع الأخذ بالأسباب المادية في حدود الاستطاعة، كما أمر الله سبحانه وتعالى.
وقد تميز موقف السنغال دائماً بدعم القضية الفلسطينية، والنظر لـ«إسرائيل» على أنها محتل، وكانت قد قامت فعاليات ضخمة في العاصمة داكار أثناء معركة «سيف القدس» عام 2021م.
تشاد.. دعم شعبي قوي
ومن وسط القارة، يقف الشعب التشادي مع القضية الفلسطينية رغم التطبيع الرسمي مع «إسرائيل»، كما قام رئيس حزب النهضة في تشاد بإعلان دعمه للقضية، وقال عضو منظمة النهضة الشبابية التشادية أبوبكر إسحاق: إن التشاديين يرون ما قامت به المقاومة في فلسطين نصراً من الله وفتحاً قريباً، وأن الشعب التشادي بمختلف أطيافه كان وما زال يقف مع قضية فلسطين و«الأقصى» في السراء والضراء، ويعلن تضامنه ويدعمه مادياً ومعنوياً ليل نهار.
وأضاف إسحاق أن سماع صوت الأئمة في صلاة الفجر بمساجد تشاد وهم يدعون الله أن ينصر الله إخوانهم الفلسطينيين؛ يؤكد أن العلاقة بينهم وبين هذه القضية ليست بالشيء الهين، كما أن الفرح الكبير الذي رأيناه في مواقع التواصل الاجتماعي بعد معركة «طوفان الأقصى» شيء يثلج الصدر والقلوب.
مالي.. إدانة من منظمات إسلامية
وعن التفاعل في جمهورية مالي مع معركة «طوفان الأقصى»، يقول المدير التنفيذي لاتحاد علماء أفريقيا، د. عمر بامبا، لـ«المجتمع»: إن ردود الفعل تباينت حيال «طوفان الأقصى» على وسائل التواصل الاجتماعي وعلى المنابر في خطب الجمعة وفي الدروس بالمساجد.
وأضاف بامبا أن هناك بيانات صدرت عن كثير من الجهات الرسمية الإسلامية، وتوالت الإدانات القوية من المنظمات الإسلامية المحلية والدولية الموجودة في جمهورية مالي، منها: اتحاد علماء أفريقيا، وشباب تجمع أهل السُّنة والجماعة في مالي، واتحاد الجمعيات الإسلامية الموجودة في مالي، وجمعية الثقافة والتضامن في مالي.
وعن الفعاليات لنصرة القضية الفلسطينية في مالي؛ قال بامبا: إنه نظراً لبشاعة المجزرة التي ارتكبها الاحتلال الصهيوني، تم الحث على الدعاء في المساجد وخطب الجمعة وتوضيح القضية لدى الرأي العام الإسلامي، هذا وقد تم النظر فيما يمكن فعله تجاه القضية، مثل: تجهيز ملف موجز عن قضية «الأقصى» وفلسطين للكبار والصغار باللغات المختلفة، وتنظيم حملات لجمع التبرعات لأهل فلسطين.
تنزانيا.. دعم من علماء المسلمين
وفي شرق القارة الأفريقية، قامت هيئة علماء المسلمين في تنزانيا بتنظيم فعالية دعماً للقضية الفلسطينية في مدينة دار السلام التنزانية، وصرحت الهيئة بأن القضية الفلسطينية هي قضية كل مسلم، وأعلنت تأييدها لنضال الشعب الفلسطيني في سبيل الدفاع عن أرضه المحتلة وهويته الإسلامية، ووجهت الهيئة نداء للأمة الإسلامية للوقوف مع إخوانهم المظلومين في فلسطين، والقيام بواجب النصرة، وتقديم ما يمكن تقديمه من دعم مادي ومعنوي.
كما وجهت الهيئة نداء لعلماء الأمة الإسلامية وشيوخها وخطبائها وأئمتها للدعاء في صلواتهم للشعب الفلسطيني المسلم، والدعاء بالصمود والثبات لجميع المسلمين، كما طالبت الهيئة كافة الدول والأنظمة الرسمية بالنظر بعين العدالة والإنسانية لما يعانيه الشعب الفلسطيني من ظلم وعدوان.
وشجعت الهيئة المؤسسات الإعلامية وصناع المحتوي بنقل معاناة الشعب الفلسطيني وفضح جرائم الظالمين أمام الرأي العام؛ من قتل الأطفال والنساء والمدنيين وهدم المستشفيات على المرضى، وقطع الماء والكهرباء ومنع الإغاثة المعيشية.
وما زالت القضية الفلسطينية حية في وجدان كل حر رغم موجة التطبيع العلني مع «إسرائيل»، وكذلك الشعوب الأفريقية فهي ليست بعيدة عن الأحداث، بل تدعم وتساند الشعب الفلسطيني بما استطاعت، وتقف على حقيقة الصراع الذي يتم تغيير معالمه في الإعلام الغربي.
________________________________
[1] https://twitter.com/MYANC/status/1713132138793467979?ref_src=twsrc%5Etfw%7Ctwcamp%5Etweetembed%7Ctwterm%5E1713132138793467979%7Ctwgr%5E9197d6efaa56a840637af9b41e1abb928b6f9c66%7Ctwcon%5Es1_&ref_url=https%3A%2F%2Fwww.news24.com%2Fnews24%2Fpolitics%2Fpolitical-parties%2Fwe-suffered-under-apartheid-we-show-solidarity-with-palestine-cyril-ramaphosa-anc-20231014
[2] https://twitter.com/CyrilRamaphosa/status/1713119923843555783?ref_src=twsrc%5Etfw%7Ctwcamp%5Etweetembed%7Ctwterm%5E1713119923843555783%7Ctwgr%5E9197d6efaa56a840637af9b41e1abb928b6f9c66%7Ctwcon%5Es1_&ref_url=https%3A%2F%2Fwww.news24.com%2Fnews24%2Fpolitics%2Fpolitical-parties%2Fwe-suffered-under-apartheid-we-show-solidarity-with-palestine-cyril-ramaphosa-anc-20231014