كاتب المدونة: د. سعيد العنزي
عقيدة نحن وهم، عقيدة تقسيم المجتمعات التي عنوانها «فرق تسد»، هذه العقيدة أنشأها على أرض الواقع الاستعمار الإنجليزي والفرنسي والإيطالي عند سقوط الخلافة العثمانية التي كان أهم أسباب سقوطها، هذه العقيدة حيث قاد حملة الفرقة والثورة العربية على الخلافة الإسلامية التي يقودها الأتراك الجاسوس البريطاني لورنس، بإثارة العصبية القومية العربية مقابل التركية، وعند السقوط قسموا الإرث العثماني في معاهدة «سايكس بيكو» إلى دويلات، وبدؤوا يقضمون ويستعمرون الديار الإسلامية كما فعلوا في الأندلس؛ «أُكلت يوم أُكل الثور الأبيض»!
قاد راية التخذيل والفرقة في كل بلاد المسلمين أذناب الاستعمار وأبواقهم، بل ذهبوا إلى أبعد من ذلك، فقد أخذوا داخل كل بلد يقسمونه من خلال إثارة العنصريات والنعرات والتقسيمات المناطقية والطائفة والحزبية، وما عنا ببعيد ما يحدث في اليمن والعراق وسورية وليبيا ولبنان، ولا نذهب بعيداً، فإنهم يحاولون في بلدنا الكويت المسالمة نهج هذا الأسلوب بإثارة الطائفية؛ بين سُنة وشيعة، وسلف وإخوان، وصوفية وتبليغ، وبدو وحضر، ولد بطنها داخل السور وخارجه.. هذه الفئة ما سلم منها رسول الله صلى الله عليه وسلم، اشتهرت في تلك الفترة بفئة المنافقين الذين توعدهم الله بالدرك الأسفل من النار، فعلينا الحذر منهم حتى لا تضيع ديرتنا وأمتنا الإسلامية؛ (وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللّهُ وَاللّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ) (الأنفال: 30)، وللنبي صلى الله عليه وسلم سُنة في التعامل معهم، من أبرزها:
– مقت الظن؛ قال تعالى: (وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلَّا ظَنًّا ۚ إِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ) (يونس: 36).
– اعتبارهم فساقاً؛ قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَىٰ مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ) (الحجرات: 6).
– رأيي صح يحتمل الخطأ، ورأي غيري خطأ يحتمل الصح.
– البعد عن النجوى؛ قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَنَاجَيْتُمْ فَلَا تَتَنَاجَوْا بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَتِ الرَّسُولِ وَتَنَاجَوْا بِالْبِرِّ وَالتَّقْوَىٰ ۖ وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ) (المجادلة: 9).
– نحن دعاة ولسنا قضاة؛ قال تعالى: (ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ۖ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ۚ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ ۖ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ) (النحل: 125).
– لنجتمع على ما اتفقنا عليه، ويعذر بعضناً بعضاً فيما اختلفنا فيه ما لم يخالف نصاً.
– اعتبارهم سوسة تنخر في السلم الاجتماعي والتحذير منهم، وتسليط الأضواء عليهم كي ينبذهم المجتمع ويحذر منهم.
– تعزيز الإيجابية والتفاؤل في أوساط مجتمعاتنا.
– تصحيح مفهوم العقيدة في القضاء والقدر؛ ما أصابك لم يكن ليخطئك وما أخطأك لم يكن ليصيبك، في كل محنة منحة؛ قال تعالى: (وَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ ۖ وَعَسَىٰ أَن تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ ۗ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ) (البقرة: 216).
– أن النصر من عند الله وليس بالقوة والكثرة؛ قال تعالى: (قَالُوا لَا طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ ۚ قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلَاقُو اللَّهِ كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ) (البقرة: 249).
– كل من تعتقد أنه على ضلالة فعليك دعوته وعدم مقاضاته والحكم عليه، قوله صلى الله عليه وسلم لجبريل عند تعرضه للأذى من أهل الطائف: «أسأل الله أن يخرج من أصلابهم من يقول لا إله إلا الله»، أو كما قال.
– أن لكل مجتهد نصيباً، فلا تتمسك بنصيبك وتهمل نصيب الآخرين.