أساطيل وبوارج حربية وطائرات نقل عسكرية وقاذفة وقوات خاصة ومليارات الدولارات تدفقت على «إسرائيل» من أمريكا وأوروبا عقب عملية «طوفان الأقصى».
رؤساء وقادة، منهم الرئيس الأمريكي والفرنسي، ورؤساء وزراء ألمانيا وبريطانيا، وآخرون من أوروبا، ووزراء دفاع أبرزهم وزير الدفاع الأمريكي، وقادة عسكريون وسياسيون من غالبية دول الغرب؛ ذهبوا برسالة واحدة هي «التضامن مع إسرائيل»!
هذه التحركات واكبها تسخين وتصعيد ودفع من قبل اليمين المسيحي المتطرف الذي يشارك في حرب الإبادة على غزة؛ لأنهم ينتظرون مجيء «المُخلص»، ولن يأتي إلا بعد أن يتم بناء «الهيكل» اليهودي وهدم المسجد الأقصى والقضاء على الشعب الفلسطيني أو طرده من أرضه خارج فلسطين، وفق زعمهم.
السيناتور الأمريكي ليندسي غراهام، قال بوضوح للقناة اليمينية «فوكس نيوز»، في 12 أكتوبر 2023م، عن الحرب في غزة ودعم أمريكا الحيوي: «نحن في حرب دينية.. أنا مع «إسرائيل».. قوموا بكل ما يتوجب عليكم القيام به للدفاع عن أنفسكم.. سووا المكان بالأرض»!
السيناتور الأميركي ليندسي غراهام : نحن في حرب دينية .. أنا مع إسرائيل .. قوموا بكل ما يتوجب عليكم القيام به للدفاع عن أنفسكم .. سووا المكان بالأرض ..
يعلنون على الملأ عند كل حرب يشنونها على العالم الإسلامي بأنها حرب دينية ..
في 2001 وصف بوش عدوانه على #أفغانستان بأنه : حملة… pic.twitter.com/vfVdtoP6Gh— جابر الحرمي (@jaberalharmi) October 12, 2023
وبعد يوم واحد من هجوم «حماس» على «إسرائيل» وبدء العدوان على غزة، طالبت مجلة «واشنطن إيجذامينر» اليمينية الأمريكية، في 8 أكتوبر 2023م، بوضوح تام بأن يقوم الكيان الصهيوني بالقضاء على «حماس» نهائياً؛ لأن هذا هو الرد المتناسب مع ما فعلته في عملية «طوفان الأقصى»، وفق زعمها، وقالت: لا يجب الأخذ في الاعتبار عدد القتلى من المدنيين الفلسطينيين؛ لأن «حماس» تستخدم المساجد والمشافي والمباني المدنية منطلقاً لأعمالها!
مجلة اليمين المسيحي الأمريكي التي طالبت بمحو «حماس» وغزة إن تطلب الأمر قالت تحت عنوان «اللحظة الحاسمة: يستيقظ الغرب من جديد على شر أعدائه، وتعطشهم للدماء»، مؤكدة أن إبادة «إسرائيل» لـ«حماس» هي الرد المتناسب! زاعمة أن جنود «كتائب القسام» قتلة مدفوعون برغبة متعصبة في إخضاع اليهود وذبحهم لمجرد أنهم يهود، لا يتعلق الأمر بتحرير الأراضي، إنما يتعلق بالتنفيس عن الكراهية القاتلة ضد اليهود، فكراهية اليهود منصوص عليها في ميثاق «حماس»! وقالت: ما دامت «حماس» موجودة، فإن وجودها يعني طرد اليهود، ويجب شن حرب وجودية عليهم.
وأضافت مجلة اليمين المسيحي الأمريكي الداعي لدعم «إسرائيل» أنه يجب رفض الدعاوى الأخلاقية التي تطالب بحماية المدنيين وغيرها، ويجب أن يكون لـ«إسرائيل» مطلق الحرية في تدمير «حماس» وسكان عزة وتحويلها إلى رماد مشتعل! قائلة: إذا قام «الإسرائيليون» بتحويل «حماس» وما حولها إلى كومة من الرماد المشتعل؛ فإن هذا هو الأنسب، رغم أن غزة مكتظة بالسكان، لكن لـ«إسرائيل» الحق في شن حرب استنزاف ضد عدو عازم على محوها من هذه الأرض!
ويقول تقرير للصحفية هند الضاوي بموقع «قناة الغد»: إن دعم أمريكا وبريطانيا لإقامة «إسرائيل الكبرى» له علاقة بالأيديولوجية، فمن يحكم أمريكا وبريطانيا الآن هم من المسيحية الصهيونية أو المسيحية الإنجيلية، الذين يؤمنون بأن الخلاص للعالم يأتي بعد الإعلان عن «إسرائيل الكبرى»، وهو السبب لدعم «إسرائيل» المطلق؛ وهو ما يفسر الترابط الواضح بين أمريكا وبريطانيا و«إسرائيل»؛ هو الفكر العقائدي والأيديولوجية التي تربط الدول الثلاث.
وبسبب العداء للمسلمين من قبل اللوبي الصهيوني، تحدثت شرطة لندن، في تقرير 19 أكتوبر 2023م، عن ارتفاع كراهية المسلمين (الإسلاموفوبيا) بنسبة 140% في أعقاب الهجوم الذي شنته حركة «حماس» على «إسرائيل»، وتصاعد العداء ضد المسلمين من جانب اليمينيين البريطانيين المتطرفين، ومجموعات يهودية.
حاخام يدعو لـ«هيروشيما» في غزة!
لم يقتصر الأمر على مطالبة المتطرفين الصهاينة في دولة الاحتلال بإبادة غزة واعتبار كل المدنيين هناك «حماس» ويجب قتلهم، ورفع دعوات توراتية ونقل الحاخامات للصفوف الأولى للجنود لتشجيعهم على قتل المسلمين، ولكنهم دعوا لإبادتهم كما حدث مع اليابان وغيرها.
الحاخام الأمريكي «الإسرائيلي» يعقوب هرتسوغ، الذي يتنقل بين أمريكا والسعودية، ويزعم، بشكل غير رسمي، أنه حاخام لليهود في المملكة، ويدعي أنه «حاخام المملكة الرسمي»، نشر صوراً لالتحاقه بالجيش الصهيوني، متوعداً أهل غزة بمصير سكان هيروشيما اليابانية!
وكتب هرتسوغ، على حسابه بمنصة «إكس» بالعربية، يقول: «ردّ الشعب اليهودي على مذبحة طوفان الأقصى سيجعل دريسدن وهيروشيما أضحوكة، في غضون 2000 عام، عندما يتمّ ذكر هذا الرد، سيتبرّز الناس في سراويلهم من الخوف والرهبة»!
ردة فعل الشعب #اليهودي على المذبحة التي حصلت ستجعل درزدن ونيكازغي تبدوان كنزهة. ما سيحصل سيذكره التاريخي حتى ان ذكره الناس بعد ٢٠٠٠ عام فسيتغوطون في ملابسهم الداخلية pic.twitter.com/XzdQA1pCFF
— Rabbi Jacob Y. Herzog الحاخام يعقوب يسرائيل هرتسوغ (@RabbiHerzog) October 12, 2023
ثم أعاد نشر نفس الكلام عن تحويل غزة إلى أسوأ من هيروشيما باللغة العبرية مع صور له وهو يرتدي زي الجنود «الإسرائيليين» وصورة تقول: إنه «الحاخام الأكبر للمملكة العربية السعودية»!
עוצמת התגובה ל #פוגרום צריך להיות כל כך חזק שזה יעשה מהירושימה ודרזדן בדיחה. שבעוד 2000 שנה שרק יזכירו את עוצמת תגובת העם היהודי לפוגרום שמחת תורה , אנשים יחרבנו במכנסיים מרוב פחד , אימה , וזעזוע … pic.twitter.com/ntV3KuSh2r
— Rabbi Jacob Y. Herzog الحاخام يعقوب يسرائيل هرتسوغ (@RabbiHerzog) October 12, 2023
ورد عليه الكاتب الفلسطيني ياسر الزعاترة قائلاً: أيها الجبان الحقير، لو كان شعبنا يخشاكم، لما واصل جهاده منذ مائة عام، الشبان الذي أذلّوا كيانك يوم 7 أكتوبر، هُم بعض أبطال هذا الشعب، ويوجد منهم جحافل بالانتظار.
