ندد إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، بزيارة نائب الرئيس الأمريكي، مايك بنس للمنطقة، كاشفاً أن حركته تبذل جهوداً للتصدي للسياسة الأمريكية المنحازة للاحتلال.
وتحدث هنية في خطاب ألقاه في مكتبه بمدينة غزة، اليوم الثلاثاء، عن وجود “تحركات جدية لبناء تحالفات قوية في المنطقة لمواجهة السياسة الأمريكية”.
وقال: إن هذه التحالفات “تتبنى إستراتيجية من عنصرين قائمين على عدم الاعتراف بـ”إسرائيل”، وبتبنّي إستراتيجية المقاومة”، دون أن يقدم مزيداً من التفاصيل حول هذه “التحالفات”.
وأضاف: “حماس” واجهت القرار الأمريكي والسياسية “الإسرائيلية” من خلال ثلاث مسارات: الهبة الشعبية، واستنهاض الأمة، والاتصالات السياسية والحراك الدبلوماسي”.
وأعلن هنية في الخطاب عن رفض حركته لزيارة بنس للمنطقة، وقال: إنها “غير مرحّب بها”.
ورأى هنية أن الشعوب العربية والإسلامية ساخطة على السياسة الأمريكية في المنطقة.
وأضاف أن القرارات الأمريكية الأخيرة تؤكد أن “الإدارة الأمريكية لم تعد وسيطاً نزيهاً بين الفلسطينيين و”الإسرائيليين” فيما يُسمى بـعملية السلام”.
وقال: إن الولايات المتحدة الأمريكية، بقراراتها وخطاب بنس أمس أمام “الكنيست”، انتقلت إلى “موقع التحالف الإستراتيجي مع الاحتلال”.
وأضاف: إدارة ترمب لا تأخذ بمصالح ولا بمتطلبات الأمة العربية والإسلامية في الحسبان، وتحاول تسخير المنطقة لخدمة المصالح الصهيونية والأمن الصهيوني.
واعتبر هنية أن القرارات الأمريكية و”الإسرائيلية” بحق مدينة القدس والفلسطينيين تعد بمثابة تهديد تاريخي للقضية الفلسطينية؛ يأتي في “إطار تصفيتها وإنهاء الحق الفلسطيني العربي الإسلامي في فلسطين”.
كما اعتبر هنية تلك القرارات، تمهيداً لما يُطلق عليه في المنطقة بـ”السلام الإسرائيلي”.
كما ندد بتقليص الدعم الأمريكي لوكالة غوث اللاجئين الفلسطينيين الأممية (أونروا).
وقال: إن القرار يتعدى البعد المالي والإنساني إلى “البعد السياسي المتعلّق بحق العودة إلى الأرض الفلسطينية التاريخية”.
واستكمل قائلاً:” القرارات الأمريكية استهدفت القدس واللاجئين وهي ركيزة القضية الفلسطينية”.
وأعلنت الخارجية الأمريكية الثلاثاء الماضي، أن واشنطن جمّدت مبلغ 65 مليون دولار من مساعداتها إلى وكالة “أونروا”، بعد مرور أكثر من شهر على اعتراف الرئيس الأمريكي دونالد ترمب، بالقدس (بشقيها الشرقي والغربي) عاصمة لـ”إسرائيل”، والبدء بنقل سفارة واشنطن إلى المدينة المحتلة.
الوطن البديل
وأكد إسماعيل هنية رفض حركته إقامة دولة فلسطينية على حساب أي دولة عربية سواء مصر أو الأردن، مشدداً على أن “الدولة الفلسطينية حدودها فلسطين فقط”.
وقال هنية:” القرارات الأمريكية و”الإسرائيلية” الأخيرة تحاول أن يكون حل القضية الفلسطينية على حساب الأردن”.
وأضاف: “شعبنا الفلسطيني الذي أسقط مشروع التوطين في منتصف الخمسينيات (من القرن الماضي) هو أقدر على إسقاط المشروع الحال”.
وتابع:” نرفض الوطن البديل ونرفض التوطين ونرفض أن يكون الحل في الضفة الغربية والقدس على حساب المملكة الأردنية الهاشمية، ونقف في نفس المربع مع الأردن في التصدي لهذه المؤامرة”.
وأعرب هنية عن تفهم حركته لـ”حالة القلق الأردني من القرارات “الإسرائيلية” في القدس والضفة الغربية”.
المصالحة الفلسطينية
وتطرق هنية إلى ملف المصالحة الفلسطينية، كاشفاً أن مصر ما زالت مستمرة في علاقتها مع حركة “حماس”، ورعايتها لملف المصالحة الفلسطينية.
