محاربة الفساد ليست خياراً بل واجب شرعي
أشدّد على أنه لن يفلت أي مسيء من العقاب وأؤكد اعتزازي بمؤسساتنا الأمنية ورجالها ونسائها المخلصين
شعب الكويت الأصيل هو حصن الكويت وأساس عزتها ورفعتها ولن تنطلي عليه الأباطيل
يتوجب من السلطتين التشريعية والتنفيذية تصويب مسار العمل واستشعار التحديات والمخاطر التي تحيط بنا
لكل من يثير التساؤل حول محاسبة أبناء الأسرة الحاكمة نؤكد أنه ليس هناك من هو فوق القانون
التعدي على حريات الناس مرفوض.. وسيواجه أصحاب الأفعال الدنيئة العقاب العادل
وجه سمو نائب الأمير ولي العهد الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح، حفظه الله، اليوم الأحد، كلمة إلى إخوانه وأبنائه المواطنين الكرام التالي نصها بحسب ما أوردته “كونا”:
“بسم الله الرحمن الرحيم (وَاتَّقُواْ فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَآصَّةً) صدق الله العظيم.
إخواني وأبنائي المواطنين الكرام، الحمد رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، يطيب لي أن أحييكم تحية طيبة مباركة من عند الله العلي القدير، نحمده ونشكره على كريم نعمه وأفضاله، ونسأله أن يحفظ وطننا من كل سوء.
في البدء، نرفع أكف الدعاء ضارعين إلى المولى العلي القدير أن يعجل بشفاء والدنا العزيز حضرة صاحب السمو الأمير حفظه الله ورعاه، ونسأله جلت قدرته أن يمنّ عليه باكتمال الصحة والعافية ليعود لأرض الوطن قريباً لمواصلة قيادته الحكيمة لمسيرة البناء والتقدم في البلاد.
لقد رأيت لزاماً في ظل هذه الظروف الدقيقة أن أتحدث إليكم وأشارككم الرأي حول أمور وقضايا أعلم أنها تشغل بالكم وتثير اهتمامكم. ونحن في أدق مراحل التعامل مع تداعيات انتشار كورونا وانهماك أبنائنا الأبطال في تضحياتهم المشهودة بالتعاون مع المخلصين في كافة أجهزة الدولة بجهود مواجهة هذا الوباء الخطير، نشهد بكل الأسف ما يدور في الساحة المحلية مؤخراً من مظاهر العبث والفوضى والمساس بكيان الوطن ومؤسساته ولا سيما ما يتصل ببدعة التسريبات الأخيرة وما شابها من ممارسات شاذة مرفوضة وتعد على حريات الناس وخصوصياتهم تطال بعض العاملين في مؤسساتنا الأمنية وما برز من محاولة البعض شق الصف وإثارة الفتن، وأود التنويه على أن هذا الأمر يحظى باهتمامي شخصياً ومتابعتي لجميع إجراءاته وإخضاعه برمته وكافة تفاصيله بيد قضائنا العادل النزيه بعد أن تم مباشرة الإجراءات القانونية اللازمة في شأنه، مشدداً بألا يفلت أي مسيء من العقاب، مؤكداً اعتزازنا بمؤسساتنا الأمنية ورجالها ونسائها المخلصين التي لن يضيرها ولن ينتقص من قدرها شذوذ البعض الذين سينالون قصاصهم العادل جراء أفعالهم الدنيئة؛ الأمر الذي يستوجب من الجميع التوقف عن تداول مثل هذه المواد الضارة التي لن يستفيد منها إلا أعداء الوطن ومن يسعى لتحقيق مصالح وغايات خاصة على حساب أمن الوطن، وأننا على ثقة بأن شعب الكويت الأصيل الذي هو حصن الكويت وأساس عزتها ورفعتها يدرك حقائق الأمور، ولن تنطلي عليه الأباطيل، ويظل حريصاً على وطنه وأمنه واستقراره.
ولقد حذر حضرة صاحب السمو الأمير، حفظه الله ورعاه، مراراً من خطورة انحراف بعض وسائل التواصل الاجتماعي وما تشكله من معاول هدم وتخريب لبنيان مجتمعنا وقيمه الفاضلة، وما تحفل به من افتراءات وإثارة للفتن وإشاعة روح الإحباط والتشاؤم وإطلاق الاتهامات دون دليل، ولن نسمح لقلة ضالة بجر بلدنا إلى الانقسام والفوضى باسم الحرية الزائفة؛ الأمر الذي يوجب الإسراع بترجمة التوجيه السامي بالقضاء على من أسماهم سموه، حفظه الله ورعاه، بأشباح الفتن؛ حفاظاً على أمن البلاد وصيانة مجتمعنا.
