تمر اليوم الذكرى الـ 19 لاستشهاد الشيخ أحمد ياسين -رحمه الله- مؤسس حركة المقاومة الإسلامية (حماس) بعد أدائه لصلاة الفجر على يد طيران الكيان الصهيوني، وبهذه المناسبة تعيد “المجتمع” نشر هذا الحوار الذي أجراه معه الزميل وسام عفيفة.
في حوار مع زعيم «حماس» التي بدأت عامها السادس عشر: المقاومة أنهكت العـدو ودعاة وقفهـا يريدون منا الاستسلام والذل
أجرى الحوار: وسام عفيفة
أكد الشيخ أحمد ياسين زعيم ومؤسس حركة المقاومة الإسلامية حماس أن حركته باتت ممتدة وقوية في المنطقة وأنها تسير نحو الأفضل، وقال في حوار خاص مع “المجتمع” بمناسبة مرور 15 عاماً على تأسيس حماس: إن المقاومة هي الحل الوحيد لدحر الاحتلال وهي تحوز على إجماع من الجميع في حين أن الأصوات المطالبة بوقفها تريد منَّا الاستسلام والخنوع والاستجداء، وأضاف: المعركة مع العدو مفتوحة ولن نسمح لأحد أن يحدد لنا كيف نواجهه، وخصوصاً أن العدو في حالة تراجع والشعب الفلسطيني في تقدم مستمر، وإن شاء الله سيزول الاحتلال خلال عقدين أو ثلاثة.
وأكد الشيخ ياسين أن حماس تتعرض لمؤامرة من خلال افتعال المشكلات معها لتوتير الساحة الفلسطينية، وبما يؤدي في النهاية إلى إنهاء الانتفاضة.
وقد استعرض زعيم حركة حماس دور حركته في حاضر ومستقبل القضية الفلسطينية وإدارة المقاومة في خضم الصراع مع العدو… وإلى تفاصيل الحوار:
– مضى على انطلاقة حماس 15 عاماً فكيف تنظرون إلى مسيرتها اليوم؟
– من فضل الله علينا وعلى كل العالم أن حماس حركة أصبحت ممتدة الجذور في الشارع الفلسطيني والعربي والإسلامي، وأصبحت رقماً لا يمكن القفز عليه في المنطقة في كل الظروف، فلها علاقاتها مع الكثير من الدول، ولها دعمها في الشارع العربي والإسلامي، وهي تسير من حسن إلى أحسن إن شاء الله.
– هناك أصوات تطالب بإنهاء «عسكرة الانتفاضة» وتعتبر استخدام السلاح وبالاً على الشعب ما رأيك؟
– هؤلاء يريدون منَّا الاستسلام ورفع الرايات البيض، والمستسلم المهزوم يجب عليه دفع ثمن الهزيمة، وهو في حالتنا تصفية القضية. والمطلوب منَّا استجداء السلام الهزيل، المخزي على طاولة المفاوضات الذي يضيع كل حقوق الشعب. ولنعلم أن العمليات الجهادية والمقاومة أعطت الشعب حقه في الوجود والدفاع عن نفسه، حيث لم يعترفوا بنا في السابق، ولكنهم اعترفوا في أوسلو بحكم ذاتي بعد الانتفاضة الأولى، واعترفوا اليوم في هذه الانتفاضة بدولة، حتى حزب الليكود الذي كان لا يعترف بشيء اعترف بدولة فلسطينية، ولكنها دون معالم. نحن نتقدم والعدو يتأخر بفضل عملياتنا الجهادية والمقاومة، لذلك هم يريدون أن نتوقف ليكسروا إرادة الشعب، ويبثوا في وعيه أنه لا يمكن تحقيق شيء من خلال المقاومة، وأصحاب رؤية «معركة السلام»، يطلبون منا رفع الراية مقابل أن يمنَّ العدو بشيء من حقنا… لذلك كله، فإننا نعتبر أن هذه أصوات مرفوضة من الشعب، لأن هناك إجماعاً على المقاومة حتى ممن ينتسبون إلى حركة فتح، وموقف هذه الأصوات غير صحيح، والرد عليهم متعب ومضيعة للوقت، ولنر كيف يعترف العدو بآثار المقاومة التي جاءت لتهز كيانه وتبث اليأس فيه وتجعله يعيد حساباته.
