لم تبرح طائرات الاحتلال الإسرائيلي سماء نابلس خلال الأيام الماضية، اتبعتها بعملية اغتيال من نوع مختلف هذه المرّة، تمثل فيها باكورة مرحلة من الاستهداف “النظيف” للمقاومين في مجموعة “عرين الأسود” المسحلة، بحسب مراقبين.
ونفذت قوات الاحتلال فجر اليوم الأحد، عملية اغتيال لأحد قادة “عرين الأسود” في مدينة نابلس تامر كيلاني (33 عامًا)، بتفجير قنبلة زرعها أحد العملاء في طريقه داخل حارة الياسمينة بالبلدة القديمة، بحسب بيان للمجموعة.
وفي الخامس والعشرين من أيلول/ سبتمبر الماضي، نصبت قوات الاحتلال كمينًا لمجموعة من مقاومي “عرين الأسود”، استشهد خلاله المقاوم سائد الكوني، وأصيب ثلاثة آخرون.
إقرأ أيضاً
عرين الأسود تعلن اغتيال الاحتلال الشهيد تامر الكيلاني
وتطرح الاغتيالات سؤالا مهما، حول إن كانت بديلا عن الاجتياح الشامل الذي هددت به سلطات الاحتلال خلال الفترة الماضية، أو أنها تمهيدًا له بعد تخفيض فاتورة الدم؟
يجمع مراقبون تحدثت إليهم “وكالة سند للأنباء” على أنّ الاحتلال في كل الأحوال لن يقدم على اجتياح شامل قبيل انعقاد انتخاباته المزمعة في تشرين الثاني/نوفمبر المقبل.
نمط جديد..
المحلل السياسي حسن عبده، يقول إنّ الاغتيالات هي نمط جديد سيستمر في المرحلة القادمة، كون أن عملية الاغتيال غير مجدية من وجهة النظر الإسرائيلية، خاصة وأن ما يجري أشبه بحالة شعبية وبيئة مقاومة لديها القدرة على إنجاب المقاتلين.
ويضيف “عبده” : أن “عملية الاجتياح لن تكون مجدية ولن تحقق النجاح المطلوب، لهذا لجأ الاحتلال للعمل الاستخباري، وأتبعه بأسلوب الاغتيال النظيف”.
وترتبط فرضية الاجتياح بنظر ضيفنا بفكرة الضم الشامل، وليس فقط في القضاء على حالة عسكرية، مشيرا إلى أن الاحتلال لن يقدم على الاجتياح قبل انعقاد الانتخابات المزمعة الشهر المقبل.
ويوضح أن “أي عملية عسكرية موسعة يعني بالضرورة دفع جبهات أخرى للمشاركة في القتال، وهذا سيناريو إشعال للمنطقة، والاحتلال غير مؤهل للقيام به في الفترة الراهنة”.
ويكمل: “أن الاحتلال يحتاج حكومة قوية تتخذ قرارات متعلقة بالقضاء على بنية المقاومة في الساحات المختلفة، وهذا لن يتحقق ولن يتوفر لحكومة يائير لابيد”.
تهيئة مناخ..
المحلل العسكري يوسف الشرقاوي، يرى من ناحيته أنّ “إسرائيل تلجأ لاسلوب القضم التدريجي الذي يعني استراتيجيا التهيئة لاجتياح شامل”.
ويوضح أن الهدف الإسرائيلي من هذه العمليات هي تخفيض فاتورة الدم والخسائر التي قد تنتج عن العملية العسكرية الواسعة.
وفي كل الأحوال، يحسم “الشرقاوي” أن سيناريو الاجتياح الشامل للشمال، لن يتحقق قبيل الانتخابات المزمع عقدها في نوفمبر القادم.
ويلفت ضيف سند إلى أن إسرائيل تحاول احتواء الحالة العسكرية عبر اغتيال الرموز، وصولا لمرحلة الانقضاض الممكن عليها، وهذا لن يتحقق طالما توفرت بيئة شعبية واسعة داعمة لها.
ويُشدد على ضرورة “توفر الدعم والإسناد عبر عمليات متعددة ترتبط بإعلان العصيان المدني والإضرابات الشاملة، والخطوات التي من شأنها دفع الاحتلال للتراجع عن فكرة التصادم الجمعي مع المواطنين”.
من جانبه، يستبعد صالح النعامي الخبير في الشأن الإسرائيلي، الوصول لعملية اجتياح واسعة على غرار السور الواقي عام 2002، لما يدركه الاحتلال من مخاطر تترتب على الوضع القائم.
ويردف “النعامي”: “أن الاحتلال يتملكه الخوف من الحملة الشاملة التي تعني بالضرورة فتح جبهات أخرى، وهي كلفة أكبر بكثير من سياسة الاغتيالات التي تلجأ إليها”.
ويُبيّن أن السياسة تأتي في سياق قرار جهاز “الشاباك” الذي أقرها للتخلص من العرين، والارتكاز على عمليات دون توقيع.
رسائل ردع..
من جانبه، يفسّر أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس المفتوحة سعيد زيداني، هذه السياسة “بمحاولة توصيل رسائل الردع”.
ويقول “زيداني” إن العمليات الفردية وحالة الاستهداف اليومي للجنود استنزاف للقوات الإسرائيلية، والمسألة التي تدفع الاحتلال للتعامل مع جبهة الشمال بشكل منفصل عن الجبهة الجنوبية.
ويوضح أن “الاحتلال يرفض منطق ربط الساحات، ويحاول التأثير على استراتيجية عملية الربط، عبر الاستهداف المزدوج لكل جبهة”.
ويشير إلى أن الهدف المهم للاحتلال هو الوصول لاستراتيجية “قص العشب” التي ترتكز على استهداف المجموعات التي يمكنها استهداف جنود الاحتلال واستنزافه.