أصدرت مجموعة من العلماء والهيئات والمؤسسات العلمائية فتوى تبيّن الثوابت المجمع عليها في شريعة الإسلام بشأن المسجد الأقصى المبارك.
وأكدت الفتوى 6 ثوابت وسط ما يتعرض له المسجد الأقصى من انتهاكات يومية على يد العدو الصهيوني.
وأبرز المؤسسات الموقعة، هي: الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، ورابطة علماء فلسطين – قطاع غزة، وهيئة علماء فلسطين، ومجلس الدعاة في لبنان، ورابطة أئمة وخطباء ودعاة العراق، ومنتدى العلماء، والمنتدى الإسلامي الموريتاني، ورابطة علماء المسلمين، وجمعية علماء ماليزيا، والرابطة العالمية لفقهاء الأمة.
الثابت الأول:
أنّ المسجد الأقصى المبارك من الناحية الشرعية هو كلّ ما دار عليه السور بمساحته الكاملة (144 ألف متر مربع)، يستوي فيه ما كان مسقوفًا أو كان مكشوفًا، وأنّ قدسيته بكامله واحدة لا تتجزأ، لأنّ الله تعالى سمّاه في القرآن الكريم المسجد الأقصى، وهو إذ ذاك غير مبنيّ، فقال الله تعالى: ﴿سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ﴾ (الإسراء: 1)، وهو أحد أقدس مساجد الأمّة الثلاثة، ففي الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه، أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا تُشَدُّ الرِّحالُ إلّا إلى المَسجِدِ الحَرامِ، ومَسجِدي، والمَسجِدِ الأقصى..» (أخرجه البخاري، 1189، ومسلم، 1397).
وفي الحديث عن أبي ذر الغفاري رضي الله عنه قال: قُلتُ يا رَسولَ اللهِ: أيُّ مَسْجِدٍ وُضِعَ في الأرْضِ أوَّلُ؟ قالَ: «المَسْجِدُ الحَرامُ»، قُلتُ: ثُمَّ أيٌّ؟ قالَ: «المَسْجِدُ الأقْصى»، قُلتُ: كَمْ بيْنَهُما؟ قالَ: «أرْبَعُونَ سَنَةً» (أخرجه البخاري، 3425، ومسلم، 520).
الثابت الثاني:
أنّ المسجد الأقصى المبارك بكامل مساحته المذكورة أعلاه مقدّسٌ إسلاميٌّ خالصٌ لا يقبلُ التقسيم ولا المشاركة، لقول الله تعالى: ﴿وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَداً﴾ (الجن: 18)، بمعنى: وأنّ المساجد له سبحانه وتعالى لا لغيره، فلا تدعوا مع الله تعالى فيها أحدًا، فتكونوا مثل اليهود والنصارى في كنائسهم وبِيَعهم.
وقوله تعالى: ﴿مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَن يَعْمُرُواْ مَسَاجِدَ الله شَاهِدِينَ عَلَى أَنفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ أُوْلَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ وَفِي النَّارِ هُمْ خَالِدُونَ {17} إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللّهِ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاَةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلاَّ اللّهَ فَعَسَى أُوْلَـئِكَ أَن يَكُونُواْ مِنَ الْمُهْتَدِينَ﴾ (التوبة)، وأنّ إدارته وصيانته وإعماره بما في ذلك أسواره الخارجية يجب أن تقوم بها جهة إسلامية حرّة الإرادة، هي اليوم الأوقاف الإسلامية في القدس والتابعة للأوقاف الأردنية.
الثابت الثالث:
إنّ دعم المرابطين والمجاهدين في المسجد الأقصى المبارك بأدوات فاعلة ومباشرة ومساعدتهم ماديًا ومعنويًا، وبكل صور الدعم بما يمكّنهم من القيام بواجبهم المتحتم عليهم، للثبات على أرض القدس والدفاع عن المسجد الأقصى المبارك، كلّ ذلك جهادٌ مقدّسٌ افترضه الله تبارك وتعالى على الأمّة الإسلامية، وهو ماض إلى قيام الساعة.