– لماذا تتمسكون ببعض الوسائل رغم أضرارها (كما يراها البعض) وعدم جدواها كالعمل الاستشهادي والهاون والقسام؟
– نحن أمام خيارين، إما مقاومة أو استسلام، والمقاومة ليس لها حدود، العدو يهاجمنا ويقتلنا فهل يستأذن منَّا كي يستخدم سلاحاً معيناً، أم أنه يفتح معركة على مصراعيها ضدنا بالطائرات، والدبابات، والصواريخ، والعملاء؟! فلماذا المطلوب منا تحديد كيف نقاتله؟ نحن الذين نحدد حسب الإمكانات والوسائل، فهو يضربنا في نقاط ضعفنا، ونحن نرد عليه بأماكن ضعفه، لماذا يبيت هو آمناً في تل أبيب، وحيفا، واللد، والرملة.. ويمارس القتل والخوف علينا؟! فلا أمن له ما دام لا أمن لنا.
الرؤية السياسية
-هل تملك حماس فكراً سياسياً يواكب التطورات الإقليمية والدولية اليوم؟
– المشكلة في ماذا يعني العمل السياسي اليوم… هل يعني ذلك أن أعلن القبول بدولة (إسرائيل) والمستوطنات وحدود 1967م، وعندها يصبح لدينا سياسة ورؤية أما إذا قلت أنا غير موافق، وأريد حقي كاملاً، فأنا غير سياسي ولا أملك رؤية.. هذه هي المعادلة المقلوبة. فنحن لا نقبل أن يحدد العدو رؤيتنا، إن حماس تملك رؤية سياسية وعسكرية وماضية بخطوات ثابتة، ولقد طرحنا على العدو هدنة في الماضي، ولكن عندما وجد من يتنازل له بدون هدنة فلماذا يقبل بها؟! بناء على ذلك فنحن لدينا فكرنا المنطلق من الإسلام، أرضنا محتلة ونريد تحريرها، ولا نريد إبادة اليهود أو غيرهم، بل نريد دولة إسلامية فوق أرضنا وحقنا في أن يعيش فيها الجميع من مسلمين ويهود ونصارى تحت راية الإسلام، كما كان المسلمون من قبل، وعلى من يريد الحكم على مواقفنا ورؤانا يجب أن يدرس حماس جيداً ويتعرف عليها.
– لكن أين أنتم من الاستراتيجية والمرحلية والتكتيك؟
– الإنسان يستخدم ذلك في حياته اليومية، استراتيجيتنا قائمة على استمرار المقاومة بكل أشكالها لتحرير الأرض، ومن مظاهر مرحليتنا وسلوكنا التكتيكي إعلاننا قبل ذلك وقف العمليات الاستشهادية من طرف واحد، فهذا تكتيك خالف الاستراتيجية، فيمكن الاستمرار في وقت والتوقف في آخر حسب الظروف، فنحن لدينا تكتيك، ولكن لا يمكن القضاء على الاستراتيجية لممارسة التكتيك السياسي الذي يجب أن يصب لمصلحة الهدف النهائي، ولا يتعارض مع الثوابت.
– هل الهدنة من طرفكم من ضمن التكتيك؟
– الهدنة في الشرع جائزة بشروط معينة ومدة محددة كما حدث في صلح الحديبية، وهذه من ثوابتنا ولا تعني الاعتراف بالعدو.
لسنا بديلاً للسلطة
– يرى العديد من الأطراف أن تصرفاتكم على الأرض هي بقصد السيطرة على السلطة؟
– هذا كلام تافه وممجوج، لقد طرحنا موقفنا في كل المناسبات والمحافل، وأكدنا أننا لسنا بديلاً للسلطة… فنحن لا نرى أن هناك حرية للشعب، والأرض والسلطة، فالكل يعيش في ظل احتلال، ونحن غير معنيين بأن نكون سلطة في ظل الاحتلال، ولا نفكر بذلك بتاتاً لأن الاحتلال يريد سلطة للتنسيق معه ولقمع الشعب والمقاومة وحماية أمنه، وعندما نتحرر فمن الممكن الحديث عن ذلك من خلال الشعب وصندوق الانتخاب.. أما الآن فنحن في مرحلة جهاد واستشهاد وتحرير.