وقال هنية: إنه تلقّى اتصالاً منذ فترة وجيزة من مسؤولين مصريين، أكّدوا خلاله على مواصلة مصر رعايتها لملف المصالحة الفلسطينية؛ وأن أي تغييرات مصرية داخلية لن تؤثر على الرعاية المصرية للملف، في إشارة إلى إقالة مدير جهاز المخابرات العامة السابق خالد فوزي، وتكليف اللواء عباس كامل برئاسة الجهاز.
وجدد هنية تأكيد حركته على أنها قدّمت “كافة التسهيلات من أجل تحقيق المصالحة الفلسطينية”.
وقال: “حماس” لن تغادر مربع إنهاء الانقسام، كما أنها متمسّكة بالمصالحة”.
وفي 12 أكتوبر 2017، وقّعت حركتا “فتح” و”حماس” في العاصمة المصرية القاهرة، اتفاقا للمصالحة الفلسطينية.
لكن جهود المصالحة توقفت منذ فترة، وتتبادل الحركتان الاتهامات حول المتسبب في تعطيلها.
سيناريوهات خطيرة
وحذر هنية من استمرار حالة الحصار والفقر الحالية في قطاع غزة.
وقال: إن الإجراءات الحكومية بحق غزة، إلى جانب الحصار تفاقم من خطورة الوضع الإنساني والمعيشي في القطاع.
وأضاف:” غزة أمام سيناريوهات غير متوقعة ومن الصعب استمرار غزة بهذا الوضع”.
وطالب هنية الحكومة الفلسطينية باتخاذ إجراءات من شأنها أن “تخفف من معاناة أهل غزة”.
وأكد على ضرورة “إنجاز الوحدة الفلسطينية وترتيب البيت الفلسطيني على قاعدة الشراكة والديمقراطية والإسراع بالمصالحة بدون عوائق”.
ودعا هنية إلى “بناء إستراتيجية فلسطينية جديدة، تتبنى خيار المقاومة بكافة أشكالها، لمواجهة القرارات الأمريكية الأخيرة”.
وشدد على ضرورة “الاتفاق على إدارة القرار الفلسطيني، وهذا يتطلب إعادة بناء وتفعيل منظمة التحرير الفلسطينية”.
كما دعا القيادة الفلسطينية لـ”عقد مؤتمر فلسطيني شامل في الداخل والخارج لمناقشة الإستراتيجية الوطنية الفلسطينية التي تتصدى للاستراتيجية الأمريكية الإسرائيلية الهادفة لضرب القضية”.
وعبّر هنية عن ترحيب حركته بـ”أي جهد عربي يساعد الفلسطينيين ومصر في تحقيق المصالحة الفلسطينية”.
تفجير صيدا
وندّد هنية بجريمة التفجير التي استهدفت محمد حمدان، أحد كوادر حركة “حماس” في مدينة صيدا بلبنان، في 14 يناير الجاري، وأدى إلى إصابته.
واعتبر هنية ذلك التفجير اعتداءً على الوجود الفلسطيني كلّه في لبنان وليس على حركة “حماس” فقط.
وقال هنية: إن ذلك التفجير يستهدف “أمن لبنان واستقرارها وسيادتها”.
وشكر هنية تركيا على تسليمها أحد المتهمين بمحاولة اغتيال حمدان للحكومة اللبنانية.
وكان مصدر أمني لبناني، رفض الكشف عن هويته، قد قال لـ”الأناضول”: إن “أحد منفذي العملية هرب إلى تركيا عقب تنفيذها؛ وهو الشخص الذي قالت “الوكالة اللبنانية” الرسمية: إن تركيا ألقت القبض عليه، وأن إجراءات تسليمه إلى لبنان بدأت”.
وثمّن هنية دور الحكومة اللبنانية في تفكيك خيوط تلك الجريمة، التي كشفت تورّط “الموساد الإسرائيلي” فيها.
وكانت الوكالة اللبنانية ذكرت السبت الماضي أن القوى الأمنية تمكنت من تحديد هوية المتهمين الاثنين بتنفيذ تفجير صيدا.
وحمّل “إسرائيل” أي نتائج مترتبة على تلك الجريمة، محذّراً إياها من الاستمرار في نهج الاغتيالات لكوادر وقيادات الشعب الفلسطيني، سواء داخل أو خارج فلسطين.
وشدد على أن المخيمات الفلسطينية في لبنان ستبقى “عنواناً لحقّ العودة وعنواناً للصمود”.