مع التطورات الخطيرة على الحدود المصرية مع الأراضي الفلسطينية المحتلة، وتصاعُد التهديدات الصهيونية في رفح وخرقها اتفاقية السلام مع مصر (كامب ديفيد)، يرى محللون سياسيون، تحدثوا لـ«المجتمع»، إمكانية تقديم شيخ الأزهر د. أحمد الطيب المزيد في مسار نصرة الأزهر للقضية الفلسطينية، عبر تصعيد مسارات الجهود الكبيرة المبذولة من مشيخة الأزهر.
ودشن شيخ الأزهر، الفترة الماضية، 5 حملات إغاثية لدعم غزة عبر بيت الصدقات والزكاة الذي يشرف عليه، وأصدر عشرات البيانات التضامنية مع غزة والمقاومة الفلسطينية والمنددة بالعدوان الصهيوني، ووجه العديد من الخطابات الداعمة لاستقلال فلسطين كلها.
الشيخ الطيب أطلق 5 حملات إغاثية وأصدر عشرات البيانات والخطابات التضامنية
في البداية، يرى المفكر المصري محمد عصمت سيف الدولة، مؤسس حركة «مصريون ضد الصهيونية»، في حديثه لـ«المجتمع»، أن مواقف وتصريحات شيخ الأزهر هي أفضل ما صدر من تصريحات عن أي مسؤول رسمي بالدولة المصرية، ولكن الموقف الإسلامي والعقائدي والوطني والقومي الصحيح الذي يجب على شيخ الأزهر فعله هو المطالبة بإلغاء معاهدة «كامب ديفيد»، وسحب الاعتراف المصري الرسمي بشرعية الكيان الصهيوني.
ويقترح سيف الدولة دراسة شيخ الأزهر لمسارات مشاركة الشباب في معركة التحرير والدفاع عن غزة وأهاليها في مواجهة حرب الإبادة، مبرراً ذلك بقوله: إن الشريعة الإسلامية تأمرنا صراحة بقتال الذين يخرجوننا من ديارنا، وفلسطين هي جزء لا يتجزأ من ديارنا، ومن الأمة، فلا فرق بين سيناء وفلسطين، فكلها أرضنا وحياتنا وأوطاننا.
ويضيف أن الشريعة الإسلامية، وفقاً للدستور المصري، المصدر الرئيس للتشريع، وبالتالي فإن الشعب المصري مكلف دستورياً بالدفاع عن فلسطين، وفقاً لهذا النص ونصوص أخرى، موضحاً أن هذا الموقف صدر من الأزهر الشريف في فتواه الشهيرة عام 1956م حين أصدر فتوى بتحريم الصلح مع الكيان الصهيوني أو موالاة من يدعمه.
سيف الدولة: الموقف الإسلامي والوطني يوجب على شيخ الأزهر فعل المزيد
ويتساءل سيف الدولة: أين نحن الآن من تلك الأيام؟ وهل يملك الأزهر استقلالاً حقيقياً كي يتخذ من المواقف ما يعارض السياسات الرسمية للدولة التي تقوم على أن اتفاقيات «كامب ديفيد» هي الدستور الفعلي لمصر؟!
أفعال محددة
من جانبه، يرى الكاتب الصحفي مجدي أحمد حسين، في حديث لـ«المجتمع» أن لدى شيخ الأزهر الكثير ليقدمه بعد تطورات رفح، موضحاً أنه لا شك قد أصدر من قبل عدداً من البيانات الممتازة، ولكن المطلوب الآن كلمات مرتبطة بالدعوة إلى أفعال محددة باعتبارها أموراً شرعية أمرنا بها الله عز وجل، وفق رأيه.
واقترح حسين أن يصدر الإمام الأكبر شيخ الأزهر فتوى بضرورة إدخال المساعدات الإنسانية لأهلنا في غزة، بالقوة، وطرد الصهاينة من معبر رفح، أو فتح معبر جديد، وإعلان الموقف الشرعي الرافض للتطبيع مع ذلك العدو المجرم الذي يبيد النساء والأطفال وكل أبناء غزة.
حسين: مطلوب فتوى بكسر الحصار بالقوة وطرد الصهاينة من معبر رفح
ويشير حسين إلى أهمية تأكيد مشيخة الأزهر الموقف الشرعي للجهاد في سبيل الله تعالى، ومن أجل الدفاع عن الوطن والشعب الفلسطيني، والرد على أي أفكار تطرح تخيف الناس من تصاعد الحرب؛ انطلاقاً من قوله تعالى: (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ) (البقرة: 216).
الارتقاء إلى مستوى الحدث
بدوره، يرى صلاح عبدالرؤوف، الباحث المهتم بالشأن الفلسطيني، في حديث لـ«المجتمع»، أن الموقف المنتظر من شيخ الأزهر في الفترة المقبلة المشاركة الفعلية الناجزة، ويقترح في هذا الإطار بدء زيارات لرؤساء الدول العربية لمحاولة تغيير قناعاتهم والتأثير عليهم إيجابياً، وتدشين حملة دولية لكسر الحصار، وزيادة حملات التبرع باسم الأزهر الشريف.
كما يقترح عبدالرؤوف تنسيق مشيخة الأزهر والجهات المعنية والمهنية، في فتح باب التطوع للأطباء والفئات المهنية التي يمكنها أن تخفف من أثر العدوان على أهالي غزة، بجانب زيارة الشيخ الطيب لجرحى العدوان في المستشفيات المصرية بشكل دوري، واستمرار التأثير في الرأي العام عبر زيادة الخطب والبيانات المناسبة لتصاعد الأحداث.
عبدالرؤوف: لا بد من التناغم مع الموقف الإستراتيجي لـ«طوفان الأقصى»
ويشدد المحلل المتخصص في الشأن الفلسطيني على أهمية تقدير الأزهر؛ شيخاً ومشيخة، للموقف الإستراتيجي لمعركة «طوفان الأقصى»، كونها معركة تجاوزت مسار الصراع العربي الصهيوني المعتاد، انطلاقاً من أن السابع من أكتوبر الماضي بات لحظة إعادة تشكيل النظام العربي والدولي، بما يستلزم الارتقاء إلى مستوى الحدث بشكل خارج السياق التقليدي المحدود، لتكون تحركات شيخ الأزهر في الفترة المقبلة ذات أثر فاعل وبشكل مؤثر وناجز في مجريات الأحداث المتصاعدة.
من جانبه، قال مصدر مقرب من مشيخة الأزهر تحدث لـ«المجتمع»: إن الشيخ الطيب ملتزم بسقف الدولة المصرية، في التعامل مع ملف القضية الفلسطينية.
ويوضح المصدر أن الطيب يقدم مقاربة مختلفة في وسائل دعم القضية تتسم بلغة مستقلة ومفردات لا تعترف بدولة الاحتلال وتصفها بالكيان الصهيوني، ويحظى بمساحات تحرك مناسبة لمكانته الدينية بالتنسيق مع مؤسسات الدولة.