فقد العالَم الإسلامي، في 22 أبريل 2024م، الشيخ العلَّامة عبدالمجيد الزنداني، أحد كبار علماء اليمن، عن عمر ناهز 82 عاماً، بإسطنبول، بعد مسيرة علمية ودعوية حافلة بالإنجازات.
وقالت أسرة الشيخ، في بيان: ببالغ الحزن والأسى، وبقلوب راضية بقضاء الله وقدره، ننعى وفاة والدنا الشيخ العلَّامة عبدالمجيد بن عزيز الزنداني، الذي توفاه الله عز وجل إليه يومنا هذا الإثنين.
ونعاه علماء وهيئات وحركات إسلامية، مستذكرين سيرته الطيبة ومسيرته الدعوية ومواقفه الجليلة في خدمة الإسلام.
وقال الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، في بيان: نعزي الشعب اليمني والأمة الإسلامية في وفاة المغفور له بإذن الله الشيخ العلَّامة عبدالمجيد بن عزيز الزنداني، عضو مؤسس للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، والمؤسس لجامعة الإيمان باليمن، ومؤسس الهيئة العالمية للإعجاز العلمي في القرآن والسُّنة في مكة المكرمة، ورئيس مجلس شورى حزب التجمع اليمني للإصلاح، وأحد كبار مؤسسي جماعة الإخوان المسلمين في اليمن.
قائد وطني
من جانبه، أكد «التجمع اليمني للإصلاح»، في بيان نعي، أن اليمن خسر برحيل القائد الوطني الكبير، الشيخ عبدالمجيد الزنداني، شخصية سياسية وتربوية واجتماعية وقائداً وطنياً كبيراً، عرفه الشعب اليمني إلى جانبه حاملاً لقضاياه ومدافعاً عن مكتسباته وحقوقه.
وأضاف «التجمع اليمني» أن الشيخ الراحل بلغ ذروة عطائه بعد اختياره عضواً في مجلس الرئاسة للجمهورية اليمنية، بحرصه الشديد على التوافق الوطني وحل الخلافات بين رفقاء العمل، واصطفافه الدائم إلى مصلحة الشعب وقضاياه العادلة ومكتسباته الجمهورية.
وذكّر البيان بإسهام الشيخ الزنداني في إرساء مداميك العمل الحزبي والديمقراطي في البلاد من خلال مشاركته الفعالة في تأسيس التجمع اليمني للإصلاح الذي شغل فيه موقع رئيس مجلس الشورى العام، ثم عضوية الهيئة العليا.
ولفت إلى أنه كان هدفاً رئيساً للمليشيا الحوثية التي انقلبت على الدولة في عام 2014م، وكان منزله من أول المنازل التي اقتحمتها عند اجتياح العاصمة صنعاء ومعها جامعة الإيمان التي أسسها وترأسها.
ومن أبرز المهام التي تولاها في اليمن وخارجها، مندوب اليمن لدى رابطة العالم الإسلامي، رئيس جامعة الإيمان، عضو مجلس الرئاسة، نائب رئيس مجلس الرئاسة، نائب وزير المعارف، رئيس مكتب الإرشاد، رئيس مجلس شورى الإصلاح، عضو الهيئة العليا للإصلاح، رئيس هيئة علماء اليمن، أمين عام هيئة الإعجاز العلمي، عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، بحسب ما ذكر «التجمع اليمني للإصلاح».
رمز العمل الإسلامي
كما نعته هيئة علماء فلسطين بقولها: قامة شامخة من قامات العلم والدعوة في الأمة الإسلامية، وأحد رموز العمل الإسلامي في اليمن الشقيق والعالم الإسلامي، وقد لبّى نداء ربّه تعالى عقبَ حياة حافلة قضاها في الدعوة إلى الله تعالى ونشر العلم وتربية الأجيال والذّود عن الحرمات والمقدسات وخدمة قضايا الأمة وفي القلب منها قضيّة فلسطين والقدس ومسرى رسول الله صلى الله عليه وسلّم.
من جهتها، نعت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) الشيخ الزنداني، قائلة: كان الشيخ عبدالمجيد الزنداني ركناً من أركان العمل الإسلامي في دعم قضايا الأمَّة الإسلامية، وفي مقدّمتها قضيّة فلسطين والقدس والمسجد الأقصى المبارك؛ محبّاً لشعبها الصَّابر المرابط في كل ساحات الوطن وخارجه، منافحاً عنهم بجهده وجهاده المشهود، ومدافعاً عن حقوقهم المشروعة، في تحرير أرضهم ومقدساتهم والعودة إليها.
وأضافت، في بيان لها: نفقد اليوم في فلسطين علماً من الأعلام الكبار المدافعين عنها، وصوتاً صادقاً في دعم المقاومة ونضال شعبنا المشروع، ومنبراً صادحاً بالعمل على وقف العدوان ضد شعبنا، وإنهاء الاحتلال لأرضنا.
