حينما تسمع حكاية عن غزة بالتأكيد ستكون مُختلفة عن أي حكاية سمعت عن أهلها في أي حي من أحيائها وشوارعها وأزقتها، فرغم مرارة الحصار وعنجهية الاحتلال الظالمة والحروب التي كانت تقتل البشر وتدمر الحجر وتحرق الشجر، فإن من رحم هذا الألم يولد الأمل الذي يضيء غزة بأنها قادرة على التميز والعطاء، وأن تكون رقماً صعباً لا يمكن تجاوزه في الفوز وتحصيل على المراتب الأولى في العديد من الجوائز.
وهذه المعادلة التي أثبتتها معلمة مبحث الثقافة العلمية والعلوم للمرحلة الثانوية في مدرسة الهدى الثانوية بمدينة غزة نجوى أبو سلمية حينما تألقت وبجدارة وحصولها على لقب “المعلم المبدع” بجائزة “خليفة التربوية” في دولة الإمارات العربية على مستوى الوطن العربي.
وتأتي هذه الجائزة بعد تقديمها إلكترونياً لـ9 ملفات تتمثل في: الكفايات التدريسية، التعلم المستدام، التعلم عن بُعد، التنمية المهنية المستدامة، الدراسات والبحوث، التواصل والشراكات المجتمعية، الولاء والانتماء، المواطنة، القيادة، والتقييم.
وأرفقت من خلالها العديد من المبادرات التي كانت تتميز بها، منها: “الأطلس التعليمي لعلم الديدان الطفيلية”، و”نور على نور” للطالبات ضعاف التحصيل، و”تحصيل أكبر وجهد أقل”، و”تحدي كورونا” للتعلم عن بُعد، “والمدرسة الخضراء”، “وساعة تطوع لأجل فلسطين”، وغيرها الكثير من المبادرات التي تألقت بها.
ويذكر أنها استطاعت الفوز بجائزة خليفة على مستوى الوطن العربي بعدما حققت العديد من الإنجازات، منها إعداد وإنتاج مواد تعليمية لطلبة المدارس خاصة بمساق الثقافة العلمية، حيث قامت بخدمة الطلبة من خلال: إنتاج 93 فيديو تعليمياً، وتجهيز مادة تدريبية شاملة للمراجعة، وإعداد أكثر من 20 اختباراً إلكترونياً من خلال “جوجل فورم” وأنشطة متعددة، و79 ملفاً تعليمياً.
كل ذلك كان يؤهلها لتحقيق هذه الفوز ليس لها فحسب؛ بل لفلسطين، لتعطي مؤشراً قوياً أن المرأة الفلسطينية قادرة على العطاء والتميز والفوز، رغم كل الظروف الصعبة التي يعيشها قطاع غزة من الحصار والاحتلال والحروب.
وهذا، يضاف إلى مجموعة من الجوائز التي حصلت عليها سابقاً، منها: جائزة مبادرتي للمعلمين المبادرين في قطاع غزة، وفرسان المحتوى الرقمي، ومعلم مايكروسوفت الخبير، والتأهل ضمن أفضل 10 مشاريع في مسابقة “لوما ستارت” العالمية بفنلندا.
وتقول المعلمة نجوى أبو سلمية لـ”المجتمع”: رغم قلة الإمكانات والظروف الصعبة، فإنني بفضل من الله تعالى استطعت تجاوزها بكل ما أستطيع فعله، حيث كانت المواد شحيحة في المختبر وقلة أجهزة الحاسوب وغيرها من الأشياء، إلا أن كلمات التشجيع من مديرة المدرسة كان له أثر في العمل والإنجاز.
وتذكر أنها تسعى دائماً أن يكون لها بصمة تعمل من خلالها، مستشهدة بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم: “إذا مات ابن آدم انقطع عملُه إلا من ثلاثٍ: صدقة جارية، أو علم يُنتفَعُ به، أو ولد صالح يدعو له”.