تُعد سجون الاحتلال «الإسرائيلي» مسرحًا لأبشع صور القمع والتنكيل التي تمارسها السلطات الصهيونية ضد الأسرى الفلسطينيين.
في تلك السجون، لا يقتصر الأمر على تقييد الحرية، بل يتعرض الأسرى لشتى أنواع التعذيب الجسدي والترويع النفسي، ويتعرضون للعزل الانفرادي، والحرمان من النوم، والتحقيقات الطويلة المرهقة التي تهدف إلى كسر إرادتهم وتدمير عزيمتهم.
ورغم إطلاق سراحهم، فإن آثار هذه التجربة القاسية تبقى محفورة في ذاكرتهم، تاركةً جروحًا نفسية لا تندمل بسهولة؛ مما يجعل السجن بالنسبة لهم أكثر من مجرد مكان احتجاز، بل محطة مؤلمة تغير مسار حياتهم إلى الأبد.
فمن أبرز الآثار النفسية التي تتركها سجون الاحتلال في نفوس الأسرى الفلسطينيين:
1- اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD):
يتعرض العديد من الأسرى الفلسطينيين لاضطراب ما بعد الصدمة نتيجة للتعذيب الجسدي والنفسي الذي يتعرضون له في سجون الاحتلال.
هذا الاضطراب يتجلى في شكل كوابيس متكررة، وذكريات مؤلمة تعود بشكل مفاجئ، وحالة دائمة من التوتر والقلق.
في يونيو 2024م، ظهر الأسير الغزي بدر دحلان في حالة اضطراب نفسية حادة جراء التعذيب الذي تعرض له خلال شهر من اعتقاله في سجون الاحتلال، حيث عانى من صعوبة في إكمال جملته، وكان يتلعثم في حديثه، وعيناه جاحظتان؛ مما يوحي بحالة هلوسة وكلام غير واضح.
2- الاكتئاب والعزلة:
الاحتجاز في الزنازين الانفرادية لفترات طويلة يجعل الأسرى يشعرون بالعزلة والانفصال عن الواقع؛ مما قد يؤدي إلى صعوبة التكيف مع المجتمع عند العودة إليه، وقد يتطور ذلك إلى الاكتئاب أو العزلة الاجتماعية.
نبيل الرجوب واحد من الأسرى الفلسطينيين الذي أفرج عنه الاحتلال في ديسمبر 2021م بعد اعتقال إداري مدة 8 أشهر في سجن «مجدو»، حيث تم وضعه بالعزل الانفرادي لمدة 10 أيام قبل أن يفرج عنه، ولم تتمكن عائلته طوال فترة عزله من التواصل معه أو الحصول على أي معلومة عنه حيث منع الاحتلال محاميه من زيارته؛ ما تسبب له بحالة نفسية صعبة أدت إلى إصابته بانهيار عصبي، وفق ما نقلت «وكالة الأنباء الفلسطينية» (وفا) عن شقيقه.
3- فقدان الذاكرة:
فقدان الذاكرة يمثل أحد التحديات الكبيرة التي يواجهها الأسرى المحررون، ويتطلب دعمًا نفسيًا متخصصًا لمساعدتهم على التغلب على هذه الصعوبات واستعادة حياتهم.
الأسير الفلسطيني المحرر منصور الشحاتيت قضى 17 عامًا في سجون الاحتلال، وتم الإفراج عنه في 9 أبريل 2021م.
عانى الشحاتيت من فقدان جزئي للذاكرة، حيث واجه صعوبة في التعرف على أفراد عائلته بسبب المعاناة التي عاشها داخل المعتقلات، بالإضافة إلى الإهمال الطبي الذي تعرض له، وفق موقع «العربي».