"حاخام السعودية" يعلن التحاقه بجيش الغزاة ويهدّد أهل غزة!
نشر يعقوب هرتسوغ (الذي يقيم في الرياض كحاخام ليهود يعملون في المملكة) صورا لالتحاقه بالجيش.
وكتب يقول: "ردّ الشعب اليهودي على مذبحة طوفان الأقصى سيجعل دريسدن وهيروشيما أضحوكة. في غضون 2000 عام، عندما يتمّ ذكر هذا الرد،… pic.twitter.com/0chPW0sTDS
— ياسر الزعاترة (@YZaatreh) October 13, 2023
دعم «إسرائيل» واجب ديني!
والإنجيليون، والأصوليون، واليمين الديني، والحركة المسيحية الصهيونية؛ كلها فئات وطوائف تُعبر عن القوة الصهيونية الأكبر في الولايات المتحدة، التي تضم العديد من الشخصيات البارزة في المجتمع الأمريكي؛ سياسياً واقتصادياً وعسكرياً وإعلامياً، والمؤمنين بوجوب مساعدة «إسرائيل» ودعمها والدفاع عنها؛ إذ يمثل ذلك جزءاً من عقيدتهم الدينية.
فالإنجيلية تيار داخل الدين المسيحي البروتستانتي نما في القرن الثامن عشر، ويعتمد على ما يسمى نبوءات العهد القديم (التوراة)، وإيمانهم قائم على تجميع اليهود في «أرض الميعاد»، واستيلائهم على أرض النيل إلى الفرات، ثم قيام معركة «هرمجدون» وانتصار المسيحية على الإسلام.
ويؤمن هؤلاء المنتمون إلى اليمين المسيحي (الإنجيلي) المتطرف بالعهد القديم (التوراة)، وكل مفردات منظومة التطرف الإنجيلي مثل «الوعد الإلهي»، و«الشعب المختار»، ومعركة «هرمجدون»، و«دولة إسرائيل من النيل للفرات»، ومن ثم إبادة المسلمين وصعود المسيحية بعد سيطرة اليهود (إسرائيل) على القدس والجولان وبابل العراق وأهرامات مصر ومكة والمدينة وضمها لـ«إسرائيل».
ويعتبر الصهيونيون المسيحيون أنفسهم مدافعين عن الشعب اليهودي خاصة الدولة العبرية، ويتضمن هذا الدعم معارضة كل من ينتقد أو يعادي الدولة الصهيونية، لهذا تُسمى حركتهم «المسيحية التي تدعم الصهيونية»، وأصبح يطلق على من ينتمون إلى هذه الحركة اسم «مسيحيين متصهينين».
ومن النبوءات التي يؤمنون بها أن عليهم واجباً في دعم الدولة الصهيونية واستيلائها على ما تدعي أنه «أرض الميعاد» (ومنها القدس والجولان وبابل ومصر)، وهو ما بدأوه بدعمهم في إقامة الدولة اليهودية (1948م) والاستيلاء على المسجد الأقصى (1967م)، ثم الاستيلاء على القدس والسعي لبناء «الهيكل».
وفي سبيل تقديم المجموعات والكنائس الإنجيلية الدعم للدولة الصهيونية بشكل عشوائي، تم توحيد جهود كثير منها تحت منظمة «مسيحيون متحدون من أجل إسرائيل» (CUFI -Christians United for Israel) حيث يقومون بفعاليات شهرية ومؤتمر سنوي يمتد لعدة أيام يشارك فيه الآلاف لتقديم الدعم للدولة الصهيونية.
وهناك منظمة إنجيلية أخرى هي «السفارة المسيحية العالمية»، التي تضم مسيحيين متضامنين مع «إسرائيل» من كافة أنحاء العالم، تقوم بعقد مؤتمر سنوي في القدس منذ حوالي 40 عاماً يشارك فيه آلاف من الإنجيليين من شتى أنحاء العالم لدعم الصهاينة.
ويشكل الإنجيليون، بحسب معهد «بيو» الأميركي، حوالي 26% من جمهور الولايات المتحدة، ويقومون بحملات تبرع ضخمة لدولة الاحتلال.