أول زيارة له بعد تحرره من السجن، كان قبر نجله الشهيد أنس، الذي استشهد في بلدة سلواد في شهر ديسمبر العام الماضي بتهمة دهس جنود، وبعد فترة وجيزة اعتقله الاحتلال ليحرمه إلقاء نظرة الوداع على جسد ابنه الشهيد أنس.
المحرر بسام حماد من بلدة سلواد قرب رام الله، والد الشهيد أنس حماد يروي بشاعة ظلم الاحتلال، وتلذذه في اغتيال مشاعر الإنسانية للأسرى.
خبر صادم
يقول المحرر حماد: عندما نقلت إلى سجن عوفر وتم تحويلي للاعتقال الإداري، فجعت وصدمت بخبر استشهاد محمد عبدالرحمن، صديق ابني الشهيد أنس، والذي جاء من أمريكا كي يعزي في نجلي الشهيد، وأهداني في ليلة اعتقالي ساعة وزجاجة عطر، وعند اعتقالي في الساعة الثانية ليلاً، قلت لزوجتي: احتفظوا بهذه الهدية من صديق ابني الشهيد أنس، وعندما سمعت الخبر من التلفاز داخل الأسر عن اسم الشهيد وفي المكان الذي استشهد فيه؛ انتابني حزن لا يوصف، فالشهيد محمد عبدالرحمن أصر على الشهادة في المكان الذي استشهد فيه أنس وهو بمثابة ابني الثاني، وأخبرت الأسرى داخل الغرفة في سجن عوفر أن الشهيد محمد عبدالرحمن كان عندي بالأمس في المنزل وعانقني حتى أبكاني.
برد السجن وبرد الثلاجات
وأضاف المحرر المربي حماد: برد السجن في السجن عوفر في منتصف شهر ديسمبر كان يؤذيني، وكنت أتذكر برد الثلاجات الذي يؤذي جسد الشهيدين أنس، ومحمد، وبعد اعتقالي بأربعة أشهر تم اعتقال ولدي عبدالرحيم وهو كان رجل البيت الوحيد بعد استشهاد أنس، وتم الإفراج عنه بعد ثلاثة أشهر من اعتقاله، وأعيد اعتقاله مرة ثانية وتم تحويله للاعتقال الإداري وكان معي في سجن عوفر وودعته في موقف مؤثر في الثالث عشر من شهر أكتوبر الحالي.
ويروي المربي المحرر بسام حماد ما جرى معه وهو داخل الأسر، عندما تم الإفراج عن جثة ابنه الشهيد أنس ومحاولته المشاركة في تشييعه في الوداع الأخير.
الحرمان من نظرة الوداع
يقول حماد: بذلت المستحيل كي أشارك في جنازة ابني، بدفع كفالة مهما كان المبلغ الذي سأدفعه، ورفض طلبي، وتم الطلب من إدارة السجن أن ألقي نظرة الوداع على جثمان ابني عند بوابة السجن القريبة من مكان تسليم الجثمان الذي لا يبعد سوى مسافة قصيرة جداً، وبعد أن أعطوني الأمل في رؤية جثمانه، وفي اللحظات الأخيرة جاء القرار بالرفض من قبل المخابرات “الإسرائيلية”، وبعد الإفراج عني من الاعتقال الإداري وقضاء عشرة أشهر، كنت في لهفة شديدة لزيارة قبر ابني الشهيد أنس، وأخاطبه وهو داخل قبره، وبالفعل وصلت مقبرة الشهداء وبكيت على قبر ابني وباقي قبور الشهداء الذين استشهدوا وأنا داخل الأسر الظالم، وقلت: لن أفتح القبر حتى أراك يا أنس، ولكن أسأل الله أن يجمعني بك وبباقي الشهداء في الفردوس الأعلى.
رسالة إلى شهيدة
وسرد المحرر بسام حماد موقفاً لنجل الشهيدة مهدية حماد الأسير زكريا قائلاً: قبل الإفراج عني بساعات، جاءني الأسير زكريا، نجل الشهيدة مهدية حماد، وقال لي: بلغ أمي السلام عندما تزور قبر الشهيد أنس وبقية قبور الشهداء، وقل لها: ابنك زكريا يقرئك السلام، وكان هذا الموقف مؤلماً لي ولبقية الأسرى، ولم أمتلك نفسي وحضنت هذا الشاب اليافع الذي استشهدت أمه على الحواجز العسكرية برصاص عنصري ظالم.