الغضب الشعبي الذي شهدته تونس اليوم الجمعة احتجاجاً على الأوضاع المعيشية والبطالة يمثل أسوأ اضطرابات تشهدها البلاد منذ ثورة الياسمين التي اندلعت في العام 2011م، والتي أطاحت بالدكتاتور زين العابدين بن علي بعد فترة طويلة قضاها في سدة الحكم.
هكذا علقت صحيفة “فاينانشيال تايمز” البريطانية على موجة الاحتجاجات الواسعة التي شهدتها عدة مناطق في تونس اليوم، اقتحم خلالها المحتجون مراكز الشرطة والدواوين الحكومية؛ مما اضطر السلطات إلى إعلان حظر التجوال في كافة أرجاء البلاد والذي من المقرر أن يسري اليوم بدءاً من الساعة الثامنة مساء وحتى الخامسة صباحاً.
وقال متحدث باسم وزارة الداخلية: إن محتجين استهدفوا مقرات للشرطة وأحرقوا سيارات أمنية، مضيفاً أن الشرطة تصدت الليلة لمحاولات مجموعات السطو على محال ومراكز تجارية في منطقتي سيدي حسين وحي التضامن بالعاصمة، وفي جندوبة وبنزرت.
وذكرت تقارير إعلامية أن محتجين تكمنوا من السطو على فرع بنكي، ونهب محال في حي التضامن، كما أحرقوا مقرات أمنية في الجريصة بمدينة الكاف وفي قبلي ودوز وتوزر.
وحذر المتحدث باسم وزارة الداخلية من استمرار الوضع على حاله بما يحد من جاهزية قوات الأمن وتشتيت جهودها في مكافحة الإرهاب.
وأشارت الصحيفة في ثنايا تقريرها المنشور على نسختها الإلكترونية إلى قيام رئيس الوزراء التونسي حبيب الصيد بقطع رحلة أوروبية وعاد إلى البلاد لمواجهة أقوى التحديات التي تواجهها حكومته منذ توليه مهام منصبه.
وقال الصيد: إن الحكومة لا تملك عصاً سحرية لحل مشكلات البطالة، مضيفاً في مقابلة مع محطة “فرانس 24” التلفزيونية: إن بلاده تواجه صعوبات “الديمقراطية الحديثة”.
وبعكس البلدان العربية الأخرى التي شهدت ثورات “الربيع العربي” في عام 2011م، يُنظر إلى تونس على أنها مثال بارز على التصالح السياسي بين التيارات الإسلامية والجماعات العلمانية، والذي يُعزى إليه الفضل في التحول الديمقراطي الناجح الذي شهدته البلاد.
لكن البلد الواقع شمالي أفريقيا، وفقاً للتقرير، تواجه تحديات اقتصادية عصيبة، من بينها معدلات البطالة المرتفعة التي يُعتقد أنها تتجاوز بالفعل المعدل القومي البالغ نسبته 15.3% واحدة من العوامل الرئيسة التي أشعلت فتيل ثورة 2011م.
وكان الرئيس التونسي باجي قايد السيبسي قد صرح بأن حكومته ورثت وضعاً غاية في الصعوبة، مع بلوغ أعداد العاطلين 700 ألف شخص، من بينهم 250 ألف شخص من الشباب الحاصل على مؤهلات عليا.
وكانت الاحتجاجات قد اندلعت في بلدة القصرين شمالي تونس في أعقاب انتحار شاب عاطل عن العمل يُدعى رضا اليحياوي الذي توفي بعد سقوطه من أعلى عمود كهربائي احتجاجاً على حذف اسمه من قائمة الانتدابات في وظائف القطاع العام.