وكتب الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين د. علي الصلّابي، مُعزياً بوفاة الشيخ عبد المجيد الزنداني: فقد أهل اليمن وأمة الإسلام اليوم علماً من أعلامهم، وقمراً ساطعاً من أقمارهم، ورمزاً بارزاً من رموز الإصلاح الإسلامي الوسطي، وركناً قوياً من أركان مشروع الإحياء السُّني في هذا العصر.
وأضاف أن الشيخ الراحل قضى جُلَّ حياته في خدمة القرآن الكريم والسُّنّة النبوية، مدافعاً عن دين الإسلام، ونشر العلم، والدعوة إلى الله، وتربية الأجيال، ونصرة قضايا الأمة من مشرق الأرض إلى مغربها، مشيراً إلى أنه أسلم على يديه المئات في الشرق والغرب.
ووصفه المفكر د. محمد المختار الشنقيطي بقوله: لم يعش الرجل لذاته، عاش منذورًا لحقيقة عليا، كان مملوكًا لفكرة تتجاوز الزمان والمكان، علمًا من أعلام الأمة ورمزية عابرة للتاريخ.
نبذة عن سيرة الشيخ الزنداني(1)
– النشأة والتعليم:
ولد الفقيد العالم الزاهد عبدالمجيد الزنداني، رحمه الله تعالى، في قرية الظهبي التابعة لمديرية الشعر في محافظة إب إحدى محافظات اليمن، في عام 1942م، ويرتبط أصله بمنطقة زندان في مديرية أرحب بمحافظة صنعاء.
تلقى تعليمه الأولي في الكتّاب بمسقط رأسه، ومن ثم انتقل للالتحاق بالتعليم النظامي في عدن، قبل أن يتوجه إلى مصر لمتابعة دراسته الجامعية، فالتحق بكلية الصيدلة ودرس فيها لمدة سنتين، إلا أنه ترك دراسته في هذا المجال نظرًا لاهتمامه المتزايد بالعلوم الشرعية، وباشر بقراءة العلوم الشرعية وتفاعل معها، حيث وفرت له الفرصة للالتقاء بالعلماء المشهورين في الأزهر الشريف.
بعد ذلك، انتقل إلى المملكة العربية السعودية حيث التقى بكبار العلماء هناك، من بينهم الشيخ عبدالله بن باز، والشيخ محمد بن صالح العثيمين، وحصل على شهادة الدكتوراة من جامعة أم درمان الإسلامية في السودان، مما زاد من عمق معرفته ومداركه.
واصل الفقيد توسيع مداركه من خلال القراءة واستنطاق النصوص الشرعية، وحاول فهمها في سياق الحياة المعاصرة والاكتشافات العلمية، مما جعل لديه فهمًا أعمق لمفاهيم الإعجاز العلمي في القرآن، وهو مجال يعتبر أحد أهم انشغالاته ومجال تميزه.
– الوظائف والمسؤوليات:
قبل عودته إلى اليمن، عمل الشيخ الزنداني بالتدريس في المملكة العربية السعودية، وتولى في بلده اليمن مجموعة من المسؤوليات المختلفة، بما في ذلك: إدارة معهد النور العلمي، والتدريس في بعض مؤسسات التعليم.
وبعد إطاحة عبدالرحمن الإرياني بعبدالله السلال في عام 1967م في حركة الخامس من نوفمبر، عاد الشيخ الزنداني إلى صنعاء وتولى منصب إدارة الشؤون العلمية في وزارة التربية والتعليم، حيث ساهم في تدريس عدة مواد علمية بما في ذلك مادة الأحياء، بعدها تم تعيينه رئيسًا لمكتب التوجيه والإرشاد عند إنشائه في عام 1975م، قبل أن يتم تعيينه في وزارة المعارف.
– المقالات والأبحاث والمؤلفات:
للفقيد العديد من المؤلفات والأبحاث العلمية والمؤلفات والكتب التي أثرَتْ المكتبتين العربية والإسلامية، وكذلك العشرات من الأشرطة والمحاضرات التي فصل فيها مظاهر الإعجاز العلمي في القرآن الكريم.
من بين مقالاته وأبحاثه: «أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ»، «الأقمار الصناعية تشهد بنبوة محمد»، «منطقة المصب والحواجز بين البحار».
أما عن الكتب والمؤلفات: «علم الإيمان»، و«طريق الإيمان»، «نحَو الإيمَان»، «التوحيد»، «البينة العلمية في القرآن الكريم»، «تأصيل الإعجاز العلمي».
____________________________
(1) سيرة الشيخ عبدالمجيد الزنداني نقلاً عن موقع «الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين».