فطر يوم العيد وأيام التشريق هل يقطع تتابع صوم الكفارة
إذا كان عليَّ كفارة صيام شهرين متتابعين عن الفطر بالجماع في نهار رمضان فهل يجب عليَّ الفطر يوم العيد وأيام التشريق؟ أم أنه يجب صومها حتى لا ينقطع التتابع؟
– من كان عليه صيام شهرين متتابعين فإنه لا يجوز له أن يصوم الأيام المحرم صومها كيومي العيدين، وإذا كان هذا كذلك فإن توقفه عن الصيام هو بأمر الله عز وجل، ومثل أيام العيد في تحريم صومها أيام التشريق، فإنه لم يرخّص في صيامها إلا لمن لم يجد الهدي كما في البخاري عن ابن عمر، وعائشة موقوفاً عليهما، وعليه فيواصل صيامه بعد أيام التشريق مباشرة، ويتمّ ما بقي عليه ولا ينقطع بذلك تتابع الأيام والله أعلم(1).
ضوابط تحقّق التتابع في صيام الشهرين
بحث أهل العلم الشروط والمحدّدات التي يتحقّق بها تتابع الصيام، واتّفقوا على مُجملها وكثير من تفصيلاتها، وبيان آرائهم فيما يأتي(2):
الحنفية: ذهبوا إلى أنّ التتابُع يتحقّق بصيام شهرين متتابعين لا يكون منهما شهر رمضان، وأيّام عيد الفطر، والأضحى، وإن جامع الرجل زوجته خلال الشهرَين في صيام الظّهار خلال الليل عامداً، أو خلال النهار ناسياً، فعليه أن يبدأ بصيام شهرين مكانهما، لقوله تعالى: (مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا) (المجادلة: 3)، في حين اتّفق الحنفيّة على أنّه لا عذر بقطع الصيام سوى الحيض، أو النفاس، أو السفر، أو نحوها، وإذا أفطر بغير عذر، فلا بُدّ له من الإعادة من جديد.
المالكية: ذهبوا إلى ما ذهب إليه الحنفية، وزادوا عليه أنّ الفطر في السفر للضرورة لا يُقطَع به التتابُع، وفي حالة جهله بإتيان العيد خلال فترة صومه، أو جهل مجيء رمضان؛ فإنّه يكمل الصوم بعد انقضائهما، ولا ينقطع عندهم التتابُع بالمرض، وبالفطر من غير عمد، أو إكراه على الفطر، أو الحيض والنفاس.
الشافعية: يرون أنّ التتابُع ينقطع بالإفطار ولو يوماً واحداً بلا عُذر، أو بعذر كمرض، ولا ينقطع عندهم في حالة الحيض، أو النفاس، أو الجنون، أو جماع الزوجة في ليالي الصوم؛ قياساً على رمضان.
الحنابلة: يرون أنّ التتابُع لا ينقطع إلّا في حالة الإفطار بلا عذر، أو صيام شهر رمضان، أو في حالة الفطر الواجب، كأيّام العيد، أو في حالتَي الحيض والنفاس، أو الحمل والرضاع، وينقطع التتابُع عندهم بالفطر بلا عذر، أو في حالة الجهل، أو نسيان وجوب التتابُع، أو ظنّ إتمام الصيام، أو الصيام خلال الشهرَين صيام تطوُّع، أو نَذر.
عليها قضاء أيام من رمضان ولا تعلم عددها
أفطرت في رمضان أياماً لا أعلم عددها بالضبط ربما 4 أو 5 أو 6، وذلك حينما كنت في أول سني البلوغ ظناً مني أن الحائض عدتها يجب أن تكون 7 أيام كاملة، أي أنني كنت آكل وأشرب وأنا قد طهرت من الدورة حتى أكمل عدة 7 أيام، سؤالي هو أنني لم أقضها ولا أعلم عددها فكيف أتصرف؟
– المكلّف إذا أفطر أياماً من رمضان بعد سن التكليف فإن الواجب عليه قضاؤها ولو بعد مضي مدة طويلة، والأخت السائلة تذكر أنها أفطرت أياماً من رمضان بعد سن البلوغ ولم تقضها حتى الآن فنقول: الواجب عليك المبادرة إلى قضائها في أسرع وقت، وأما عددها فتبني على اليقين تحقيقاً لبراءة الذمة، فإذا كنت تشكين هل هي أربعة أيام أو خمسة أو ستة فاجعليها ستة، وأما الإطعام فلا يجب عليك إطعام لكونك جاهلة بالحكم(3).
تأخير قضاء رمضان
زوجتي أتتها العادة الشهرية في شهر رمضان المبارك من العام الماضي، فأفطرت مدة 5 أيام من الشهر، وبعدها حملت ولم تتمكن من القضاء خشية أن يؤثر صومها على الجنين، وقبل ما يقارب الشهر ونصف شهر وضعت المولود والحمد لله، وبعد انقضاء فترة النفاس لم يتبق إلا أيام معدودات قبل رمضان، والخشية ألا تستطيع قضاءها، وذلك خوفاً من أن يؤثر الصيام على الرضاعة، ونظراً لاقتراب الشهر المبارك أفيدونا ما العمل أثابكم الله؟ ولكم جزيل الشكر.
– الواجب عليها القضاء قبل رمضان القادم، فإن جاء رمضان وهي لم تقض فتصوم رمضان الحاضر وبعده -إن شاء الله- تبادر بالصيام بنية القضاء للأيام السابقة، وإذا كان التأخير لعذر كما ذكرت فليس عليها سوى القضاء، وإذا كان التأخير تساهلاً حتى جاء رمضان الثاني فعليها مع القضاء إطعام مسكين عن كل يوم، فإذا كانت الأيام خمسة أيام فتطعم خمسة مساكين مع القضاء، لكل مسكين كيلو ونصف من قوت البلد(4).
_______________________________________
() الإجابة للدكتور عمر بن عبد الله المقبل – عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
(2) الفِقْهُ الإسلاميُّ وأدلَّتُهُ – وَهْبَة بن مصطفى الزُّحَيْلِيّ – دمشق: دار الفكر، صفحة 7152-7154، جزء 9. بتصرّف.
(3) الإجابة للدكتور سعد بن تركي الخثلان – عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
(4) الإجابة للشيخ عبدالرحمن بن عبد الله العجلان – المدرس بالحرم المكي.