انتشرت تطبيقات الذكاء الاصطناعي مؤخراً بشكل واسع في حياة الناس، واستفادت منه قطاعات كبيرة تزداد كثافتها كل يوم، وارتبطت مجالات معينة بتطبيقات الذكاء الاصطناعي كمجالات الإعلام والطب والمجالات العسكرية والسياسية.. لكن ظل بعض الناس خاصة في منطقتنا العربية بعيدين عن المعرفة الحقيقية بمجال الذكاء الاصطناعي وتطبيقاته، رغم أنهم حتى دون أن يشعروا متأثرون به.
لإلقاء مزيد من الضوء وتوضيح كثير من المعلومات حول حقيقة الذكاء الاصطناعي وتطبيقاته، أجرت «المجتمع» هذا الحوار مع أمين أحمد محمد حسن، الباحث والإعلامي السوداني، وهو حاصل على درجة الماجستير حول الذكاء الاصطناعي من جامعة أم درمان الإسلامية.
انتشر مصطلح الذكاء الاصطناعي في السنوات الأخيرة بشكل واسع، بداية كيف يمكن تعريفه ليستوعب الناس حقيقته؟
– يعرف الذكاء الاصطناعي بأنه مجموعه الأفكار والأساليب والتقنيات التي تستخدمها أنظمة الكمبيوتر للقيام بوظائف يقوم بها العقل البشري مثل الرؤية والصوت الطبيعي وتحليل واتخاذ القرارات وتحليلها، وقد جعل بعض العلماء الأدوات الذكية والتقنيات الحديثة التي استخدمها الحاسوب وصفاً لتعريف الذكاء الاصطناعي، وهناك نوعان من الذكاء الاصطناعي؛ الذكاء الاصطناعي العام، والذكاء الاصطناعي الضيق، ويعرف الذكاء الاصطناعي العام أنه إستراتيجيات الذكاء الاصطناعي في المستقبل، أما ما يظهر الآن من أدوات ونماذج في الذكاء الاصطناعي فهو الذكاء الاصطناعي الضيق.
ما أهم تقنيات الذكاء الاصطناعي؟
– تعتبر تقنيات نماذج اللغة الطبيعية الكبيرة والشبكات التوليدية العصبية والتعلم العميق من أهم التقنيات التي تم تطويرها في مجال الذكاء الاصطناعي، وهذه الخوارزميات أحدثت تطوراً كبيراً في مجال الذكاء الاصطناعي في السنوات الأخيرة، ويعتبر عام 2020م البداية الحقيقية للذكاء الاصطناعي.
ومنها نماذج اللغة الكبيرة «جان بي تي وجي ميناي»، وقد اعتبرت هذه النماذج الأشهر الآن في الذكاء الاصطناعي، كذلك ظهرت النماذج التي تعمل على توليد الصور وإنتاج الصوت البشري الطبيعي، والتعامل مع المشاعر الإنسانية وتحسين محركات البحث وقيادة السيارات الذكية، كل ذلك عبارة عن أدوات ونماذج ذكاء اصطناعي، ويعرف ذلك بالثورة الكبيرة في الذكاء الاصطناعي، حيث تعتبر عمليات التطوير في أدوات الذكاء الاصطناعي، فالإنتاج للأدوات والنماذج وتطويرها لا محدود، ويعتبر أهم ملامح هذه المرحلة.
هل يمكن الاستفادة من الذكاء الاصطناعي في التعليم والصحة؟
– استطاعت تقنيات الذكاء الاصطناعي أن تُحدث تطويراً في مجال الصحة والقطاع الطبي، حيث أصبح يمكن لتقنيات الذكاء الاصطناعي إجراء التشخيصات الطبية والصور الدقيقة والتحاليل المختبرية للوصول إلى حلول طبية مهمة.
كما أصبح للذكاء الاصطناعي الآن دور كبير في تطوير عمليات التعليم وتدريب الطلاب على التحصيل الأكاديمي عبر أدوات الذكاء الاصطناعي، ويعتبر موقع نماذج الدردشات الكبيرة واحداً من أهم الأدوات المستخدمة في البحوث العلمية والأوراق العلمية، ويستخدم الذكاء الاصطناعي تقنيات التعلم العميق في تحليل البيانات، وعبر الشبكات التوليدية العصبية في توليد الصور، كما أن نماذج اللغات الكبيرة تساهم في تلخيص الأوراق العلمية، وتساعد في البحث العلمي، ويجب أن نتذكر بأن عملية البحث العلمي تعتمد على مساعدة نماذج الذكاء الاصطناعي وليس بديلاً عن البحث العلمي بشكل كامل.
