لنا اليوم وقفة مع بعض القيم الاجتماعية لدى الرعيل الأول التي ما فتئ آباؤنا وأجدادنا يغرسونها فينا عملاً وقولاً، مثل احترام الكبير، وتقدير الفقير، الاهتمام بالجار وحسن استقبال الناس من خلال الاعتناء بالديوان وهو محل استقبالهم.
العم سليمان صقر الغنيمان، رحمه الله، هو واحد من هذه النماذج الطيبة التي نستلهم من ذكراها العبرة والفائدة في مجال العلاقات الاجتماعية.
ها هو يوجه ابنه أحمد (بو عادل) :
“يا وليدي دراستك لك، وشهادتك لنفسك، لكن أوصيك يا ولدي على وصايا مهمة تذكرها جيداً ولا تنسها أبداً لأهميتها؛ أن تحترم الشايب قبل الشاب، وأن تحترم الفقير قبل الغني، وترى الغني كل من يفزّ له (ينهض للسلام عليه)، أما الفقير ما عنده اللي يفزّ له، يا وليدي أوصيك على المكتب مرة، وأوصيك على الديوان ثلاث مرات، وترى رزقك الله كاتبه لك في المكتب أو في أي مكان، ولكن في الديوان الناس تتعنى لك (أي تقصدك)، فلا تقصر مع أحد (أي أحسن استقبال الجميع).
يا وليدي، لا تندم على شيء حصل لك أبداً، إن بعت أو شريت الله كاتب لك رزقك بلا زيادة ولا نقصان ما دام إنك اجتهدت وشاورت عقلك، وقل حق نفسك دائماً: “الخير بقبال” (أي الخير قادم إن شاء الله).
كلمات طيبة تنبع من حس اجتماعي رفيع يتجاوز صلة الرحم ويتجاوز حسن المعشر مع الأهل، ويتعدى ذلك كله إلى حسن ذات البين، وتوثيق عرى العلاقات الاجتماعية مع الجميع، وخصوصاً الشرائح الضعيفة منهم، وهي شريحة كبار السن وشريحة الفقراء سواءً من المواطنين أو المقيمين.
إنه رحمه الله تعالى بهذه التوجيهات الأبوية لم يخرج عن الهدي النبوي الشريف الذي له رصيد كبير من الشواهد القرآنية والحديثية الكثيرة، والتي فيها تأصيل شرعي كبير لتلك القيمة الاجتماعية التي وجهها العم بو صقر لابنه، وهو لسان حال الكثير من رجال الرعيل الأول رحمهم الله أجمعين، وما أحرى بأجيالنا الصاعدة بالاستفادة من هذه القيم الطيبة.