المسجد الأقصى في شهر رمضان يمتاز بطقوسه الخاصة به وبساحاته، فهناك صلاة التراويح وقبلها الإفطار الجماعي والفردي في ساحاته ومصاطبه المحصورة داخل السور الذي يحيط بالمسجد الأقصى.
الوافدون والعائلات المقدسية والقادمون من مدن الداخل عام 1948 يتخذون من مصاطب المسجد الأقصى التي توجد في كل واحدة منها من جهة الجنوب محراب، مكاناً مفضلاً لتناول وجبة الإفطار في حلقات دائرية، ويكون الصغير والكبير في هذه الحلقات.
الإعلامي سهيل خلف، القادم مع زوجته وأولاده من مدينة نابلس، في أول جمعة رمضانية في المسجد الأقصى يقول: بعد إحضار الطعام من السوق بحثت عن موقع داخل المسجد الأقصى لتناول وجبة الإفطار، وهذا الأمر يتكرر كل عام أيام الجمع التي يسمح لنا بدخول المسجد الأقصى، وهذا الأمر له قيمته النفسية، فنحن نتناول طعام الإفطار في أولى القبلتين، ويكون بجانبك أناس لا تعرفهم من كافة أنحاء فلسطين، وتلتقي بأصدقاء لم يكن هناك متسع من الوقت في غير رمضان لرؤيتهم، فمصاطب المسجد الأقصى يلتقي فيها الأصدقاء وعلى أرضه يكون الإفطار والصلاة في مساحة 144 دونماً، وهذا لا يكون إلا في المسجد الأقصى.
وأضاف: خلال تناول الإفطار أجد راحة نفسية وأشعر بها من خلال السعادة والسرور التي تظهر على أفراد العائلة.
أما عائلة الباز من اللد فقد تعودت على الحضور للمسجد الأقصى ومعها الطعام الجاهز من المنزل، وتفترش إحدى زوايا المسجد الأقصى في الساحة القريبة من المتحف بجوار باب المغاربة.
يقول رب العائلة أحمد: نحن نأتي إلى المسجد الأقصى معظم أيام شهر رمضان، ونحرص على إحضار الصغار معنا حتى يزيد ارتباطهم بالمسجد الأقصى عندما يكبرون، فتناول الطعام على مصاطب المسجد الأقصى له دلالات عظيمة، فالأمر لا يقتصر على تناول الوجبة فقط، بل يكون هناك رابط من نوع آخر وهو الرابط الروحي فمع تناول الطعام يكون الغذاء الروحي لقدسية المكان، فأنا أعلّم أولادي أن يواصلوا المسير باتجاه المسجد الأقصى في كل أيام السنة، وخصوصاً في المواسم الدينية مثل شهر رمضان، وشعرت بفائدة هذا الإفطار من خلال حديث الأطفال والشباب عن جمال الإفطار في شهر رمضان بساحات المسجد الأقصى.
رئيس اللجنة الإسلامية المنتخبة في يافا المحامي محمد دريعي قال: هناك تقليد في يافا بالذهاب للمسجد الأقصى للإفطار في ساحاته من قبل العديد من العائلات التي تقضي وقتاً ليس بالقليل في المسجد الأقصى، وهذا الرباط له إيجابياته، فالعائلة اليافاوية وغيرها من العائلات من مناطق فلسطين عام 1948 تترك بيتها وتتحمل مشاق السفر وهي صائمة لتصل المسجد الأقصى وتمشي مسافة على القدمين ليست بالقصيرة للوصول إلى المسجد الأقصى، فهناك تضحية بالوقت والمال من أجل إعمار المسجد الأقصى بكافة الأعمار، فالعائلة يكون فيها التنوع العمري والنساء والرجال.
ولفت دريعي إلى ازدياد الإقبال على هذه الطقوس داخل المسجد الأقصى في كافة مدن فلسطين من الشمال إلى الجنوب، وهذا يزيد من التواجد البشري داخل المسجد الأقصى ويضيف الحيوية على الأجواء الرمضانية فيه.