نِعْم الشباب شباب الكويت، ونِعْم المراهقون حينها مراهقو الكويت الحبيبة ونعم الإعلام إعلام الكويت.
نعم؛ نِعْم الإعلام إعلام الكويت؛ وذلك لأسباب:
الأول: لرقيه ما قبل الاعتداء فطرة ومهنية.
الثاني: لأنه إعلام صنع شارعاً راقياً حينها وما زال إن شاء الله تعالى؛ فواجه الأزمة برقي.
نعم.. فأزمة الاعتداء على الكويت من أقصاها إلى أقصاها من قبل العراق لم تكن أزمة بسيطة وعابرة كأمثال الأزمات التي نمر بها في المنطقة اليوم، فهي أزمة تجعل الحليم يفقد حلمه، والمتزن اتزانه، والبليغ يفقد مفرداته البلاغية، ولعله تصدر من البعض ما لا نرغب في سماعه؛ بل ولا يرغب القائل نفسه بقوله، وإن كان خرج شيء من ذلك قد يعذر القائل حينها بسبب ما هو فيه من ذهول، فأزمة كهذه هي أزمة كبيرة بكل المقاييس “اجتياح العراق للكويت الحبيبة”.
نعم أيها القارئ الكريم، ومع ذلك ما قرأنا وما شاهدنا ألفاظاً وحروفاً من إعلام الكويت ما يخدش الذوق أو العقل أو الأخلاق والحياء كما نشاهد اليوم ومع الأسف من البعض في العالم العربي والمنطقة ما يؤدي لذلك، نعم.. فاختيار اللفظة الراقية والأسلوب الأمثل لا يدل إلا على رقي الإعلام الذي صنع ذلك في هذا الشارع؛ الشارع الكويتي.
نعم أيها القارئ الكريم، الإعلام الكويتي الراقي المؤصل مهنياً حصد الثمرة الراقية، وكان ذلك ظاهراً في تلك الأزمة بشكل لا يخفى على أحد، وهذه الثمرة نضجت على أيدي رواد في المجال الإعلامي الكويتي؛ رواد أفاضل بكل معنى الكلمة، فرحم الله من توفاه الله، وحفظ الله من بقي منهم بحفظه.
حتى الشباب غير الرسميين كانوا في تلك الأزمة راقين بمنشوراتهم وكتاباتهم “وبروشوراتهم” وتسجيلاتهم المسموعة والمقروءة، فما قرأنا وما سمعنا إلا الرقي والعقل، بل حتى المراهقون الذين كتبوا على الجدران ما قرأنا في كتاباتهم ما هو دون المستوى رغم ضخامة أزمتنا في عام 1990م.
نعم تمسكوا بالحق وترفعوا عن الإسفاف بكل مستوياتهم العلمية والثقافية والسِّنية، وإن دل هذا على شيء؛ فإنما يدل على أن هناك إعلاماً راقياً صنع هذه الثمرة الراقية.
نعم أيها القارئ الكريم، شباب كان قدوتهم كبار الإعلاميين الخلوقين من العلماء الأفاضل من أمثال د. خالد المذكور، ود. عجيل النشمي، والشيخ عبدالرحمن عبدالخالق، وكانت الرسالة والمسيرة الفنية والمسرحية في الإعلام الكويتي تسير باستقلالية لعدم تجييرها للأهواء؛ فلذلك كانت الثمرة الطيبة واضحة على الشارع الكويتي بكل فئاته ومستوياته السِّنية والعلمية والثقافية؛ ففي تلك الأزمة التي يحتار فيها الحليم، ويتردد فيها الشجعان، ويذهل فيها العقلاء، ما رأينا من الشباب إلا ما هو في مستوى الرقي والرفعة، فهذا ما صنعه الإعلام الكويتي حينها ومازال إن شاء الله تعالى على ذلك لا شك ولا ريب.