تتصاعد في المملكة المتحدة مخاوف من تعرض المسلمين لمزيد من التمييز في عهد رئيس الوزراء البريطاني من أصل هندي ريشي سوناك، وهو أول من يتولى هذا المنصب من أقلية عرقية.
وفي 24 أكتوبر الماضي، أصبح سوناك (42 عاماً) الزعيم الجديد لحزب المحافظين الحاكم ورئيس الوزراء، إثر استقالة ليز تراس قبلها بأربعة أيام بعد 44 يوماً في المنصب.
ووجهت المعارضة والرأي العام في بريطانيا انتقادات حادة لسوناك بسبب خطابه التمييزي بحق المسلمين والمهاجرين غير النظاميين، بالإضافة إلى ربطه بين الإسلام والإرهاب.
وينشغل الرأي العام البريطاني حالياً بالخطوات التي سيتخذها سوناك تجاه المهاجرين واللاجئين، خاصة أنه أدرج على جدول أعماله قبل توليه منصبه “خطة إرسال المهاجرين واللاجئين إلى رواندا”.
وفي أبريل الماضي، وقّعت بريطانيا مع رواندا اتفاقا قيمته 120 مليون جنيه إسترليني لإرسال مهاجرين، ولا سيما الذكور ممن لا يرافقهم أحد، إلى البلد الإفريقي حيث يتم النظر في طلبات لجوء يتقدمون بها.
سياسات الهجرة واللجوء
وقال محمد جاغري بيلير، مدرّس نظريات العلاقات الدولية وأمن الاتحاد الأوروبي بكلية العلوم السياسية والعلاقات الدولية في جامعة ليدز البريطانية: إن الاضطرابات السياسية في المملكة المتحدة أثرت على سياسات الهجرة واللجوء.
وأوضح بيلير، في حديث مع وكالة “الأناضول”، أن الحكومات البريطانية بدأت تبحث عن وسائل لمكافحة الهجرة غير النظامية منذ خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي نهاية عام 2020.
وأضاف أن الخطوة الأخيرة في هذا المسعى هي الاتفاق على إرسال من دخلوا المملكة المتحدة بشكل غير قانوني إلى رواندا.
وشدد بيلير على أن بريطانيا، وبعد خروجها من الاتحاد الأوروبي، تعمدت التمييز في بروتوكول الهجرة.
وتابع: “في نهج حكومة سوناك تجاه الهجرة غير النظامية، يتم تصنيف طالبي اللجوء والتمييز بين من أتوا بالفعل هربا من انتهاكات حقوق الإنسان ومن جاؤوا لأسباب اقتصادية بحتة. ويتم التشكيك في قانونية طلبات لجوء القادمين بالقوارب عبر فرنسا”.
وأردف أنه بموجب الاتفاق المبرم مع رواندا، سيتم التدقيق في طلبات طالبي اللجوء وستُفرض عليهم رقابة صارمة.
واستطرد: “عندما ننظر إلى التصريحات الخاصة بكيفية تنفيذ الاتفاق مع رواندا، نرى أن طلبات المهاجرين واللاجئين سيتم فحصها واحدا تلو الآخر، وخاصة طلبات لجوء الرجال بين 20 و40 عاما”.
وزاد أن “وزيرة الداخلية البريطانية سويلا برافرمان وصفت الهجرة غير النظامية بأنها غزو، ما يوضح كيف ستكون سياسات الحكومة تجاه الهجرة والمهاجرين”.
عداء للإسلام
وقال بيلير: إن سوناك “تلقى ردود فعل غاضبة”، وهو الذي وضع مفهوم التطرف في كفة واحدة مع الإسلام وأطلق تعبيرات معادية للإسلام قبل توليه منصبه.
وتابع: “فيما يتعلق بالتمييز، نال سوناك سخط المجتمع المسلم بسبب زلاته قبل أن يصبح رئيسا للوزراء”.
وأوضح أنه عندما أطلق سوناك حملته لرئاسة الوزراء استخدم عبارات مثل محاربة “التطرف الإسلامي” و”مساواة الإسلام بالإرهاب”.
وأضاف أن سوناك “تعرض لانتقادات لتجاهله مطالب النواب المسلمين باتخاذ موقف واضح ضد الإسلاموفوبيا”.
وأكد بيلير أن التمييز وكراهية الأجانب ازدادا منذ أن تولى سوناك منصبه، وذلك بتأثير عوامل مثل خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي والأزمة الاقتصادية العالمية ووباء كورونا.
ورجح أن يكون “المسلمون على موعد مع المزيد من التمييز في عهد سوناك”.
وأفاد بوجود أحكام مسبقة لدى الشعب البريطاني تجاه المهاجرين واللاجئين المسلمين.
وتابع: “كشف استطلاع للرأي كيف تختلف مواقف البريطانيين من المهاجرين البولنديين ونظرائهم النيجيريين، ومدى قوة الأحكام المسبقة للناخبين المحافظين تجاه المسلمين والإرهاب”.
ورأى أن الخطوات التي سيتخذها سوناك للاحتفاظ بتأييد الناخبين المحافظين قد تكون تمييزية ومعادية بشكل كبير للمسلمين.
وأضاف أن البرنامج البريطاني المناهض للتطرف والمسمى “امنع” يتسبب في “تمييز خطير” ضد المسلمين، والقانون الذي يكافح التطرف تحول إلى مطاردة للمسلمين.
وأوضح أن “البرنامج يطبق حتى في المدارس فإذا كنت تشك في طالب ما أو في أسرته، فيمكنك استجوابه بوجود الشرطة والإبلاغ عنه لأجهزة الاستخبارات. وهذا ولّد سخطا كبيرا لدى المسلمين في بريطانيا”.