مع حلول عام 2016م يصبح عمر الأزمة الأفغانية 15 عاماً لم تشهد خلالها طعم الراحة والأمن والاستقرار، وطيلة هذه السنوات والقوات الأجنبية بقيادة أمريكية تعيث فساداً تحت حجة محاربة “القاعدة”، و”طالبان”، وأدى هذا التواجد إلى سقوط ما لا يقل عن 150 ألف مدني على الأقل، و30 ألف مقاتل من “طالبان”، إلى جانب مقتل 8 آلاف جندي من قوات التحالف الغربية.
وهذه إحصائية غير نهائية وغير رسمية؛ إذ إن الأفغان يتحدثون عن مقتل نصف مليون بين مدنيين ومسلحين وقوات أجنبية على الأقل، وفي ظل هذا الوضع الخطير في أفغانستان وعدم ظهور أي مؤشرات إيجابية لإنهاء النزاع في أفغانستان أخذت أطراف دولية تنظم مؤتمرات بشكل دوري لتقريب وجهات النظر بين الأطراف المتصارعة، لكن يبقى السؤال مطروحاً: إلى أين ستتجه سفينة أفغانستان في عام 2016م؟ هل هناك أمل لإنهاء الصراع؟ وهل هناك مؤشرات على نجاح المصالحة؟ وهل ستخرج أفغانستان من عنق الزجاجة؟ وفي محاولة لمعرفة رؤية الطرف الرئيس في هذا الصراع وهي “طالبان”؟
“طالبان” ورؤيتها لمستقبل أفغانستان
يقول قادة وزعماء حركة “طالبان”: إن رؤيتهم بعد حلول عام 2016م في أفغانستان والسيناريوهات القادمة والمحطات الرئيسة التي ستمر بها في رأيهم هي ثلاث محطات رئيسة ستكون مهمة في عام 2016م.
المحطة الأولى هي العمل العسكري
وفي رأي حركة “طالبان” فإنها لن توقف النشاط العسكري في عام 2016م، وستعتبر التصعيد العسكري مهماً جداً لتحقيق أهدافها، وفق ما يقوله عدد من قادتها، وهم يستقبلون العام الجديد.
وعن السيناريو العسكري القادم؛ فإنهم يقولون: إنهم وضعوا مخططاً عسكرياً سيشرعون فيه مع بداية الربيع؛ أي مع نهاية مارس 2016م، حيث تسهل حركتهم وتنقلاتهم وتنقل أفرادهم وتنقل الإمدادات العسكرية لهم، مضيفين أن الحركة ستتبع سياسة إسقاط المدن الواحدة بعد الأخرى بعد أن اعترف لهم بتمكنهم في عام 2015م من السيطرة على 30% من المدن والمديريات في مناطق مختلفة من أفغانستان باتت تحت سيطرة الحركة، أما الرقم الحقيقي فهو يفوق ما جرى الاعتراف به وإعلانه.
ويقول زعماء الحركة: إنه من مجموع 35 ولاية أفغانية باتت اليوم 30 ولاية تحت نفوذ “طالبان” بشكل أو آخر، وبات يحكمها حكام عينتهم الحركة للإشراف على المناطق التي سقطت بيدها أو المناطق التي تحاصرها الحركة.
المحطة الثانية: إنجاح المصالحة الوطنية
ويقول زعماء حركة “طالبان: إن هناك جهوداً تبذل منذ إنهاء التواجد الأجنبي في أفغانستان نهاية عام 2014م، وأبرز تلك الجهود الدولية، هي:
– عقد قمة دولية حول أفغانستان عام 2012م في العاصمة اليابانية طوكيو، شارك فيها وفد يمثل مكتب “طالبان” في قطر وعرضوا خلالها أفكارهم.
– عقد قمة في فرنسا عام 2013م كانت حول أهمية المصالحة في أفغانستان، وشارك فيها قادة يمثلون مكاتب “طالبان” المختلفة خارج أفغانستان.
– عقد قمة في الدوحة بقطر في عام 2014م نظمتها مؤسسة “بكواش” الدولية، خصصت لإنهاء الحرب في أفغانستان وللتحضير لمرحلة جديدة في أفغانستان.
– عقد قمة في دبي بدولة الإمارات عام 2015م، نظمتها مؤسسة “بكواش” قمة حول أفغانستان حول إنهاء الحرب وإنجاح المصالحة الوطنية في أفغانستان.
– عقد قمة في الدوحة بقطر في 21 يناير 2016م، نظمتها مؤسسة “بكواش” وجميعها مثلت فيها “طالبان” بقادتها السياسيين، وأعطوا رؤيتهم حول الحل والمصالحة ونجاحها في أفغانستان.
المصالحة الحالية حول أفغانستان
وعن المصالحة التي شرع فيها في نهاية عام 2015م، وتمخضت عن تشكيل مجموعة الأربع دول لمتابعة نجاح المصالحة الأفغانية، فيقول زعماء “طالبان”: إنه بعد اختتام قمة “قلب آسيا” في ديسمبر 2015م اتفقت الصين وأمريكا وباكستان وأفغانستان على تشكيل قمة رباعية حول الصلح في أفغانستان، وتجتمع مرة واحدة كل أسبوعين حتى تتمكن من إقناع أطراف الصراع في أفغانستان بالجلوس على طاولة الحوار، والشروع في البحث عن إنهاء أزمتهم.
وجرى تنظيم الاجتماع الأول لهذه المجموعة في نهاية ديسمبر 2015م، ثم الاجتماع الثاني في 31 يناير 2016م، ثم اجتماع ثالث في 7 فبراير 2016م.
المحطة الثالثة: وهي الصراعات داخل الحكومة
فما زال وفق ما يقوله زعماء حركة “طالبان”؛ الحكم الأفغاني غير منسجم، وما زال الصراع هو سيد الموقف، وبسببه فشل الطرفان أشرف غني، وعبدالله عبدالله من تعيين وزير للدفاع ووزير للمخابرات، فما زال هذان المنصبان شاغرين بسبب عدم تمكن المسؤولين من حسم الخلاف حول من يكون في هذين المنصبين، ويمكن وصف الوضع الحالي بأنه يوجد في أفغانستان حكومتان ورأسان؛ وكلاهما يحاول فرض رؤيته على الطرف الآخر.
ويمكن تلخيص رؤية زعماء “طالبان” أفغانستان ممن تحدثنا معهم لمعرفة موقفهم الحقيقي والصحيح إلى أنهم لم يجدوا أي شيء يشجعهم بعد من أجل وقف إطلاق النار في أفغانستان، فهم لا يشعرون بالثقة عندما تكون أمريكا طرفاً في الحرب وطرفاً في الحوار وطرفاً في الوساطة، وهي الجهة الرئيسة التي يمكنها إنجاح الحوار أو جعله يفشل.
وتقول الحركة: إنها مستعدة لإنجاح الحوار إن تم تلبية شروطها وهي مناخ جاد لنجاحها، وفي رأيهم أن الأمريكيين يريدون ربح الوقت لا غير، ويراهنون على تقسيم صفوفهم والنيل من وحدتهم وإشغالهم في حروب هامشية واستنزاف مع “داعش” وغيرها.