الثابت الرابع:
أنّه ليس لأتباع أيّ دين غير دين الإسلام من حقّ في المسجد الأقصى المبارك أو دخوله أو ممارسة أيّ طقوس دينية فيه، وأنّ أداء الطقوس فيه عدوان وجودي يستحقّ أن يواجَه بكلّ أشكال المقاومة الممكنة والمتاحة، وأنّ هذه المقاومة جهادٌ في سبيل الله تبارك وتعالى، وحماية للمقدسات الإسلامية.
الثابت الخامس:
أنّ دخول أيّ مسلم إلى المسجد الأقصى المبارك بسبب اتفاقية «أبراهام» سيئة الذكر، التي تنصّ على حصر القدسية الإسلامية في المسجد القبلي وقبة الصخرة، وتُعدّ ساحات الأقصى مساحات مشتركة بين مختلف الأديان؛ عدوانٌ أثيم على المسجد الأقصى المبارك يستدعي الردّ والتصدّي والمنع؛ بدءًا بالنصيحة والموعظة الحسنة، وانتهاءً بالمنع بالقوة، وإننا ندعو إخواننا وأهلنا شعوب الدول التي حالفت أنظمتها المحتل باتفاقية «أبراهام» أن يقاطعوا زيارة المسجد الأقصى المبارك تحت عنوان هذه الاتفاقية السيئة الظالمة مهما كانت مسوغاتها، لأنّ زيارتهم له تحت سقف الاتفاق تغيير لهوية المسجد الأقصى المبارك وضربٌ لثوابت الأمّة الإسلامية.
الثابت السادس:
أن المسجد الأقصى اليوم محتل من العدو، مدنس من الصهاينة، وإجماع الأمة منعقد على وجوب تحرير أي أرض إسلامية احتلها العدو، ويتأكد ذلك إذا تعلق الأمر بالمقدسات الإسلامية.
وإنّ المسجد الأقصى المبارك اليوم أسير هو أكبر أسرى أمّة محمد صلى الله عليه وسلم فيجب على الأمّة الإسلامية كلّها بذل الغالي والنفيس من أجل تحريره وتطهيره من رجز المحتلين المعتدين وتدنيسهم المستمر وتهديدهم له، لما ثبت في صحيح البخاري من حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أطْعِمُوا الجائِعَ، وعُودُوا المَرِيضَ، وفُكُّوا العانِيَ» (أخرجه البخاري، 5373).
ولما ثبت في الصحيحين في شأن الصحيفة التي أخرج علي بن أبي طالب رضي الله عنه من قراب سيفه، فعن وهب بن عبدالله السوائي أبي جحيفة قال: «سألْنا عليًّا رضي الله عنه: هل عندَكم مِن رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم شيْءٌ بعدَ القرآنِ قال: لا والذي فلَق الحبَّةَ وبرَأَ النَّسَمةَ إلا فَهْمٌ يؤتيه اللهُ عزّ وجل رجُلًا في القرآنِ أو ما في الصحيفةِ، قلتُ: وما في الصحيفةِ؟ قال: العقلُ وفَكاكُ الأسيرِ ولا يُقتلُ مسلمٌ بكافرٍ» (أخرجه البخاري، 6915)، ومسلم، 1370).
ومن بين العلماء الموقِّعين: الشيخ محمد الحسن بن الددو، رئيس مركز تكوين العلماء في موريتانيا، ود. نواف تكروري، رئيس هيئة علماء فلسطين، ود. محمد الصغير، الأمين العام للهيئة العالمية لنصرة نبي الإسلام، ود. كامل صلاح، رئيس الرابطة العالمية لفقهاء الأمة، ود. جمال عبدالستار، الأمين العام لرابطة علماء أهل السُّنة، وسعد ياسين، نائب رئيس اتحاد العلماء والمدارس الإسلامية في تركيا، ود. محمد يسري إبراهيم، نائب رئيس رابطة علماء المسلمين.