كيف يمكن أن تقوم نماذج الذكاء الاصطناعي بإنتاج المحتوى الإعلامي؟ وكيف تتم معالجة قضية التحيز الإعلامي؟
– يعتبر الذكاء الاصطناعي جزءاً حقيقياً من العملية الإعلامية، فالإعلام في المستقبل يعتمد بشكل أساسي على الذكاء الاصطناعي، وتاريخياً نجد تطور الإعلام ارتبط بتطور التقنية الذكية في إنتاج الصور والصوت.
ويعتبر إنتاج المحتوى الإعلامي في زمننا هذا مرتكزاً بشكل أساسي على الذكاء الاصطناعي؛ حيث إن النماذج التي تعمل على إنتاج المحتوى الإعلامي أصبحت متطورة بدرجة كبيرة ومتاحة ومتعددة، فهنالك أدوات لإنتاج الصوت الطبيعي وإنتاج الصور الفوتوغرافية وإنتاج الفيديوهات، إضافة إلى الأدوات والروبوتات التي تعمل على تحويل الكلام إلى صوت، وتحويل النص إلى صورة، وتحويل الصورة إلى نص، وتحويل النصوص إلى فيديو وأصوات.
كل ذلك يساهم في تطوير التغطيات الصحفية، ويجعل من العملية الإعلامية مرتبطة بشكل كامل بالذكاء الاصطناعي، ولكن علينا أن نلاحظ أنه عند استخدام الذكاء الاصطناعي لا بد أن تقوم المؤسسات الصحفية بوضع إستراتيجيات واضحة في استخدامات الذكاء الاصطناعي، فإستراتيجيات الذكاء الاصطناعي في المؤسسات الإعلامية هي العنصر الفعال في نجاح استخدام الذكاء الاصطناعي في المؤسسة الإعلامية.
وتعتبر قضية التحيز الإعلامي من أكبر المشكلات التي تواجه الإنتاج الإعلامي، وذلك خلال إدخال البيانات المتحيزة، ويمكن معالجة هذه العمليات للتعلم العميق، كذلك تواجه عمليات الإنتاج الإعلامي مشكلات كبيرة لما يعرف بظاهرة التزييف العميق لما ينتجه الذكاء الاصطناعي في الشبكات التوليدية العصبية، وهذا يتطلب من المؤسسات الصحفية اتباع قواعد الشفافية والنزاهة والمصداقية وتحديد المواد المنتجة بواسطة الذكاء الاصطناعي عند عرض هذه المواد، وهنالك فراغ قانوني كبير يحتاج إلى تنظيم من قبل المؤسسات التي تنظم العملية الصحفية لحماية الجمهور من أخطار الذكاء الاصطناعي، وقد برزت تخصصات صحفية جديدة نتيجة لظهور الذكاء الاصطناعي مثل هندسة البيانات الصحفية وهندسة التوجيه لنماذج الذكاء الاصطناعي.
كيف يمكن أن نجعل الحياة أكثر سهولة باستخدام الذكاء الاصطناعي؟
– يمكننا أن نجعل الحياة سهلة من خلال الذكاء الاصطناعي في كل جوانب الحياة، نحن الآن نتحدث عن المدن الذكية، وكيف يستطيع الإنسان الوصول إلى الخدمات بواسطة التطبيقات الذكية أو الحصول على ما يمكنه من جعل الحياة سهلة في البيوت الذكية داخل هذه المدن الآن العالم يتجه إلى نموذج جديد في إنترنت الأشياء.
كيف يمكن للمربين وأولياء الأمور الاستفادة من الذكاء الاصطناعي في توجيه الأجيال القادمة؟
– التدريب الجيد للأجيال القادمة وتوفير تقنيات ذكية وأدوات ذكية تقوم بمساعدة الأجيال الحديثة على تثبيت القيم الفاضلة، ويمكن للذكاء الاصطناعي توجيه الأجيال على تحديث نماذج متخصصة في العمليات التربوية للأطفال والتلاميذ والمناهج المدرسية وتثبيت القيم الأخلاقية، كذلك يمكن للمربين للأجيال تحسين السلوكيات ومراقبتها عبر الذكاء الاصطناعي من أجل توجيه هؤلاء الشباب وتنبيه أولياء الأمور على الأخطار، ويمكننا الاستفادة من الذكاء الاصطناعي مثلاً في محاربة ظاهرة تعاطي المخدرات عند الشباب أو قيادة السيارات بتهور وإحداث حوادث مرورية، ويمكن التحكم في أدوات الذكاء الاصطناعي في المراقبة المدرسية.
