انشغل العالم هذه الأيام بما لحق بالنفط من انخفاض في أسعاره وتعددت الروايات التي تناولت أسباب الانخفاض ولم يخرج الأمر عن:
انشغل العالم هذه الأيام بما لحق بالنفط من انخفاض في أسعاره وتعددت الروايات التي تناولت أسباب الانخفاض ولم يخرج الأمر عن:
الواقع:
منذ سنوات مضت والحديث لا يتوقف عن أن النفط مرحلة قد يخفت بريقها مع تحولات عالمية تفرز مصدراً جديداً للطاقة، كما حدث في السابق مع الفحم وما سبقه من مصادر طاقة تتربع على العرش، ثم ما تلبث أن يخفت بريقها لصالح مصدر آخر إلا انتهى، ومنذ ثلاثة أعوام مضت وبدأ الحديث عن بديل نفطي جديد منافس للتقليدي وهو “الفحم الحجري الأمريكي”، وأكد الخبراء أن هذا الفحم سيخفض من أسعار النفط عالمياً بعد توافره في الأسواق؛ حيث سيقلل من الاعتماد العالمي على النفط التقليدي؛ وبالتالي سيقل العرض عليه؛ فتنخفض أسعاره، حقيقة هذا لم يحدث إلى الآن وبعد هذه السنوات؛ لسبب رئيس هو أن الفحم الحجري الأمريكي متوافر بجانب عودة دولة أخرى بعد استقرارها للضخ وهي ليبيا وما حولها.
التكتيك:
وهو الطرح الذي تناوله العديد من الخبراء والكتَّاب بشأن ارتباط الانخفاض بتكتيك سياسي معين من قبل المملكة العربية السعودية صاحبة الامتياز الأضخم للنفط في العالم، وذلك بدعم أمريكي وضوء أخضر، وهو طرح تناوله “أندرو سكوت”، محلل الطاقة في مقال له بمجلة “فورين بوليسي” الأمريكية، والتي ترجمها موقع “ساساة بوست التركي” مؤخراً، حيث أوضح “أندرو” أن المملكة العربية السعودية تتبنى خطة لإغراق متعمد لأسواق النفط إلى أسباب سياسية تتعلق بالأساس بتقويض إيران، مستشهداً بما فعلته المملكة في عام 1977م تحديداً عندما أبدى الملك خالد بن عبدالعزيز معارضة لزيادة أسعار النفط آنذاك، عازياً ذلك إلى الركود الاقتصادي الذي تعاني منه الاقتصاديات الغربية.
وهو ما أرجعه البعض إلى الرغبة السعودية حينها لتقويض الاقتصاد الإيراني، في وقت كانت تسعى فيه طهران بقيادة شاه إيران إلى مزيد من مليارات الدولارات للوفاء بالتزامات الإنفاق من جهة، وإنشاء محطات الطاقة النووية أملاً في إحداث تأثيرات في منطقة الشرق الأوسط.
في حينها بالفعل ضخت المملكة العربية السعودية ملايين البراميل النفطية التي تجاوزت 10 ملايين يومياً ليهبط سعر النفط في حينها بشكل لافت وصل ذروته في عام 1986م ليصل إلى 10 دولارات للبرميل.
الضوء الأخضر:
وعزز أصحاب الرأي المبني على أن الانخفاض هو تكتيك قوة، لما لمس من موافقة ضمنية وتحفيز أمريكي لخفض الأسعار، حيث من شأن ذلك أن يعصف بالفتى المتمرد “فلاديمير بوتين” للضغط عليه وتركيعه بعد أن تمادى على ما يبدو في الصلف ضد العم سام، وربما هذا ليس سيناريو بعيداً، فبعض المحللين عزا انهيار الاتحاد السوفييتي في التسعينيات لخطوة مشابهة كانت توابع التحرك السعودي في السبعينيات، حيث أثر انخفاض النفط على الاتحاد السوفييتي وكان أحد الأسباب في انهياره.
رسائل المملكة:
خطوة السعودية التي قامت بها قبل شهرين والمتمثلة في زيادة إنتاج النفط بأكثر من 9 ملايين برميل يومياً رآها محللون أنها جعلت الأمر لا يخلو من حديث عن رسائل أرادت المملكة أن تؤكد عليها، فهي صاحبة الامتياز الأكبر في العالم؛ كونها تملك التحكم في مصدر الطاقة الأضخم وهو النفط، وهذه الرسائل ارتكزت بالأساس على أن المملكة قادرة على تحريك الأمور لصالحها، خاصة ما يتعلق بالمنطقة، وعلى رأسها الصراع السُّني الشيعي بقيادتها ضد إيران، وعلى ما يبدو فإن الرسائل وصلت سريعاً، فقد جاء في مقال لأحد الكتَّاب المغمورين في صحيفة العرب القطرية أن بعض المصادر الإعلامية أكدت أن ميزانية “حزب الله” التي تخصصها إيران قد جرى تقليصها أكثر من الربع رغم أهمية الحزب؛ بخاصة للمعركة الإيرانية الرئيسة في سورية والجبهة الجديدة التي فتحت في اليمن على يد الحوثيين.
على الهامش:
– تركيا لن تستفيد كثيراً من أسعار النفط فالليرة التركية منخفضة مقابل الدولار، فما ستعوضه في سعر النفط ستفقده في قيمة الليرة التي ستشتري بها الدولار، لكنها تظل أحد المستفيدين.
– مصر تشهد رعباً من انخفاض الدعم الخليجي لها، ورغم استفادتها من انخفاض الأسعار؛ لأنها مستورد، فإن الكثير شكك على قدرتها من الاستفادة من هذا الانخفاض، مستدلين بما آلت إليه أموال الدعم التي قدمت لها ولم تضف شيئاً على ما يبدو حتى الآن سوى جرعات مسكنة.
ختاماً: سيرتفع النفط مرة أخرى.