تلقت الكويت مؤخراً من وزارة الخارجية الأمريكية تقريراً مفصلاً عن نتائج متابعات الجهات الأمريكية المعنية لأنشطة العمل الخيري في الكويت.
وقد حمل التقرير اعترافاً أمريكياً صريحاً بأن «أموال الخير الكويتية توجه بالفعل إلى أعمال الخير».
وأقر التقرير ببراءة العمل الخيري الكويتي من أي شبهات في دعم جهات إرهابية أو ذات صلة -بشكل أو آخر- بالإرهاب.
وقد جاء هذا التقرير كشهادة رسمية واعتراف صريح بنزاهة العمل الخيري الكويتي، وهو في الوقت نفسه، اعتراف صريح ببطلان الدعاوى والتخرصات والأكاذيب التي ما فتئ المبطلون والحاقدون الكاذبون يروجونها ضد العمل الخيري الكويتي، صاحب المسيرة البيضاء والسجل المشرف للكويت حكومة وشعباً وسيظل كذلك إن شاء الله.
وقد صدر هذا التقرير بعد ثلاث سنوات من التقصي والبحث والمتابعة التي قامت بها في الكويت وفود متعددة من وزارتي الخزانة والخارجية الأمريكية، ومن الكونجرس وكذلك من الجهات الأمنية حيث اطلعت على سجلات العمل الخيري والتقت القائمين والمشرفين عليه وأجرت حوارات مطولة معهم ناقشت فيها كل شيء، وتم اطلاعهم على كل ما طلبوا الاطلاع عليه، ولذا فإننا نقول إن التقرير والاعتراف الأمريكي لصالح العمل الخيري الكويتي صدر عن بينة وعن قناعة.
وليت الولايات المتحدة والغرب، وكل الجهات التي تشكك في العمل الخيري، وتلقى عليه بالشبهات توقن بأن العمل الخيري الإسلامي عموماً هو عمل إنساني طاهر يقصد به وجه الله سبحانه وتعالى.
وغني عن البيان -بهذه المناسبة- أن الكويت حكومة وشعباً ظلت دائماً تحتضن العمل الخيري وقد صدرت من كبار المسؤولين في الدولة وفي مناسبات عديدة تصريحات وشهادات مليئة بالثقة والفخر بالعمل الخيري الكويتي.
ومن أبرز تلك الشهادات قول سمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ صباح الأحمد: «إن العمل الخيري الكويتي تاج على رؤوسنا»، وقول السيد جاسم الخرافي رئيس مجلس الأمة، «إن العمل الخيري في دول الخليج قديم ومسيرته نقية كنقاء صدور أبنائها الذين جبلوا على النخوة والجود والإيثار.. وإن القائمين على مؤسسات العمل الخيري في هذه المنطقة رجال مشهود لهم بالصلاح والحرص على نصرة المحتاج ومساعدة الفقير وإعانة العاجز، وشخوصهم وأعمالهم لا يصل إليها -بحمد الله- شك، بل الشك فيمن يحاول أن يلقي بظلال الشك عليهم أو على جهودهم الخيرة»
ولا ننسى موقف الشيخ الدكتور محمد الصباح وزير الخارجية الذي وقف موقف الرجال دعماً للعمل الخيري، وتأكيد وزير الشؤون الاجتماعية والعمل فيصل الحجي، أن الأنشطة الخيرية التي تقوم بها الجهات الخيرية ترد بشكل واضح وصريح على الاتهامات والادعاءات الموجهة إليها من بعض الجهات وأن ما يقوم به العمل الخيري يصب دائماً في سمعة ومصلحة الكويت، وكذلك الموقف المشرف من وكيل وزارة الشؤون الاجتماعية دعيج الخليفة المالك الصباح.
وهكذا اكتسب العمل الخيري الكويتي ثقة وثناء الحكومة والشعب، وذلك أمر ليس بغريب، فالعمل الخيري ليس طارئًا على الكويت، وإنما هو متجذر فيها منذ القدم، فقد جبل الآباء والأجداد جيلاً بعد جيل على المسارعة إلى فعل الخيرات، وعرفت الكويت الوقف الخيري منذ نشأتها، بل أمسى العمل الخيري أحد أبرز معالمها التي تفخر بها، وصار اسم الكويت يذكر في كثير من بلدان العالم مقرونًا بفعل الخير، وهو ما أكسب الكويت حكومة وشعباً سمعة طيبة في العالم.
وقد أنقذ الله الكويت وحماها مما لحق بها من احتلال صدامي غادر بفضله تعالى، ثم بفضل هذا العمل الخيري فصنائع المعروف تقي مصارع السوء.
ونود أن نذكر هنا بأننا أكدنا مراراً وتكراراً على:
أولاً: أن العمل الخيري الإسلامي ينطلق من منطلقات إيمانية، مبتغياً مرضاة الله سبحانه وتعالى أولاً وأخيراً، وهو يمثل إحدى الأدوات الإيمانية الفعالة لإشاعة فضيلة التكافل والتكاتف بين أبناء الأمة ويسهم في حل مشكلات المجتمعات والحفاظ على تماسكها بإعانة الفقير وإغاثة الملهوف ونجدة ضحايا الكوارث والمحن.
ثانياً: أن حديث الإفك الدائر ضد العمل الخيري في بعض الدوائر الغربية، والذي يجد له صدى عند نفر من مرضى القلوب ممن يتسمون بكُتاب عن علاقة العمل الخيري بالإرهاب هو محض افتراء وقد صفعهم الموقف الرسمي الكويتي، والتقرير الأمريكي، فالعمل الخيري يقف وراءه رجال حريصون كل الحرص على سمعتهم وسمعة أقطارهم ومسيرتهم وإسهاماتهم، في مكافحة الآفات الاجتماعية والفقر والتشرد ناصعة.
ثالثاً: أن الواقع يثبت أن العمل الخيري الإسلامي، إنما يسهم -حقيقة- في حل الأزمات وإشاعة الاستقرار ودعم خطط التنمية في المجتمعات، وذلك لا شك يسهم في قطع الطريق على ظواهر التمرد والعنف والتطرف.
وفي التحليل الأخير فإنه يسهم في تحقيق العدالة والأمن في المجتمعات؛ لذا فإننا نناشد الحكومات العربية والإسلامية دعم وحماية ذلك العمل الجليل، فالتضييق على العمل الخيري يعني ترك عشرات الآلاف من الأسر والأيتام والأرامل دون إغاثة أو تعليم أو رعاية صحية -مما يفسح المجال- إذا ضيق على العمل الخيري ليخرج من بينها اللص والمتطرف والإرهابي، وإن كان هناك أي استشعار لمخالفات، فلتقم الجهات الوطنية المعنية بتصحيحها بالحوار والتفاهم حفاظاً على ذلك الصرح الإسلامي الخيري العريق(1).
____________________
(1) تم النشر في العدد (1634)، 3 ذي الحجة 1425هـ/ 14 يناير 2005م.