– كنتم مؤخراً طرفاً في مشكلات فتح.. ألا ترى أن ذلك يشكل ضرراً لكم ويسيء إلى مقاومتكم؟
– هذا كلام صحيح إذا كانت حماس هي التي تثير المشكلات، أما إذا كان الآخرون يفتعلونها، فهذا ليس ذنب حماس إنما ذنبهم، ولو تمت دراسة كل المشكلات لعرفنا أن حماس لا دخل لها فيها، والتي كان آخرها مشكلة حي الشيخ رضوان، حيث تعرضت قيادات وعناصر حماس لإطلاق النار والهجوم والشتم والسباب، رغم أن القاتل معروف لأهل القتيل، ولكن للأسف جهات وقيادات في «فتح» أرادت استغلال الأحداث لأهدافها، واستمرت في إصدار البيانات واتهام شباب حماس، ورغم معرفة الجميع بالقاتل يتهموننا بعدم التعاون مع القانون والنيابة. أقول: إن الهدف هو افتعال مشكلات مع حماس لأن البعض لا يملك رغبة في رؤية حماس على الساحة قوية، وممتدة فيريدون تشويهها وما علموا أنهم أساءوا لأنفسهم ورفعوا من شعبية حماس، حتى مشكلة حي الشجاعية، يريدون إلصاقها بنا، ولكن الواقع أثبت أننا نحن الذين اتصلنا بجميع الأطراف وأقنعناها بتطبيق شرع الله، وبالفعل كنا نحن الذين عملنا على حل المشكلة، فنحن عامل تهدئة في حين غرض آخرين خلق حالة بلبلة لنشر الفوضى ولزيادة القبضة الأمنية والعمل على إنهاء الانتفاضة.
– من أسباب الخلاف مؤخراً الكتابة على الجدران ولوحات المساجد فلماذا لا تغلقون هذه الأبواب؟
– الانتفاضة عمل ثم بيان إعلامي عنه والكتابة على الجدران أدوات إعلامية للانتفاضة، والمطلوب ليس وقف هذه الوسائل بل إنهاء المشكلات، نحن أحرص الناس على وحدة الشعب ودمه واستمرار المقاومة فليوقفوا المشكلات والأمور تسير على ما يرام، فالطارئ هو افتعال المشكلات بشكل مدروس، وليس الطارئ هو هذه الوسائل التي نعبِّر بها عن الانتفاضة.. إننا نلمس سياسة محكمة لافتعال مشكلات، ولكن سياستنا تفويت الفرصة على المتربصين بالمقاومة، وهذا منهجنا المبني على عدم الصراع مع أحد مهما كانت الأسباب، وإذا حدث غير ذلك فهو عمل فردي وليس منهجاً حركياً جماعياً لحماس.
الدفاع الشعبي
– تم الإعلان مؤخراً عن إقامة الجيش الشعبي لحماس، فماذا يختلف هذا الجيش عن بقية أجنحة حماس؟
– في الحقيقة.. هناك أفراد وعائلات معرضون للقتل والاعتقال والمداهمة، فيلجأون لشراء قطع سلاح دفاعاً عن النفس، فنحن نسميه دفاعاً شعبياً، وليس جيشاً، أما ما يروّج له في الإعلام فهو لون من التهويل من العدو لإخافة السلطة ودفعها للعمل ضد حماس، وهناك فارق كبير بين كتائب القسام والدفاع الشعبي، فالدفاع الشعبي يعمل داخل القطاع من خلال عمليات إسعاف، أو مقاومة، أو إنقاذ أو حماية، في حين أن جنود كتائب القسام يعملون ضد العدو الصهيوني أينما وجد.
– ولكن بيـاناً لـقيادة السلطة اعـتبر ذلـك خـروجـاً عـن القانون وتهـديـداً للأمن الداخلي؟
– نحن لم نغيب السلطة، ولا القانون ولكن هم مغيبون لأنفسهم، عليهم تطبيق القانون وليفرضوا أنفسهم على الشعب بالحق والعدل ليحترمهم الناس وأتساءل هنا: أين القانون من محاربة نهب المال العام والعملاء واللصوص وتجارة المخدرات والخمور؟
لست أنا الذي سرق الأموال وأكل حقوق الناس، ومنعهم من ممارسة حقوقهم، نحن أول الناس انضباطاً واحتراماً للقانون ولحقوق الغير.
في الانتفاضة الأولى نجحنا في فرض القانون وحمينا البلد واليوم هناك سلطة وقانون، ولكن لا أمن ولا أمان للناس فمن المسئول؟ هل نحن؟! – صرح وزير التموين الفلسطيني أبوعلي شاهين أن حماس حاورت أمريكا في القاهرة وفتح كانت الغطاء؟
– عندما نريد أن نحاور أمريكا وغيرها لا نخاف فنحن أصحاب معركة مع العدو الذي يحتل أرضنا، ولا نريد نقلها لغيرها، نحن نحاور فتح في القاهرة برعاية مصرية، وإذا أرادت فتح وضع نفسها غطاء لأمريكا فهذا شأنها نحن ثوابتنا واضحة، ولا نخجل من سلوكنا وتحركاتنا، ولسنا منهزمين ولا نسلم حقوقنا، وليفهم من قال ذلك هو وغيره أننا «نحن» نقف أمام أمريكا وغيرها كند وليس كعملاء أو خدم أو أذلاء.