كيف يمكننا استخدام الأمثل للذكاء الاصطناعي بطريقة آمنة؟
– تعتبر الاستخدامات المتعددة للذكاء الاصطناعي والتطور الكبير في مجال إنتاج الأدوات ونماذج الذكاء الاصطناعي العلمية والتكنولوجية مهمة جداً، ولكن هذا الأمر يحتاج إلى قوانين، ويحتاج لخطوات إدارية وإستراتيجية تضمن للمستخدمين أن يكونوا بعيدين من الخطر الذي يمكن أن يشكله الاستخدام غير الإيجابي للذكاء الاصطناعي؛ وعليه فإن العالم مقبل على اتجاه جديد لتنظيم هذه القوانين وتدريب المؤسسات والجهات على وضع أخلاقيات الذكاء الاصطناعي كعناصر حاسمه للاستخدام.
كيف يمكن أن تؤثر تقنية الذكاء الاصطناعي على المعتقدات الدينية؟
– في تقديري، إن الذكاء الاصطناعي ثورة علمية لا يمكن أن تكون ضد التطور البشري، ونحن ننظر إلى الذكاء الاصطناعي من خلال قاعدة البيانات الضخمة التي يعتمد عليها في إنتاج نماذج تحاكي العقل البشري؛ وبالتالي فإن عملية تغذية هذه الخوارزميات بقواعد بيانات سيعطي مخرجات إيجابية، هذا يقودنا إلى أن الإسلام هو الدين الذي يتحدث عن العلم، فالقرآن الكريم جاء فيه: (وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاء كُلَّهَا) (البقرة: 31)، هذه هي قاعدة البيانات الإسلامية التي تعلمها الإنسان ليعبد الله، وليكون مقدماً على بقية المخلوقات، نحن أمامنا الآن قاعدة بيانات ضخمة يمكن الاستفادة منها في القرآن الكريم يمكننا أن نوجد الكثير من الحلول للمشكلات البشرية عبر هذه القاعدة، وليس أمامنا سوى أن نضع هذه القاعدة الضخمة من البيانات ونجري لها عملية الإدخال.
ما أهم وأشهر تطبيقات الذكاء الاصطناعي؟
– الآن نتحدث عن النماذج الكبيرة المعروفة، نماذج الدردشة الكبيرة وهي «جي بي تي»، ودردشة «جيميناي» في جوجل، لكن الذكاء الاصطناعي الأدوات الذكية تنتج بشكل مستمر ولا يمكن الحديث عن تطبيق يستخدمه الإنسان عبر الأدوات الرقمية إلا وأضيفت إليه أدوات الذكاء الاصطناعي، الآن يتم تطوير أدوات ذكية للمستقبل، هذا يعني أن أدوات الذكاء الاصطناعي متعددة ومختلفة وتدخل في كل الاستخدامات الرقمية.
كيف تستفيد المنطقة العربية من الذكاء الاصطناعي في النمو الاقتصادي؟
-إن الذكاء الاصطناعي من أهم أدوات التطور والنمو الاقتصادي في المنطقة العربية، وتطور النمو الاقتصادي الرقمي أمر مهم تحتاجه منطقتنا العربية، وإستراتيجيات الذكاء الاصطناعي تمثل محوراً مهماً لتطوير الاقتصاد الرقمي للمنطقة العربية ودورها في زيادة العائدات، فالمنطقة تتمتع بكتلة سكانية كبيرة مهتمة جداً بعملية التطور التكنولوجيا، ونحتاج إلى تطوير تفكير النمو الاقتصادي الرقمي واستخدامه بشكل أمثل في صناعة فرص عمل، وتطوير قدرات الشباب العربي حتى يكون له دور كبير، وهذا أيضاً يحتاج إلى أن نوظف القدرات العربية في بناء مؤسسات رقمية تكون موازية للعالم الغربي، فالمنطقة يمكن أن تفعل ذلك، فهي سوق رقمية مؤثرة على مستوى العالم.