يعاني أكثر من 25% من أطفال الغوطة الشرقية، شرقي العاصمة دمشق، من نقص تغذية شديد، نتيجة حصار النظام السوري لهذه المنطقة منذ ما يقارب 5 سنوات، بحسب مصدر طبي.
وتسبب الحصار في انعدام كافة المقومات الصحية والغذائية والرعاية بشكل عام، وانحدارها للأسوأ وخاصة مع اشتداد الحصار في الآونة الأخيرة.
وفيات
وقال إسماعيل الحكيم، الطبيب في مركز الحكيم للرعاية الصحية الأولية: إن مركزهم شهد خلال الأشهر الثلاثة الماضية 10 وفيات من الأطفال بسبب سوء التغذية، بينها 7 حالات لرضع تحت سن 6 أشهر، إلى جانب 3 حالات من 6-5 سنوات.
وأشار الحكيم، بحسب “الأناضول”، إلى أن أعداد الوفيات فعليا أكثر من هذا العدد، ولكن يصعب إحصاؤها بشكل كامل بسبب انقطاع زيارة أهالي الطفل المريض عن زيارة المركز.
وأوضح الحكيم، أن المركز قام بإحصاء الحالة الصحية لـ9100 طفل في الغوطة، خلال الست أشهر الأخيرة الماضية، من المرحلة العمرية 6 أشهر -5 سنوات، ووصلت نسبة الإصابة بسوء التغذية بينهم إلى 25%، أي ما يقارب 1806 أطفال، بنسب متفاوتة، مشدداً على أن العدد الحقيقي أكبر بكثير من الإحصائية.
وقال الحكيم: تفاوتت درجات سوء التغذية لدى الأطفال الذين أتو للمركز، بين 125 طفلاً يعانون من نقص تغذية شديد، و400 طفل يعانون من سوء تغذية متوسط، و1200 طفل يعانون من سوء تغذية خفيف، مشيراً إلى أنه يوجد 4 آلاف طفل يعانون من نقص الوزن، تتراوح أعمارهم بين يوم و6 شهور، أي ما يعادل 25% من أطفال الغوطة.
حصار مقبع
وعزا الطبيب سبب انتشار سوء التغذية بين الأطفال دون سن الخامسة، إلى الحصار المقبع في الغوطة الشرقية، إضافة إلى انعدم كافة المقومات الصحية والغذائية، مشيراً إلى أن حالات انتشار سوء التغذية بين الأطفال زادت في الأيام الماضية مع زيادة الحصار، كما زادت حالة سوء التغذية بين الأمهات الحوامل والمرضعات، ما دفع الأطباء للعمل على إنشاء مركز “الحكيم” لعلاج تلك الحالات.
وقام المركز المختص والوحيد في الغوطة الشرقية، بالعمل على عدة برامج أهمها برنامج تدبير مجتمعي سوء التغذية الحاد “سيمام”، وخضع الكادر إلى تدريبات، وسط صعوبات لما يواجههم من نقص في الكوادر والخبرات بهذا العمل، وكان للتدريب دور في اكتساب الكادر العامل في المركز للخبرة.
وأضاف الحكيم، أنه واجهتهم مشكلة كبيرة، أمام الحالات الكثيرة التي تعاني من سوء التغذية، وهي انعدام المواد اللازمة للعلاج.
واستطرد بالقول: “اعتمدنا على تصنيع المواد المحلية لمعالجة الأطفال، وصنعناها من مشتقات القمح والسميد والسكر والأرز المطحون، بتكلفة باهظة نظراً لغلاء المحروقات والظروف الصعبة”.
ونوه بأنه، بالرغم من دخول قافلة مساعدات أممية، إلى الغوطة قبل أشهر، فإنها كانت قليلة للغاية، ولا تكفي لسد حاجات 10% من الأطفال، وكانت تشبه “رشفة ماء لشخص على شفير الهاوية”، على حد تعبيره.
وناشد المركز المنظمات الدولية عدة مرات، إلا أن الحصار مازال مستمراً على الغوطة، ما جعل صناعة المواد البديلة لعلاج سوء التغذية “صعباً”، بسبب غلاء الأسعار والمحروقات، إضافة لصعوبة التنقلات.
وأجبرت تلك الصعوبات “الفرق الجوالة”، التي كانت تعمل خارج المركز في الغوطة الشرقية وتمسح حالات سوء التغذية في المنازل لتحويلها إلى المركز للعلاج والمتابعة، على التوقف عن العمل، بحسب الحكيم.
وشدد الحكيم على أنه واجهتهم صعوبات أخرى مع ارتفاع أسعار المحروقات، وهي قلة المراجعات الدورية لأهالي الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية، نظراً للأوضاع المعيشية الصعبة في المنطقة، وقلة المواد التي يقدمها المركز للأطفال الذين يعانون سوء تغذية بسبب تراجع الإمكانيات.
وفيما يتعلق بالحليب الصناعي، أفاد الحكيم، أنه وبسبب نقص الإمكانيات لا يتم تقديم الحليب الصناعي إلا في الحالات الشديدة جداً، أي في حالة وفاة أم الطفل المصاب أو في حال كانت أم الطفل الذي يعاني سوء التغذية تعاني من مرض، أما في حال كان الأم قادرة على الإرضاع، ولو بنسبة قليلة، فيتم اختيار الأطفال الأكثر حاجة.
وتعاني معظم الأمهات المرضعات في الغوطة الشرقية، من حالات سوء تغذية بسبب قلة الغذاء والوضع النفسي، جراء الحرب والحصار، ما يؤدي إلى قلة إدرار الحليب، أو انعدامه، وبالتالي احتاج الأطفال للحليب الصناعي بشكل أكبر.
وتوفي رضيعان، خلال اليومين الماضين جراء سوق التغذية في غوطة دمشق الشرقية، الناجم عن اشتداد الحصار الذي يفرضه النظام على المنطقة.
وضيق النظام مؤخراً الحصار المفروض على غوطة دمشق الشرقية عبر إحكام قبضته على طريق تهريب المواد الغذائية إلى الغوطة، ومنع بعض الوسطاء المحليين من إدخال أي مواد غذائية إلى المنطقة.