تحت هذا العنوان كتبت “المجتمع” هذا المقال، وتم نشره في العدد:1548 بتاريخ: 26/4/2003؛ لتبين حقيقة محمود عباس الذي كان مرشحاً في هذا الوقت لتولي رئاسة مجلس الوزراء الفلسطيني، و”المجتمع” تعيد نشر هذا المقال؛ لتقول للجميع: لا تنتظروا خيراً من وراء هذا البهائي.
محمود عباس (أبو مازن).. البهائي الذي يستعد لتسليم فلسطين!
على امتداد تاريخه لم يتوان في خدمة «إسرائيل»… قابع في برج القيادة الفلسطينية وبين أحشائها… يتحين الفرصة تلو الفرصة لتوجيه ضرباته الخاطفة لصالح المشروع الصهيوني على حساب مشروع الوطن الفلسطيني.
لم تصدر عنه يوماً «كلمة» إنصاف لانتفاضة بني وطنه وعملياتهم الاستشهادية المشروعة لتحرير بلادهم… وإنما كلمات التثبيط والاستنكار والتيئيس في مقابل عبارات المدح والثناء لشر الخلائق … شارون.
يغيب عن الأضواء أحياناً وإذا ظهر نضع أيدينا على قلوبنا انتظاراً لمصيبة ستحل على القضية الفلسطينية على يديه.
وليس ذلك افتئاتاً منَّا على محمود عباس رئيس وزراء السلطة الفلسطينية الجديد الذي يلاقي ترحيباً واسعاً لدى الدوائر الصهيونية والغربية، ولكن هكذا تاريخه!
نفتش في صفحات الرجل ونقلب صحائف تاريخه فإذا بها تضعه في المربع الصهيوني أكثر من المربع الفلسطيني العربي الإسلامي، وفي خندق الإرهابي شارون أكثر من خندق الانتفاضة والمقاومة والعمليات الاستشهادية.
بهائي خادم للصهيونية..
يقول عنه الكاتب اليساري الفلسطيني عبد القادر ياسين: «فهو البهائي عباس ميرزا، اسمه الأصلي محمود عباس ميرزا، وعائلته إيرانية الأصل، غادرت إيران مع اضطهاد الحكومة الإيرانية للبهائيين» (جريدة الأسبوع المصرية 13/1/2000م).
وصل إلى فلسطين قادماً من إيران حاملاً العقيدة البهائية لينال وزر أول من أدخل تلك العقيدة الفاسدة إلى فلسطين… وهناك في حيفا… يقع معبدهم تحت رعاية وحماية الكيان الصهيوني.
والبهائية أخت الصهيونية وصنو الماسونية وكلهم يخرجون من «معين» واحد هو الكفر ومحاربة الإسلام وخدمة اليهود، ويصبون في «ماعون» واحد ينضح بالفساد العقائدي وترويج الضلال.
جذور البهائية
«والبابية أو البهائية هي حركة نبعت عام 1260هـ ـ 1844م من المذهب الشيخي في إيران برعاية الاستعمار الروسي واليهودية العالمية بهدف إفساد العقيدة الإسلامية وتفكيك وحدة المسلمين وصرفهم عن قضاياهم الأساسية».
أسسها الميرزا علي محمد الشيرازي (1235 – 1266هـ) الموافق (1819 – 1850م)، وقد حكم عليه بالإعدام ونفِّذ الحكم عام 1266هـ، بعد أن راج مذهبه وادعى حلول الألوهية في شخصه حلولاً مادياً وجسدياً.
من تلامذته عباس أفندي الملقب بـ«عبد البهاء» الذي زار سويسرا وحضر مؤتمرات الصهاينة ومنها مؤتمر بال عام 1911م وحاول تكوين طابور خامس وسط العرب لتأييد العصابات الصهيونية، كما استقبل الجنرال الإنجليزي (اللنبي) بترحاب كبير عندما قدم إلى فلسطين المحتلة، وقد كرمته بريطانيا بمنحه لقب «سير» وأوسمة رفيعة أخرى.
من معتقدات البهائيين
وتدعو البهائية التي يعتنقها رئيس الوزراء المرتقب محمود عباس ميرزا «أبو مازن» إلى نسخ الإسلام ورفض شريعته، وتنكر البعث والحشر والجنة والنار، وتحرم حجاب المرأة المسلمة، وتحلل المتعة وشيوعية النساء والأموال.
