قال الباحث في شؤون جودة الإدارة والتخطيط د. طارق الدويسان: إن الاحتكار في الكويت، على أهميته، من الموضوعات النادر تناولها في الصحف المحلية وعلى منصات التواصل الاجتماعي، فالكويتيون بغالبيتهم الساحقة يعملون في الحكومة، والحكومة، وبدعم من مجلس الأمة، ما انفكت تدعو الشباب للانخراط في القطاع الخاص، ولعل خير شاهد على ذلك هو إنشاء الصندوق الوطني لرعاية وتنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة بقانون صدر في أبريل 2013م وبرأسمال بلغ بليونَي دينار.
وتساءل د. الدويسان، في مقال له على جريدة «الجريدة»، عما إذا كان في الكويت احتكار؟ وأجاب قائلاً: نعم، بل هو احتكار مجحف، متمثل بالدرجة الأولى باحتكار إصدار تراخيص التعليم العالي والخاص، والرعاية الصحية، والنقل الجوي والبري العام، والاتصالات اللاسلكية، وغيرها من القطاعات، ومن الممارسات التي تسعى هذه القوانين إلى منعها، هي: اتفاق الشركات على تقسيم السوق فيما بينها، أو اتفاقها على تثبيت الأسعار عند مستويات عالية، أو اتفاقها على عدم المنافسة، كي يُعاد طرح المناقصة بميزانية مُبالغ فيها، أو اتفاقها على إخراج المنافسين الجدد أو الصغار من السوق، من خلال تقديم عطاءات أقل من أو عند سعر التكلفة.
وقد وضع الفقهاء الإسلاميون أحكامًا شرعية حول هذه الممارسة، مؤكدين حرمتها وضرورة تفاديها، بناءً على الأدلة الشرعية والنصوص الدينية التي تحرمها، يأتي هذا الموضوع كتحليل لمفهوم الاحتكار في الفقه الإسلامي، ويسلط الضوء على وجهة نظر عدد من الفقهاء والعلماء المعروفين في هذا الشأن، من بينهم د. عجيل النشمي، ود. صلاح المهيني.
في البداية، قال د. عجيل النشمي، عميد كلية الشريعة سابقاً، عضو مجمع الفقه الإسلامي الدولي والمجمع الفقهي الإسلامي لـ«المجتمع»: إن هذا الفعل يُعرف بالاحتكار في الفقه، وهو حبس الطعام أو غيره وانتظار ارتفاع الأسعار، وقد أجمع جمهور الفقهاء على حرمته، واستشهد بحديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي رواه الأثرم عن أبي أمامة قال: «نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يحتكر الطعام»، وحديث سعيد بن المسيب: «من احتكر فهو خاطئ».
وأضاف النشمي: لا شك أن الاحتكار يضر بالناس، وقد أقر الفقهاء بأنه إذا احتكر شخص شيئاً يحتاجه الناس وتضرروا من احتكاره، فإنه يجب عليه بيعه لتفادي الضرر، وأكد أن الاحتكار ليس مقتصراً على الطعام فقط، بل يشمل كل ما يحتاجه الناس، وخاصة الطعام.
وتابع النشمي: إذا ارتفعت أسعار السلع بسبب تخزينها، فهذا يُعد احتكاراً ولا يجوز، الاحتكار يكون غير جائز إذا قام التاجر بتخزين سلعة يحتاجها الناس، سواء كانت طعاماً أم غير ذلك، فإذا أخفاها وترك الناس يبحثون عنها لفترة ثم عرضها بسعر مرتفع، فإن هذا يُعد استغلالاً لحاجة الناس واحتكاراً محرماً.
ومن جانبه، يوضح د. صلاح المهيني، لـ«المجتمع»، أن تخزين السلع عندما تكون قليلة بهدف بيعها لاحقًا بسعر مرتفع يُعد احتكارًا محرمًا شرعًا؛ لأنه يضر بعامة الناس ويقدم المصلحة الخاصة على المصلحة العامة، وأضاف أن الفقهاء أجمعوا على تحريمه، مستشهدًا بحديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي رواه الإمام مسلم: «لا يحتكر إلا خاطئ».
وأكد د. المهيني أن الاحتكار حرام شرعًا، وأن على التاجر الذي يخاف الله أن يتجنب هذه الممارسة؛ لأن المال المكتسب من الاحتكار مال حرام، وما نبت من حرام فالنار أولى به، كما تشير النصوص الشرعية.
وطالب د. المهيني الدولة بمنع الاحتكار والتصدي له حفاظًا على أموال الناس، ودعا الفقهاء والخطباء إلى توجيه التجار لترك الاحتكار وبيان الحكم الشرعي لهم.