إن من الآداب في الحج أن يتعلم الحاج كيفية الحج وأحكامه وما يحرم عليه وما يحل له، وما يجب وما يُسن، وهذا فرض قد فرضه الله على مريد الحج، إذ لا تصح العبادة ممن يجهلها، وأن يستصحب معه كتاباً واضحاً في مناسك الحج، جامعاً لأحكامه ومقاصده، يُديم مطالعته مع سؤاله لأهل العلم والفتوى في جميع أعمال الحج.
لذا يؤكد الأستاذ محمد الحجار في كتابه “صوت المنبر” ذلك بقوله: “ومن أخلّ بهذا وتساهل، خفنا عليه أن يرجع بغير حج، لإخلاله بشرط من شروط الحج أو ركن من أركانه، وربما قلد كثير من الحجاج بعض عوام أهل مكة”.
ومن تلك الآداب أن يطلب الحاج له رفيقاً صالحاً موافقاً راغباً في الخير كارهاً للشر، إن نسي ذكره وإن ذكر أعانه، وإن كان من أهل العلم والصلاح فليتمسك به، فإنه يعينه على مبار الحج ومكارم الخُلُق يمنعه بعلمه وخلقه من سوء ما يطرأ على راحته في جميع الطرق، ويحتمل كل واحد منهما صاحبه.
ومن ذلك أن يستعمل الحاج الرفق وحسن الخلق مع الرفقة والأصحاب ويتجنب المخاصمة مع الناس، والمخاشنة والمزاحمة في الطريق وموارد الماء.
وعلى الحاج أن يصون لسانه من الشتم والغيبة والألفاظ القبيحة.
قال صلى الله عليه وسلم: “مَنْ حجّ فلم يرفث ولم يفسق، خرج من ذنوبه ليوم ولدته أمه”.
قال علماؤنا رحمهم الله تعالى: إنّ لحج بيت الله آداباً إذا روعيت وقام الحاج بها؛ عاد – بإذن الله – موفور الحسنات، مقبول الأعمال.
ومن هذه الآداب: إذا استقر عزم الحاج على السفر، البدء بالتوبة النصوح عن جميع المعاصي والذنوب، ويخرج من مظالم العباد برد الحقوق لأهلها مع قضائه لديونه وردّ الودائع والأمانات لأهلها، ويستحل كل مَنْ بينه وبينه معاملة غير صحيحة ويكتب وصيته ويشهد عليها، ويوكل مَنْ يقضي عنه ديونه، إذا لم يتمكن هو من قضائها ويترك لأهله ومَنْ تلزمه نفقته من زوجة ووالد وولد شيئاً من المال إلى حين رجوعه.
ومن الآداب المستحبة أن يجتهد الحاج في إرضاء والديه ومن يتوجب عليه بره وطاعته من أستاذ ومعلم ورحم قريب.
ومنها أن تكون نفقته حلالاً خالصة من الشبهة، فإن خالف وحج بما فيه حرام لا يكون حجاً مبروراً ويبعد كل البعد أن يكون مقبولاً، ولله در القائل:
إذا حججت بمال أصله سحتُ فما حججت ولكن حجتْ العير
لا يـقـبـل الله إلا كـل خـالصةٍ ما كل من حج بيت الله مبرور
لذا، فعلى الحاج أن يستكثر من الزاد، والنفقة من المال، ليواسي من كان محتاجاً من القاطنين في تلك البقاع المباركة، ويأخذ بيد البائسين.
وعلى الحاج أن يترك المماحكة والمشاححة فيما يشتريه، بأن يكون سموحاً في البيع والشراء سموحاً في الأخذ والعطاء، فإن أهالي تلك البقاع ينتظرون موسم الحج ليغتنموا منافع الحج، ويفيدوا الحجيج بتوفير المأكولات اللازمة والملبوسات المناسبة والأدوات الضرورية مقابل ربح معقول مقبول.