بين ليلة وضحاها، وجدت عائلة البطش في مدينة الخليل نفسها دون مأوى، بعد أن اقتحمت قوة “إسرائيلية” منزلهم وأجبرتهم على إخلائه بأقل من ساعة، وسط اقتحام همجي وحالة من الخوف التي انتابت أفراد وأطفال العائلة.
وبقوة السلاح، أخرج جنود الاحتلال عائلة المواطن بدر البطش من منزلهم، يوم الخميس الماضي، بعد تحطيم محتوياته ورميها في الشارع، دون أن يعطوا العائلة فرصة لإخلائه أو البحث عن منزل آخر يأويهم.
“أمهلنا جنود الاحتلال ساعة واحدة فقط لإخلاء المنزل”، يقول رب العائلة بدر البطش، مشيرًا إلى أن قوة “إسرائيلية” اقتحمت المنزل بعد أن كسرت الباب الرئيسي وحطمت محتوياتهم قبل طردهم منه.
الهجمة الشرسة
وأضاف البطش: طلبت من جنود الاحتلال قراراً مكتوباً بالإخلاء لكنهم أبلغوني بالمغادرة فورًا، والحضور لاحقًا لاستلام القرار، وإلا سيهدمون البيت فوق رؤوسنا.
وتابع: أخرجونا مع أطفالي الأربعة أصغرهم ستة أعوام، وأكبرهم 11 عامًا من البيت، وسط حالة من الخوف والرعب من الهجمة الشرسة، ما اضطرنا للانتقال ليلاً لمنزل والدي في نفس المنطقة، لحين استعادة منزلنا.
ويتبع المنزل الذي كانت تسكنه عائلة البطش لبلدية الخليل، قبل أن تستولي عليه سلطات الاحتلال وتجبره على مغادرته، بحجة أنه يتبع أملاك الغائبين، وفقاً لما أخبره المحامين.
ولفت البطش إلى أنه قطن في المنزل منذ عدة أسابيع، وحاول تحويله لفندق لاستقطاب المواطنين إلى البلدة القديمة بالخليل، وبعد تجهيره حضر جيش الاحتلال وأزال اليافطات دون أن يبلغه بشيء مشيرًا إلى أنه عاد للسكن مع عائلته بالمنزل قبل إخلائه منه قبل يومين.
الاعتداء الجائر
من جانبها، وصفت بلدية الخليل قرار إخلاء المنزل بـ”الاعتداء الجائر”، مؤكدةً أن ملكية هذا المبنى تعود للبلدية، وأنها من خلال طاقمها القانوني ستتخذ الإجراءات القانونية اللازمة لاستعادته.
وأوضح نائب رئيس بلدية الخليل أسماء الشرباتي أن البلدية تملك الأوراق الثبوتية والقانونية التي تؤكد ملكيتها للمبنى القديم، وأنها أعادت ترميم المنزل وإصلاحه من خلال لجنة إعمار الخليل، مشيرة إلى أن البطش حاول تحويل المنزل لفندق، ومن ثم سكن فيه قبل أن يتم إخلاؤه منه.
وأردف الشرباتي: “الاحتلال أغلق المكان قبل شهر، وأعاد إغلاقه وإخلاء المواطن من المبنى مرة أخرى دون تسليمه قراراً بذلك، والبلدية توجهت بدورها بشكوى للمحاكم “الإسرائيلية”، وتواصل المتابعة القانونية لوقف تطاول الاحتلال على مبنى يتبع للبلدية.
وتشير ضيفتنا إلى أن اعتداءات الاحتلال بحق ممتلكات البلدية لم تتوقف، حيث سبق أن سهّل شق طريق ترابي يصل تل الرميدة ببعض البؤر الاستيطانية، وتم الاستيلاء على معدات ومركبة تتبع للبلدية، ومنع العمل في المكان.
وتؤكد أن الاستيلاء على المبنى يأتي في إطار محاولة الاحتلال منع التواجد الفلسطيني في مدخل السوق والبلدة القديمة صوب المسجد الإبراهيمي والزحف لكل المباني لتجميدها والاستيلاء عليها، عبر سياسة استيطانية واضحة.
الهوية الفلسطينية
من ناحيته، يقول مؤسس تجمع شباب ضد الاستيطان عيسى عمرو: إن الاحتلال يعمل على تهويد قلب مدينة الخليل بشكل كبير من خلال بناء المستوطنات، حيث أن هناك قرابة ثلاثين وحدة استيطانية جديدة سيتم بناؤها بجانب المستوطنة المقامة على مدرسة المنقذ، والقريبة من المبنى الذي كانت تقطنه عائلة البطش.
ولفت عمرو، في حديثه لوقوع المنزل في موقع إستراتيجي مهم، يدفع بالاحتلال محاولة السيطرة عليه واستخدامه وطرد سكانه؛ من أجل قتل الهوية الفلسطينية في الخليل تحت حجج ومبررات واهية.
وتابع: لجأ الاحتلال لما يُعرف بقانون أملاك الغائبين، وهو أحد وسائل الاحتلال للسيطرة على الممتلكات الفلسطينية ومنعهم من استخدامها في الضفة والقدس، مضيفًا: هناك عنصرية واضحة في تعامل الاحتلال مع هذا الأمر في الخليل، رغم أن هذا المنزل فلسطيني ليس له علاقة بأملاك الغائبين، وهو تابع لبلدية الخليل.
ويشير عمرو إلى أن عملية الإخلاء تمت دون أمر عسكري أو قرار محكمة “إسرائيلية”، وفي ذلك تعدٍّ واضح حتى على قرارات وإجراءات يلجأ لها الاحتلال في تبرير انتهاك.