ستون عامًا مضت على استقلال الكويت ومثلها على ممارستنا للديمقراطية، وما زلنا نبحث عن مخرج لمشكلاتنا المزمنة منذ ذلك الوقت إلى اليوم!
الكثير سمع عن تعبير الجدل البيزنطي، لكننا في الكويت عايشناه ومارسناه!
حبينا ديمقراطيتنا وكنا وما زلنا نفتخر بها، لكننا لم نستفد من ممارستنا لها، حتى طغت سلبياتها القليلة على إيجابياتها العديدة!
أصبح الخلاف في كل شيء سمة للمجتمع الكويتي؛ منذ أيام صدر مرسوم بتعليق جلسات مجلس الأمة وفق المادة (106) من الدستور، فاختلف الخبراء الدستوريون على صحة المرسوم! منهم من قال: لا يجوز صدور مرسوم من حكومة مستقيلة، ومنهم من قال: حق دستوري لسمو الأمير لا جدال فيه!
في مجلس 2013 اختار الناس ممثليهم من رموز معروفه بقربها من السلطة ومتفهمه لأطروحاتها، فكاد البلد أن يضيع، وتم صدور تشريعات مدمرة وما زلنا نعاني منها!
في عام 2016 شاركت بعض القوى السياسية لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، لكن إنجازاتها لم تصل إلى طموح الناس!
في عام 2020 اختار الشعب نواباً تميزوا بالطرح السياسي المعارض للحكومة، وبعد أن حددوا أولوياتهم في 6 قضايا توافق عليها الكثير من الناس، فظننا أننا عرفنا الطريق، وتوقعنا أن القطار ركب على السكة، لكننا فوجئنا بعدم تفهم الحكومة لهذا الاختيار وعدم تقبلها لهذا التحول، فجاء الصدام منذ الأيام الأولى وتقدم النواب بطلب عدم التعاون مع رئيس الحكومة وأعلن 38 نائباً تأييدهم للطلب، فتمت استقالة الحكومة!
صدر أمر أميري بتكليف الشيخ صباح الخالد بتشكيل الحكومة الجديدة، وانتهت المدة القانونية دون أن يتمكن من أداء ما كُلف به، وهدد نواب باستجوابه في اليوم الأول، فجاء الرد بتعليق أعمال مجلس الأمة!
وهكذا رجعنا للمربع الأول!
واليوم ينتظر الناس صدور حكم المحكمة الدستورية مع احتمالية إبطال المجلس، وأكثرنا تفاؤلاً ينتظر حل مجلس الأمة وإعادة الانتخابات في غضون شهرين، لنرجع نطبق نفس الخطوات السابقة ونبدأ من جديد نبحث عن مخرج آخر!
العيب ليس في الدستور، العيب في طريقة تطبيقه!
على أسرة الحكم أن تدرك أن هذا الدستور هو قدرها، وأن هذا الشعب شريك في الحكم من خلال مشاركته في التشريع، فلا نضيق ذرعاً بهذه المشاركة التي جعلت الكويت إحدى الدول المحترمة في العالم المتحضر، لذلك هذا الشعب يستحق الأفضل فلا نستكثر على نوابه أن يطالبوا بحقوقه!
سنوات كثيرة أدارت الحكومة البلد إما بدون وجود مجلس أمة، أو بوجود مجلس يسير في جلباب الحكومة، وكانت النتيجة مزيداً من الانتهاكات في مجال حقوق الإنسان أو في نهب الأموال العامة!
وكلمة في أذن نواب الأمة:
عليكم باختيار العبارات التي تحقق المطلوب دون أن تستثير المسؤول، فرب كلمة قالت لصاحبها دعني، ولا تكونوا كمن ضيع صيدته بعجاجته وصراخه، فالحكومة وإن كانت جائرة في بعض الأحيان، إلا أن احترام مسؤوليها مطلوب في كل الأحوال، وكم من قرار سلطوي صدر في لحظة غضب فضيع كل الحقوق بعد أن كنا نطالب ببعضها!
البحث عن مخرج لأزماتنا المتكررة يحتاج إلى مؤتمر وطني تتم الدعوة إليه هذه الأيام لمناقشة أزماتنا القانونية والأخلاقية، مؤتمر تحضره كل فئات الشعب وأكيد ستراقبه السلطة، مؤتمر يعهد إلى مجلس الأمة بتحقيق مطالبه وبأسلوب حضاري وفقاً للقنوات الدستورية، ويطالب الحكومة باحترام الإرادة الشعبية ونتائجها، وبعدها سيعرف الشعب من هو المعرقل للإنجاز ومن هو الحريص عليه!
هكذا وإلا سنعود نبحث عن مخرج آخر!
_____________________________
يُنشر بالتزامن مع صحيفة “القبس” الكويتية.