قالت صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية: إن فرص نجاح خطة السلام الأمريكية والمعروفة إعلامياً بـ”صفقة القرن” باتت ضئيلة جداً، بسبب استمرار المأزق السياسي في “إسرائيل” والمعارضة الشديدة التي تبديها القيادة الفلسطينية لهذه الخطة.
وكان وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو قد قال، يوم الإثنين 18 نوفمبر الجاري: إن الولايات المتحدة لم تعد تعتبر المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية غير شرعية بموجب القانون الدولي، الأمر الذي ألقى إلى جانب إمكانية إجراء انتخابات إسرائيلية ثالثة لحل الأزمة المستمرة منذ أشهر في السياسة الإسرائيلية، المزيد من الشكوك حول إمكانية نجاح المقترح.
ويصر الفلسطينيون إلى جانب العديد من الحكومات الأجنبية والساسة الإسرائيليين، على رفض تصريحات بومبيو بشأن المستوطنات.
كما صرح إيلان غولدنبرغ مسؤول ملف المفاوضات الفلسطينية-الإسرائيلية في عهد الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما، الذي عاد مؤخراً من زيارة استمرت أسبوعاً إلى “إسرائيل”، بأنه لا أحد يصدق أن هذه الخطة ستعلن، فهي لم تطرح ولو مرة واحدة، لكن مسؤولي إدارة ترمب يصرون على أن الخطة التي اكتملت قبل أشهر بإشراف جاريد كوشنر، صهر ترمب ومستشاره البارز، التي عرفت إعلامياً بـ”صفقة القرن” ستعلن مستقبلاً، بالرغم من فشل التنبؤات السابقة بموعد إعلانها.
وفي ظل تنافس رئيس الوزراء “الإسرائيلي” بنيامين نتنياهو، ومنافسه السياسي الرئيسي بيني جانتس، الجنرال السابق في الجيش “الإسرائيلي”، على تشكيل حكومة جديدة بعد الانتخابات غير الحاسمة التي شهدتها “إسرائيل” في 17 سبتمبر الماضي، يؤجل البيت الأبيض على مر الشهرين الماضيين إعلان الخطة في ظل ترجيحات حول إجراء انتخابات جديدة في مارس 2020؛ الأمر الذي رأى الكثير من المحللين وبعض المسؤولين في الإدارة الأمريكية أنه قد يدفع ترمب إلى إعلان خطته وعدم الانتظار، حيث إن كوشنر، الذي كلفه ترمب في وقت مبكر من ولايته الرئاسية بتولي دور أصبح رمزاً للمشكلات المستعصية، متحمس لفعل ذلك.
وكان كوشنر، وجيسون غرينبلات، مبعوث ترمب إلى الشرق الأوسط والمحامي السابق لمنظمة ترمب، قد صاغا خطة ما زالت تفاصيلها سرية، ويعتقد أنها تنحاز بشدة إلى “إسرائيل” في العديد من القضايا الإقليمية والسياسية المتنازع عليها منذ فترة طويلة، بما في ذلك المستوطنات الإسرائيلية، وهي في الظاهر تحاول تخفيف حدة أزمة الفلسطينيين بضخ استثمارات عربية كبرى في اقتصادهم، لكن الفلسطينيين لم يظهروا اهتماماً كبيراً بهذه الصفقة، ويرفضون منذ فترة طويلة التواصل مع كوشنر وغيره من مسؤولي إدارة ترمب.
ويقول القادة الفلسطينيون: إن إدارة ترمب تتبنى نهجاً عقابياً تجاه مصالحهم باتباعها بعض السياسات مثل الاعتراف بالقدس عاصمة لـ”إسرائيل”، وقطع المساعدات الأمريكية عن الضفة الغربية وقطاع غزة، وإغلاق قنصلية السلطة الفلسطينية في واشنطن، بالإضافة إلى تصريح بومبيو الأخير يوم الإثنين، الذي اعتبره الكثيرون تأييداً لبناء المستوطنات الإسرائيلية، غير أن مسؤولي إدارة ترمب أكدوا أن ذلك لن يوقفهم، فيما يقول بعض المحللين: إن فريق ترمب مستعد لطرح الخطة حتى وإن كان متيقناً من فشلها فور إعلانها.
إذ قال ديفيد ماكوفسكي، وهو زميل أول في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، وعمل في فريق مفاوضات السلام في الشرق الأوسط في إدارة أوباما، متحدثاً عن إدارة ترمب: إنهم يرون أنها رؤية أكثر منها خطة، وأضاف أن إدارة ترمب تأمل في إقامة أساس تاريخي، كي يستطيعوا استخدامه أساساً للمفاوضات المستقبلية في حال إعادة انتخابهم.
وعلى الصعيد السياسي الداخلي، يصور ترمب نفسه على أنه شخص ناجح في إبرام الصفقات، بينما يسعى إلى ملء سجله قبل الانتخابات بشيء قد يستفيد منه إذا اعتبر أنه يقدم مخططاً لحل النزاع.
____________________
المصدر: “القدس العربي”.