ينكرون أن سيدنا محمداً صلى الله عليه وسلم هو خاتم النبيين، ويبطلون الحج إلى مكة، ويستبدلون به الحج إلى مدينة عكا الفلسطينية، حيث دفن «بهاء الله».
صلاتهم تسع ركعات على ثلاث مرات ووضوؤهم بماء الورد ولا صلاة جماعة عندهم.
يحرمون الجهاد أو حمل السلاح ضد الأعداء.
أيد البهائيون تجمع اليهود في فلسطين واحتلالهم لأرضها، وكشفت أبحاث مؤتمرهم الموسع الذي عقدوه في القدس المحتلة عام 1968م عن الرباط الوثيق بين الصهيونية والبهائية، وأعلن في الحفل الختامي لذلك المؤتمر «أن الحركتين اليهودية والبهائية متممتان لبعضهما البعض وتجتمعان في أكثر النقاط». [1]
فإذا كانت عقيدة الرجل بهذا الفساد والإفساد والحرب على الإسلام… فماذا يرتجى منه بعد؟!
وإذا كانت عقيدته قائمة على خدمة الصهيونية ومشروعها في فلسطين وفي المنطقة، فهل ينتظر منه أن يأتي بحكومة تحرر فلسطين أو تسعى إلى استرداد حقوق الشعب الفلسطيني؟!
مهندس أوسلو
وقد سطع نجم الرجل في سماء السياسة الدولية يوم أطلق عليه لقب «مهندس» اتفاقية أوسلو التي تم توقيعها بين ياسر عرفات وإسحاق رابين وتم بمقتضاها الاعتراف بالكيان الصهيوني، والتنازل له طواعية عـن 80% من الأرض الفلسطينية المباركة، مقابل سلطة حكم ذاتي محدود على أشــلاء متـناثرة مـن فلسطين في الضفة الغربية وقطاع غزة، والتي سرعان ما قضى عليها شارون.
ثم اختفى الرجل البهائي عن الأضواء طويلاً إلا من النذر اليسير من الظهور الإعلامي ليعود إلى الساحة السياسية والإعلامية بقوة ووسط حفاوة بالغة من الدوائر السياسية والإعلامية الصهيونية والغربية، تبرزه كمنقذ جاء في لحظة نادرة لانتشال القضية الفلسطينية من الضياع والأخذ بيد الشعب الفلسطيني من الهلاك على أيدي شارون، والإمساك بآخر عربات قطار «السلام» قبل أن يغادر المحطة دون رجعة… وهو في الحقيقة جاء -في تخطيط وخيال الصهاينة- ليكمل الفصل الأخير من مهزلة التفاوض وليمثل المشهد الأخير من مسرحية التسليم لليهود بفلسطين… فهو إن كان قد نجح بعد مفاوضاته السرية مع الصهاينة في إقناع الفريق الفلسطيني بقيادة عرفات بالتنازل عن 80% من فلسطين في أوسلو، فقد جاء اليوم ليفاوض أحبابه وأصدقاءه اليهود على العشرين في المائة الباقية من الأرض وربما يعطيهم 80% أخرى من هذه العشرين الباقية، فلا يجد أهلنا في فلسطين أرضاً يقيمون عليها ولا بيتاً يعيشون فيه، فضلاً عن أن خمسة ملايين آخرين في الشتات سينقطع أملهم -لا قدَّر الله- في العودة إلى ديارهم على يد رئيس وزراء السلطة الجديد البهائي محمود عباس ميرزا.
المهمة الكبرى
والمهمة الكبرى لدى محمود عباس التي ينتظرها الصهاينة بفارغ الصبر هي استئصال شأفة تيار الجهاد والاستشهاد الضارب في أعماق الأرض الفلسطينية والمتجذر بين أبناء الشعب، وهو ما يعني أنه سيخوض حرباً حقيقية بآلة حربية صهيونية أمريكية ضد حركتي حماس والجهاد الإسلامي وبقية فصائل المقاومة الفلسطينية التي تنحاز إليها غالبية الشعب الفلسطيني.. سيكمل أبو مازن المهمة التي يخوضها شارون وخاضتها من قبله كل حكومات الكيان الصهيوني وفشلوا فيها.. ولن يتورع «محمود ميرزا» عن إشعال حرب أهلية في سبيل ذلك.. فعقيدته تحضه على ضرب الجهاد ومحاربة حملة السلاح من بني جلدته دفاعاً عن حقهم وتحريراً لأرضهم.. وتاريخ الرجل في عشقه لتلك العقيدة البهائية الـمُحَرِّمة للكفاح والجهاد ضد الصهاينة شاهد عليه.
