تتواصل أعمال ترميم جامع السلطان أحمد التاريخي والشهير في الشق الأوروبي من مدينة إسطنبول التركية، حيث يشهد الجامع أكبر عملية ترميم في تاريخه الذي يمتد إلى 400 عام.
ويقع الجامع في الميدان الذي يحمل الاسم نفسه بالقرب من متحف “آيا صوفيا”، ويشتهر بعمارته المتميزة، ويعدّ من أهم وأضخم المساجد ليس في تركيا فحسب، بل في العالم الإسلامي أيضاً.
حلة جديدة
بدأت أعمال الترميم الشاملة للجامع التاريخي، في يوليو 2017، وتتواصل حتى الآن بتمويل من رجل أعمال تركي.
وفي عام 2014، تم ترميم إحدى مآذنه بشكل كامل، فيما يتم العمل حالياً على ترميم وإصلاح المآذن الأخرى.
وقال مرسل صاري، مدير المنطقة الأولى للأوقاف في إسطنبول، لـ”الأناضول”: إنهم أطلقوا قبل 22 شهراً أوسع وأكبر عملية ترميم في تاريخ جامع السلطان أحمد.
وأشار صاري إلى إجراء العديد من عمليات الترميم للجامع في السابق، إلا أن أعمال الترميم الحالية تعد الأكبر والأكثر شمولية من نوعها.
كما لفت إلى وجود مصاعب تعترضهم خلال أعمال الترميم، أبرزها حساسية وأهمية المكان التاريخي، وحرصهم على عدم انقطاع العبادات في الجامع وتوقّف زيارات السيّاح إليه.
وللوصول إلى قباب المسجد وترميم النقوش والخطوط المرسومة عليها، أقام عمال الترميم ركائز داخل الجامع للصعود عليها.
وفيما يتعلق بمآذن الجامع، قال صاري: إنهم قاموا بتفكيك اثنين منها حجراً تلو الآخر بعد ترقيمها، وإعادة بنائهما بعد ترميمهما وتقويتهما.
وأفاد أن عمليات الترميم تشمل أيضاً أبواب الجامع التي تعود إلى ما قبل 400 عام.
وذكر أنهم كانوا يخططون للانتهاء من أعمال الترميم خلال 4 سنوات، إلا أن حساسية العمل ودقته، أدى إلى استغراقه وقتاً أكثر من المتوقع.
واختتم صاري حديثه بالإشارة إلى أن المنطقة الأولى لأوقاف إسطنبول تتولى تنفيذ 58 مشروع ترميم في المدينة، تتجاوز قيمتها 250 مليون ليرة تركية.
جوهرة معمارية وتحفة تاريخية
للجامع خمسة أبواب؛ ثلاثة منها تقود إلى صحن المسجد، واثنان يؤديان إلى مكان الصلاة، وتتربع على قمته قبة رئيسة بارتفاع 43 متراً بقطر 23.5 متر، وحولها ثماني قباب أصغر حجماً.
ويحتوي القسم الداخلي لجامع السلطان أحمد على 260 نافذة من الزجاج الملوَّن، كما يضاء أيضاً بكثير من الثريات القيمة المطلية بماء الذهب والأحجار الكريمة والكريستال.
ويطلق الأوروبيون اسم “الجامع الأزرق” على جامع السلطان أحمد، نسبة إلى اللون الأزرق الذي يغلب على الزجاج والزخارف وإضاءة المسجد.
وتكتسي جدرانه الداخلية بأكثر من 20 ألف قطعة سيراميك منقوشة يدويّاً باللون الأزرق، جرى جلبها جميعاً من مدينتي إيزنيك وكوتاهية (غرب) في أكثر من 50 تصميماً يحمل نقوشاً مختلفة.
وإلى جانب كونه من أهم وأجمل وأشهر مراكز الجذب السياحي في إسطنبول وتركيا بأكملها، يعد المسجد مركز عبادة نشط، يضج بحركة المصلين في أوقات الصلوات الخمس وصلاة الجمعة، وهو المقصد الأبرز للأتراك والمسلمين والعرب في إسطنبول للاستمتاع بأجواء شهر رمضان المبارك.
بُنِي الجامع الشهير بعظمته ومهابته بناء على طلب من السلطان أحمد الذي تسلَّم الحكم بعد وفاة السلطان العثماني محمد الثالث بن مراد الثالث عام 1603.
وطلب السلطان أحمد من المهندس محمد فاتح آغا، تلميذ المعمار العثماني الأشهر سنان باشا، بناء مسجد ومجمع إسلامي في عاصمته تقليداً لأسلافه الذين سبقوه.
ورغبة من السلطان أحمد في أن يكون مسجده الأعظم والأكبر في السلطنة العثمانية، فقد جعله مطلاً على مضيق البوسفور، قبالة متحف آيا صوفيا، واستكمل بناءه قبل وفاته بسنة واحدة فقط ليوارى جثمانه في كنف المسجد.
ولم يقتصر جامع السلطان أحمد عند بنائه على مكان الصلاة فحسب، بل ضم العديد من المرافق التعليمية والترفيهية والصحية والخدمية، وكل هذا وسط حديقة خضراء ذات مساحة ضخمة تزينها الورود الملونة.
ويعد السلطان أحمد الجامع الوحيد الذي يضم 6 مآذن في العمارة العثمانية.