أكثر القضايا التي تؤرق الشباب قضية الزواج، فحلم البيت الجديد والأسرة السعيدة أمنية كل شاب.
ومن قضية الزواج تبرز ظاهرة تكاليف الزواج المرتفعة، المهر لم يعد أمراً صعباً في الغالب، بات ميسراً للكثير من الشباب.
لكن تكاليف حفلات الزواج باهضة الثمن، وتكلفتها تتجاوز المهور، “فالطقاقات والمطربات” بأسعار خيالية، والذبائح تصل لثلاثين ألف وربما تتجاوزها في حالات، ناهيك عن أجرة القصور، والمصورة، والعصائر والمعجنات…الخ
الأسر تتحمل العبء الأكبر في ظاهرة المغالاة، وكذا المجتمع فمن أصحاب الأموال من أسس لنظريات “الفشخرة” و”الهياط”، ومنهم من يخطط للإسراف! وكانت النتيجة أن الناس قلدوهم وحاكوهم ليصلوا إلى مستوى الرضا المجتمعي، وأنى لهم ذلك إلا بالتكاليف الباهظة والقروض والديون وهي سلاسل يقيد بها العريس ليقضي جزءاً من حياته يسدد ثمن تلك التكاليف.. حب المظاهر والتميز عن الناس والتقليد، فبنت فلان “مو” أحلى من بنتنا ومستواهم “مو” أقل من مستوانا! أعمت بصائر الناس عن رؤية الإسراف، وتعامت عن الغلو الذي يتبع كل حفلة زواج!
والمطلوب من المجتمع التعاون والاتفاق والاتحاد للتخفيف من هذه الأعباء خصوصاً أن منبع بعضها عادات كانت تناسب وقتاً مضى ولم تعد مناسبة اليوم، ومن هذه العادات؛ عادة الرفد أو المباركة.. صارت المباركات مكلفة لمن يدفع؛ بسبب كثرة الزواجات، كما أن الرفد السبب الرئيس في توسع الناس في الحفلات وتكثير المدعوين، فالعريس وأهله يوزعون رقاع الدعوة على أكبر شريحة ممكنة طمعاً في الرفد، ولمجابهة كثرة المدعوين لابد من التكلف في الأعراس!
وقد أحسنت إمارة منطقة الباحة في إصدار قرار بمنع “الرفد” في محافظة المخواة، باعتبار أن هذا “الرفد” مرهق للناس في ظل الغلاء، وسبب في التوسع في الدعوة التي ينشأ عنها التكلف في الاحتفالات مما يؤدي إلى الإسراف المنهي عنه.. ومنع الرفد والمباركة سيحمل الناس على الزواج الجماعي الأقل تكلفة، وسيحملهم على تقليل الدعوة والاقتصار على القرية أو الحي.
وكما أن القرار يلزم المجتمع بإسقاط الرفد، يمنع كذلك استئجار القصور والاستراحات لحفلات “الملكة” أو كتابة عقد الزواج، وهي حفلات بالغ الناس وتوسعوا وتفننوا فيها. القرار جاء بإقرار من مجلس المنطقة وبناء على محضر للجنة التنمية الاجتماعية والأسرية، بعد ملاحظة ظاهرة المبالغات في الأفراح.
جميل هذا القرار؛ الذي سيعمل على الترشيد، والاقتصاد في حفلات الزواجات، ويتصدى للمبالغات التي تكلفها الناس.. فشكراً لكل من ساهم في إعداده، والشكر لمن وجه باعتماده، والشكر لمن سيعمل به، فالعبرة بالتطبيق في النهاية.
بقي أن نقول: إن في إلغاء “المباركات” والرفد إسقاط للعادات السلبية، وما ينتج عنها من التزامات ما كتبها الله تعالى على الناس، فالتدخل للتصحيح ضرورة لصالح الفرد والمجتمع.
– قفلة:
تسهيل الحلال سيجعل الحرام صعباً، بينما تعسير الحلال سيولد سلبيات وآثار سيئة فردية واجتماعية!