فلم نسمع يوماً أن محمود عباس أبو مازن أثنى بكلمة واحدة على الانتفاضة الفلسطينية «لا الانتفاضة الأولى ولا الانتفاضة الثانية»… أو على عمليات المقاومة التي ينفذها بنو وطنه.. بل إن العكس هو الذي يحدث… فقد كان الرجل ـ ومعه زمرة من المنهزمين، يقوم بدور عبد الله بن أبي بن سلول زعيم المنافقين في دولة الإسلام الأولى… والذي كان يعيش بين المسلمين في المدينة كواحد منهم في الظاهر، بينما كان يمثل الطابور الخامس ليهود، ماداً حبال الود والتحالف لوأد الدولة الوليدة.
هكذا يفعل أبو مازن وزمرته.. يهاجم الانتفاضة.. ويصفها بالتخريب… ويندد بالعمليات الاستشهادية ويعتبرها الضرر الأكبر للقضية… يثبط الهمم.. ويشيع اليأس من جدوى الكفاح ضد العدو.
وفي المقابل لم يخجل وهو يسبغ على شارون كل الصفات النبيلة والشجاعة!
ففي تصريح لجريدة الشرق الأوسط في 31/10/2000م قال: «إن خيار الحرب لم يعد وارداً لدى الفلسطينيين، وأن الخيار الوحيد هو المفاوضات من أجل السلام»، ثم هاجم من أسماهم بـ «العدميين الذين لا يؤمنون بالحل السلمي، ولا بالشرعية الدولية، ولا بالقمم، ولا بشيء، ويريدون التخريب وحده».. وهؤلاء في عُرفه: «لا يمثلون الشعب الفلسطيني»!
وفي الذكرى الثانية لانتفاضة الأقصى، ألقى محمود عباس بصفته أمين سر! اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية محاضرة على رؤساء اللجان الشعبية في قطاع غزة صب فيها نار غضبه على الانتفاضة الفلسطينية ودماء شهدائها، وطالب بتخليصها من العسكرة أي أن تتخلى عن «العنف» -وفق الرؤية الصهيونية- بدءاً من إلقاء الحجارة حتى التخلي عن العمليات الاستشهادية، وبمعنى آخر أن يقف المنتفضون في الشوارع يرددون الهتافات فقط منتظرين آلة الحرب الصهيونية لتحصدهم دون إلقاء حجر أو أي شيء.. فإن قاوموا فهم مخربون أزعجوا «القتلة»!
وذهب الرجل إلى أبعد مدى من الانهزام والممالأة، فوصف شارون بأنه «الزعيم الإسرائيلي الأكثر شعبية بين الإسرائيليين منذ هرتزل»، وقال: «إن إسرائيل دولة بُنيت لتنتصر»!! هل وجدتم رجلاً يصف محتليه هكذا؟ وهل وجدتم في التاريخ رجلاً يحكم على شعبه وأمته بالهزيمة أمام انتصار عدوها المحتوم، في رأيه!
من أي خندق يتحدث.. ولصالح من.. ومن يخدم؟! وقبل شهرين نقلت وكالات الأنباء عنه قوله في 21/1/2003م «أن القيادة الفلسطينية قررت أن تنزع الطابع العسكري عن الانتفاضة خلال عام» (السياسة 22/2/2003م).
وقبل أن يقدم أبو مازن تشكيل حكومته النهائي كان قد شكل جهازاً أمنياً جديداً قالت عنه صحيفة يديعوت أحرونوت نقلاً عن وكالة رويترز للأنباء (18/4/2003م): «إن مهمته ستكون محاربة الحركات الفلسطينية المجاهدة (حماس والجهاد الإسلامي والجناح العسكري لحركة فتح والجبهة الشعبية) لمنعها من التورط في عمليات ضد الأمن الإسرائيلي».
هذا هو الرجل.. وذلك دوره المرسوم.. وذاك ما يبيتون.. لكن الشعب الفلسطيني المجاهد الذي استعصى على الذوبان والخضوع للاحتلال والتسليم به، قادر بعون الله على إفشال تلك المخططات والإلقاء بتلك النوعية من المنهزمين العملاء في المزبلة، (وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ ۖ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ) (الأنفال:30).
__________________________________________
[1] – المجتمع ـ العدد 1434 ـ ص31.