إخواني.. أبنائي.. إن إيماننا بحرية الرأي ثابت والتزامنا بالنهج الديمقراطي راسخ بما لا يقبل التشكيك أو المزايدة، فهو عهد ارتضيناه جميعاً ونتمسك به نموذجاً صادقاً للتوافق الوطني الذي توارثناه جيلاً بعد جيل، ولا شك بأن لهذه الحرية إطاراً قانونياً وأخلاقياً يراعي مسؤوليتها ويحفظ كرامات الناس وسمعتهم، ويحقق الصالح العام، وكذلك نهجنا الديمقراطي الذي يحكمه الدستور والقانون ومقتضيات المصلحة الوطنية؛ ما يستوجب من السلطتين التشريعية والتنفيذية تصويب مسار العمل واستشعار التحديات والمخاطر التي تحيط بنا والتصدي للقضايا الجوهرية وما يمس هموم المواطنين ومصالحهم.
أمامنا أيها الإخوة العديد من الملفات والقضايا المهمة، وهي نتيجة تراكمات طويلة تحتاج لمعالجتها إلى الجدية والحكمة والفكر الخلاق، كما تحتاج إلى التعاون البناء والإيجابية وروح الفريق الواحد، ولنا في سمو الشيخ صباح خالد الحمد الصباح، رئيس مجلس الوزراء، وقدرته على التصدي لهذه الملفات ثقة كبيرة مستحقة بالتعاون مع المخلصين من أبناء هذا البلد الكريم. فهناك قضايا التعليم والشباب والإصلاح الإداري والتركيبة السكانية والخدمات والإصلاح الاقتصادي الذي يجب أن ينطلق من إصلاح الأجهزة الحكومية ومعالجة الهدر في المصروفات وضبط وتجفيف منابع الفساد وأدواته، إلى جانب القضايا الأخرى المهمة. إنها تحديات حقيقية جادة لا تحتمل ترف التسويف والانشغال بالمماحكات السياسية وتصفية الحسابات وتسجيل النقاط والانحراف في استخدام الأدوات الدستورية الرقابية الذي لا يحقق إصلاحاً؛ الأمر يستوجب تعاوناً جاداً فاعلاً مخلصاً، فالوطن يستحق، والمواطنون يتطلعون إلى إنجاز حقيقي ملموس يلبي طموحاتهم في حاضر آمن ومستقبل واعد.
لا شك بأن الفساد آفة مدمرة، ورأينا كيف أحال الفساد أمماً متقدمة إلى كيانات مهلهلة يفتك بها الفقر والجهل والمرض، وقد استشعرنا غزو هذه الآفة لبلدنا عبر مظاهر مختلفة، وإذا كنا نشكو من الفساد فليس من المقبول أن يصور البعض الكويت بأنها أصبحت موطناً للفساد! ولنا وقفة جادة وحازمة لمواجهة هذا الخطر المدمر بكل عزم وقوة، وأن محاربة الفساد ليست خياراً، بل هي واجب شرعي واستحقاق دستوري ومسؤولية أخلاقية ومشروع وطني يشترك الجميع في تحمل مسؤوليته، ولكل من يثير التساؤل حول محاسبة أبناء الأسرة الحاكمة نؤكد بأنهم جزء من أبناء الشعب الكويتي، وتسري عليهم ذات القوانين، ومن يخطئ يتحمل مسؤولية خطئه، فليس هناك من هو فوق القانون، وقد أكد حضرة صاحب السمو الأمير حفظه الله ورعاه أن لا أحد فوق القانون، ولا حماية لفاسد أياً كان اسمه أو صفته أو مكانته، وأدعو الإخوة في الحكومة ومجلس الأمة إلى اعتماد التدابير الفاعلة والتشريعات الكفيلة بردع الفاسدين والقضاء على مظاهر الفساد وأسبابه بكافة أشكاله.
إخواني.. أبنائي الأعزاء.. إن المحافظة على أمن الكويت وتعزيز استقراراها مسؤولية الجميع وهي هدفنا الأعلى وهي قمة الأولويات، وقد أكد الشعب الكويتي حرصه على كيان الوطن وقدم أغلى التضحيات وبذل الروح والدم والغالي والنفيس فداء له وحفاظاً على سيادته، وجسد أروع صور الوحدة الوطنية والتلاحم مع قيادته في تجاوز كافة التحديات والمخاطر التي تزخر بها صفحات تاريخ الكويت الناصع حرة أبية عزيزة الجانب عالية الراية. وأرجو أن تطمئنوا بأن الكويت بخير بتلاحم أبنائها وتعاونهم وأياديها البيضاء التي امتدت إلى مشارق الأرض ومغاربها، وقادرة على تجاوز كل العقبات والتحديات كانت وستظل دائماً بعون الله وتعاون أبنائها الصادق كما عهدها دائماً دار عز وأمان، تمضي بخطى واثقة نحو مستقبل واعد وزاهر ينعم فيه أبناؤها بالأمن والرخاء والازدهار، والله نسأل أن يحفظ كويتنا الغالية وأهلها الأوفياء برعاية وحكمة أميرنا وقائدنا المفدى حفظه الله ورعاه. (وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ)، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته”.