منذ بداية يوليو الجاري انطلقت مظاهرات واحتجاجات عارمة في العاصمة البنغلاديشية دكا، يتقدمها الطلاب الخريجون؛ احتجاجاً على نظام الحصص في القطاع العام، الذي يحرمهم من الحصول على وظيفة حكومية براتب جيد يضمن لهم المعيشة الكريمة، حيث إن النظام الحالي يخصص أكثر من نصف الوظائف لفئات معينة؛ منهم أبناء قدامى المحاربين في حرب التحرير ضد باكستان عام 1971م، وهو ما يراه الكثيرون نظاماً يحابي أنصار رئيسة الوزراء شيخة حسينة واجد التي تحكم البلاد منذ عام 2009م.
وقدم المتظاهرون اقتراحًا للحكومة بأن يكون نظام التعيين على أساس الكفاءة لا التمييز والمحاباة، للخروج من أزمة البطالة التي تعاني منها البلاد منذ أمد بعيد.
وبعد استمرار واشتداد الاحتجاجات وإصرار المتظاهرين في تنفيذ مطالبهم، ارتفع عدد القتلى جراء الاشتباكات بين المتظاهرين من الطلاب وعناصر الشرطة وقوات الأمن إلى 105 قتلى حتى كتابة هذه السطور، بالإضافة إلى ما يزيد على 700 إصابة من المتظاهرين وعناصر الشرطة.
وأكد شهود عيان بالعاصمة دكا أن قوات الشرطة قامت بإطلاق الغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي تجاه المتظاهرين رغم سلمية الاحتجاجات، ومطالبهم المشروعة.
CHAOS⚠️ https://t.co/5q5qezUT4E
— 🇧🇩 (@bengalielonmusk) July 20, 2024
وعلى إثر اشتعال المواجهات التي وصلت إلى 26 إقليماً من أصل 64 بالبلاد، قررت حكومة حسينة فرض حظر التجول يوم الجمعة الماضي في عموم البلاد، بالإضافة إلى حجب خدمة الإنترنت وبعض مواقع التواصل الاجتماعي مثل «واتساب» و«فيسبوك»، ونشر عدد من قوات الجيش في عدة مدن لمنع امتداد التظاهرات؛ وذلك للحد من كل مظاهر التجمع التي من شأنها أن تزيد من شعلة الاحتجاجات المتواصلة، ولكن رغم ذلك استمرت المظاهرات الرافضة لسياسات الحكومة فيما يخص نظام التوظيف العام الذي يميّز أنصار رئيسة الوزراء.
الجدير بالذكر أن حكم حسينة واجد الذي امتد على مدار 15 عامًا اتسم بالظلم والاستبداد، حيث استهدفت المعارضة بكل وسائل الإقصاء والتعسف خارج إطار القانون، حتى وصل الأمر لقتل المعارضين تحت التعذيب؛ الأمر الذي انتقدته ونددت به منظمات حقوق الإنسان داخل وخارج بنغلاديش، متهمة حسينة واجد بممارسة الإقصاء وتكميم الأفواه وإسكات كل الأصوات التي تخالف رؤيتها على حساب أرواح المعارضين، من أجل تعزيز حكمها وسلطتها بالبلاد.
وعلى إثر هذه الاحتجاجات التي تشهدها البلاد، توجهت حسينة واجد لجموع الشعب بخطاب عبر التلفزيون الرسمي لتهدئة الأوضاع المشتعلة، ولكن خطابها لم يجد صدى لدى أوساط وفئات عديدة من الشعب المسلم الذي يشهد على ظلمها البيّن الممتد عبر سنوات عديدة ولا ينكره أحد.
يُشار إلى أن رئيسة الوزراء التي تحكم بنغلاديش تتحالف مع متعصبي الهندوس، وعلى رأسهم قادة حزب «بهاراتيا جاناتا» الحاكم حاليًا بالهند، ضد المسلمين، وتُتهم بأنها تستهدف علماء وقيادات الإسلاميين ببلادها وتقتلهم بدم بارد على مدار سنوات حكمها للبلاد.
وتعد هذه الاحتجاجات الأكبر على مستوى البلاد منذ إعادة انتخابها رئيسة للوزراء لولاية رابعة، وقد ساعد على اشتعالها ارتفاع معدلات البطالة بين الشباب في دولة -يبلغ تعداد سكانها حوالي 170 مليون نسمة- يعاني فيها نحو خُمس سكانها من البطالة وانهيار منظومة التعليم.
فهل ينجح الطلاب في تحقيق أهدافهم من هذه الاحتجاجات التي تستمر منذ أسابيع حتى الآن؟ وهل تستجيب الحكومة لمطالب المتظاهرين وإيقاف نزيف الدم المسفوك في شوارع البلاد؟!