يقول ابن القيم: «ربما تنام وعشرات الدعوات تُرفع لك، من فقير أعنته أو جائع أطعمته، أو حزين أسعدته أو مكروب نفَّست عنه، فلا تستهن بفعل الخير».
نعم، إنما الجبال من الحصى فلا تستصغر أي عمل يدخل في ميزان حسناتك وَطَعِّمهُ بإخلاص النية لعله يكون فيه نجاتك يوم القيامة.
تأمل حديث الرسول ﷺ: «إذا جاء يوم القيامة يؤتى برجل ينشر له تسعة وتسعون سجلاً فيها ذنوبه وسيئاته، فيقال له: أتنكر من هذا شيئًا؟ فيهابها الرجل ويقول: لا، فيقول له: نعم إن لك عندنا حسنة، لا تجحد ولا تغبن ولا تظلم، ثم يؤتى ببطاقة فيها أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، فتوضع البطاقة في كفة، والتسعة والتسعون في كفة قال: فرجحت البطاقة فطاشت السجلات».
نعم لعل حسنة واحدة تنجيك من عذاب الله عز وجل وتدخلك الجنة، ولك في أهل الأعراف عبرة، فقد قال حذيفة، وعبدالله بن عباس: «هم قوم استوت حسناتهم وسيئاتهم، فقصرت بهم سيئاتهم عن الجنة، وتجاوزت بهم حسناتهم عن النار، فوقفوا هناك حتى يقضي الله فيهم ما يشاء ثم يدخلهم الجنة بفضل رحمته».
فيا أيها العبد الفقير إلى ربه، اقرأ قول الله تعالى: (إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ وَكُلَّ شَيْءٍ أحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ) (يس: 12).
فأكثروا من فعل الخير، ومساعدة الآخرين، والصدقة، ولو بالقليل، ففيها من البركة والخير الكثير في الدنيا، والأجر الكبير في الآخرة.
واقرأ إن شئت قول الشاعر:
على الدَوْامِ لا تَغْفَلْ فَإِنَّكَ رَاحِل إِلى القَبْرِ مَرْهُون بِمَا كُنْت تَفْعَل
فَإِمَّا نَعِيم فِي الجِنَانِ وَجَنَّة وَإِمَّا عَذَاب سَرْمَدِيٌ مُزَلَزِل
وَلا تَنْس يَومَ الْحَشْرِ إِذْ أَنْتَ وَاقِف وَحِيد أَمَامَ الله إِيَّاكَ تَجْهَلُ
فأهل الجنة كما في الحديث: «ليس يَتَحَسَّرُ أهلُ الجنَّةِ على شيءٍ إلَّا على ساعةٍ مرَّتْ بهم لم يذكروا اللهَ عزَّ وجلَّ فيها».
فأنت حالياً موجود، فاعمل وأكثر من ذكر الله قبل أن تتحسر وتندم يوم لا ينفع الندم، وليكن نصب عينك حديث رسول الله ﷺ حين قال: «سبع يجري للعبد أجرهن وهو في قبره بعد موته؛ من عَلّم علماً، أو أجرى نهراً، أو حفر بئراً، أو غرس نخلاً، أو بنى مسجداً، أو ورّث مصحفاً، أو ترك ولداً يستغفر له بعد موته».
فاللهم ارزقنا حسن الخاتمة بعد طول عمر وحسن عمل، وتقبّل منا أعمالنا وتجاوز عن تقصيرنا يا الله.