نداءات الاستغاثة التي أطلقتها امرأة مقدسية أثناء اقتحام مئات المستوطنين لساحات المسجد الأقصى، صباح أمس الأحد، أثارت مشاعر الفلسطينيين بعد تغول قطعان المستوطنين في اقتحاماتهم بشكل جماعي.
المواطن عبدالله شواهنة، يعمل في مجال المكتبات، قال: الاحتلال يستفرد بالقدس والمسجد الأقصى، ولا أحد يحرك ساكناً، فلم يعد العشرات يقتحمون المسجد الأقصى بل أصبح المئات وفي الأيام القادمة سيكون بالآلاف، ونحن أصبحنا نعمل كإحصائيين نسجل الأرقام وننشرها، وهم -أي شرطة الاحتلال- تقوم بتأمين المقتحمين بالمئات ليدنسوا المسجد الأقصى.
وأضاف: لا مجيب لمن يستغيث، ونحن في وقت لا نحسد عليه، فكل الوطن مهدد وفي مقدمتهم القدس والمسجد الأقصى.
طبيب العيون عبداللطيف أبو سفاقة منظم حملات الرباط في محافظة قلقيلية الأسبوعية قال: نحن أمام مشهد محزن ومخيف ومقلق، فنحن نشد الرحال للمسجد الأقصى أسبوعياً مرتين؛ وسط الأسبوع، ويوم الجمعة، وهذا الاقتحام المكثف يجعلنا نخاف على أقصانا ونحرم منه مستقبلاً لا قدر الله، فقد سمعنا أنه بعد شهر رمضان ستكون معاملة ساحات المسجد الأقصى من قبل الاحتلال مختلفة، واليوم نشهد هذه المعاملة التهويدية، فقد سمحوا للوزراء وأعضاء “الكنيست” وقادة الأحزاب باقتحام المسجد الأقصى ومنهم المتطرف يهودا غليك الذي يهدد دائماً بهدم المسجد الأقصى وقبة الصخرة لإقامة الهيكل المزعوم، واليوم شاهدنا اقتحاماً لم يسبق له مثل، بأن يصل العدد إلى أكثر من 700 مستوطن بحراسة مشددة من قبل الشرطة “الإسرائيلية”.
الطالب التركي في العلوم السياسية عبدالحميد الذي زار الأقصى في شهر رمضان يقول في اتصال مع “المجتمع” عبر مواقع التواصل الاجتماعي: على بلدي تركيا التحرك الفوري لحماية المسجد الأقصى، فتركيا حاضرة في المسجد الأقصى بآثارها داخل المسجد من قباب ومصاطب وأروقة وسور المسجد الأقصى، وأنا حزين على المسجد الأقصى اليوم بعد مشاهدتي المستوطنين يتجولون فيه، فأنا أتابع لحظة بلحظة وقائع المسجد الأقصى عبر أصدقاء لي، وإنني أقول للفلسطينيين: نحن كأتراك لن نقول: إننا معكم، بل سنطالب دولتنا بالتحرك، فتركيا أحق الدول في التحرك كونها مكثت في فلسطين قروناً ولها إرث تركي لا يستهان به، إضافة إلى كون المسجد الأقصى من أقدس المساجد على الأرض للمسلمين.
بدوره، قال المرابط المربي زياد عرباس الذي يداوم على الرباط أسبوعياً في المسجد الأقصى: أصابتني صدمة من هول منظر الاقتحام الجماعي للمستوطنين وسلوكياتهم المستفزة، فهذا الأمر لا يحتمل، فأقصانا يدنس ونحن لا نحرك ساكناً، ولا أدري إلى متى يبقى هذا الهوان.
أما رئيس الهيئة الإسلامية العليا وخطيب المسجد الأقصى د. عكرمة صبري قال في حديث خاص: أطماع اليهود بالمسجد الأقصى لا تخفى على أحد، ويستغلون أعيادهم لفرض وقائع على الأرض، لذا فبعد القرار الأمريكي المشؤوم الذي أعلنه الرئيس الأمريكي ترمب زادت وتيرة الاقتحامات، فخلال ساعات قليلة يقتحم المسجد المئات من مختلف الشرائح في المجتمع العبري في خطوة استفزازية لكل المسلمين في العالم، كما أن الذي أضعف القدس الخلافات العربية العربية والفلسطينية الفلسطينية، وأصبحت الظروف مناسبة للاحتلال بفرض أجندته التهويدية على المسجد الأقصى وإدخال المئات بحراسة مشددة على المسجد الأقصى والسماح لهم بأداء صلوات تلمودية، وهذا لم يحدث منذ احتلال القدس عام 1967م، والاحتلال يقوم بتشجيع قطعان المستوطنين وغلاة جماعات المستوطنين باقتحام المسجد وتوفير حماية أمنية مشددة عليهم.
ولفت صبري قائلاً: لم تعد الاقتحامات الوسيلة الوحيدة في تهويد ساحات المسجد الأقصى، فهناك مخططات تهويدية قبالة باب الرحمة المغلق من جهة السور الشرقي المطل على مقبرة الرحمة، فاليهود يعتقدون أن المسيح المنتظر سيدخل من هذا الباب، لذا فهناك اقتحامات لمقبرة الرحمة وأداء صلوات تلمودية بالقرب من باب الرحمة الذي أغلقه صلاح الدين الأيوبي، كما أن الاحتلال يغلق مبنى باب الرحمة داخل المسجد الأقصى تمهيداً لتهويد المكان وتغيير الواقع التاريخي فيه.
ولفت صبري: هذه الأفعال التهويدية تهدف إلى إلغاء الرموز الإسلامية حتى يتم إبراز الرموز التلمودية مكانها بعد فشلهم في إيجاد آثار يهودية في المسجد الأقصى ومدينة القدس بالرغم من الحفريات المرعبة في المكان منذ احتلال المدينة.
رئيس أكاديمية القرآن في المسجد الأقصى د. ناجح بكيرات قال في حديث معه: قبل أيام تباهى وزير داخلية الاحتلال الصهيوني جلعاد بالقول: إن أعداد المستوطنين المقتحمين للمسجد الأقصى منذ بداية العام زاد على 17 ألف مستوطن، وهذا العدد كان طوال عام 2017م؛ أي أن الزيادة في أعداد المقتحمين زادت بنسبة كبيرة جداً، وهذا يدلل على وجود مخططات تهدف إلى تغيير جذري داخل المسجد الأقصى من خلال زيادة أعداد المقتحمين لتصل بعشرات الآلاف في وفترة وجيزة.
وأضاف: عملية التفويج أصبحت بأعداد كبيرة جداً، وكانت في السابق لا تصل إلى العشرات طوال اليوم، وهذا التواجد الكثيف بالمستوطنين يهدف إلى تشجيع يهود العالم للقدوم إلى المسجد الأقصى باعتباره مكان هيكلهم المزعوم، وبعدها تكون المطالبة بالتقسيم المكاني لأن أعداد المستوطنين لها حق بأن يكون لها مكان للصلاة فيه، كما يزعمون.