نحن نحاور فتح لأننا نريد وحدة، وتفاهماً شعبياً في وجه العدو، وعندما يريد أحد في العالم محاورتنا فنحن جاهزون ولا نخشى أحداً، واثقون بمواقفنا وحقنا، ولا نرفض محاورة أحد إلا العدو الصهيوني، ولقد جاءنا خافير سولانا، ورفضنا مقابلته في غزة، وقابلناه بعد وساطة السلطة وحثها، فهذا الكلام يسيء لأصحابه ولا يسيء إلينا.
– سؤال يحير المراقبين: فتح تحاوركم في القاهرة، وتهاجمكم في وسائل الإعلام وتشتبك معكم في الميدان… كيف ذلك؟
– هذا دليل على قوة حماس، كل هذه الأصوات تسعى لتحجيم حماس، ولكن نحن لدينا مصداقية، والشعب يحترمنا ويثق بنا.
مستقبل القضية والمقاومة
– قادة الاحتلال يعتبرون أن العام المقبل عام حسم لإنهاء الانتفاضة كيف ترى ذلك؟
– أريد القول: لا «إسرائيل» ولا أمريكا ولا العالم كله يستطيع إنهاء الانتفاضة، ولا يمكن أن يقوى العدو عليها إلا بتعاون جزء من شعبنا معهم، وهذا ما اعترف به العدو، حيث عبروا عن عدم مقدرتهم على إنهاء الانتفاضة إلا بتعاون السلطة، والسؤال هنا: هل تقبل السلطة ذلك؟ ومقابل ماذا؟ علينا أن نتذكر وعود ست سنوات من أوسلو أين ذهبت وهل يريدون شارون بطلاً للحرب والسلام معا ورمزا لأمن العدو؟ إن الذي يريد حرية ووطناً وعزة وكرامة عليه دفع الثمن، إننا أقوى شعوب الأرض وقد أثبت شعبنا استعداده للتضحية، الاحتلال سيزول خلال عقدين أو ثلاثة، وهم بدأوا يتنبأون بذلك كما تنبأنا نحن من قبل وعلينا الصبر.
– في ظل الهجمة المرتقبة على العراق واحتمالات اجتياح غزة ما دوركم أنتم؟
– لقد كان شارون ومن قبله في غزة والضفة فلماذا خرج؟! وها هو عاد إلى الضفة فماذا حقق؟؟ شعبنا سيقاوم حتى يخرج الاحتلال، ويعود الحق لنا، فعلوا كل ما يمكن وما لا يمكن فعله، فماذا بقي لنا لنخسره؟ إننا لا نملك سوى المقاومة، هم اليائسون وسننتصر، انظر إلى حزب العمل اليوم يطرح «كل غزة»، وبعد سنتين سيأتي من يطرح كل الضفة، ثم من يطرح كل فلسطين.
لن يفعلوا جديداً وسنقاوم لأن المقاومة خيارنا الوحيد.
برقيات
– ماذا تقول في ذكرى انطلاقتكم لكل من:
– أبناء الحركة الإسلامية في العالم:
أحييكم وأشد على أياديكم وأشكر جهودكم ومواقفكم وندعوكم إلى المزيد من التكاتف والاستعداد لتجهيز جيش التحرير.
– أبناء حماس:
بارك الله في سواعدكم وثبت الله قلوبكم وقلوبنا على الحق ونسأل الله الشهادة لنا جميعاً في سبيله والمستقبل لنا والصبر هو العلاج.
– أبناء الجهاد الإسلامي:
أحيي جهادكم وأدعوكم للتعاون على البر والتقوى والالتزام بجوانب الصدق مع الله أولاً ومع أهليكم ثانياً والمستقبل لنا.
– أبناء فتح:
الوجود في الميدان والالتزام بالمبادئ التي لا تضل والاستمرار في المقاومة، وعدم رفع الرايات البيض، والأمل في القوة والمقاومة لا في طاولات المفاوضات.
– الأمن الفلسطيني:
حفظ الأمن الفلسطيني، وعدم تضييعه لصالح الأمن الإسرائيلي.
– الاحتلال:
آجلاً أم عاجلاً أنت مهزوم وستلفظك الأيام، ولا مكان لك على أرضنا.
– الإدارة الأمريكية:
لا تدوم القوة لأحد وستزول عنكم، فعودوا إلى الجادة وأنصفوا العالم وأنتم في مركز القوة، ومعركتكم ضد الإسلام خاسرة، واقرأوا التاريخ.