أكدت دولة الكويت أن الدافع الإنساني والأخلاقي يجب أن يكون الحافز الأساسي لمواجهة أزمة الجوع وانعدام الأمن الغذائي؛ فلا يوجد أي مبرر أخلاقي يسمح بأن يموت أشخاص أو مجموعة بسبب الجوع.
جاء ذلك في كلمة دولة الكويت خلال جلسة مجلس الأمن الخاصة بالجوع والصراعات التي ألقاها مندوب دولة الكويت الدائم لدى الأمم المتحدة السفير منصور العتيبي مساء أمس الجمعة.
وقال العتيبي إن الإنذار المبكر كالإنذار الذي وجهه الأمين العام والإجراءات اللازمة لمنع وقوع كارثة إنسانية يعد نوعا من التفاعل بين مجلس الأمن والأمين العام ومثالا هاما من نماذج الإنذار المبكر والوقاية اللازمة لتفادي الأزمات الإنسانية الخطيرة، لا سيما تلك التي تقودها الصراعات.
وأضاف أنه يجب الأخذ بالاعتبار أن التنفيذ الفعال والسريع لأهداف التنمية المستدامة وجدول اعمال 2030 سيساهم أيضا في منع الأزمات المستقبلية المتعلقة بالجوع مع التركيز بشكل خاص على معالجة قضايا مثل الفقر والبطالة وتغير المناخ وعدم المساواة.
وتابع العتيبي قائلا: “لا نستغرب بأن ثاني هدف من أهداف التنمية المستدامة هو القضاء على الجوع وهو هدف ممكن تحقيقه وتجنبه نظرا للموارد والإمكانات المتوفرة في عالمنا”.
وأوضح أن الامتثال بالقوانين الدولية يعد عاملا أساسيا لكسر الحلقة بين الصراع والجوع فلا بد من تشجيع وتعزيز الامتثال بالقانون الإنساني الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان في حالات النزاع وهناك عدد من الإجراءات التي يمكن أن يتخذها مجلس الأمن لضمان تحقيق ذلك عندما تفشل الدول الأعضاء في الوفاء بالتزاماتها.
وبين العتيبي أن “هناك علاقة طردية فعندما تكون هناك انتهاكات صريحة وتجاهل للقرارات والقوانين الدولية ترتفع الحاجة إلى المساعدات الإنسانية نتيجة للجوع والفقر والعكس صحيح”.
ولفت إلى أنه عندما يتم التوصل إلى سلام تقل الحاجة للمساعدات الإنسانية؛ فالصراع والنزاعات من صنع الإنسان سبب كثير من المآسي فالصراع على الموارد والأراضي والسلطة نتائجه على الإنسان مدمرة.
وشدد العتيبي على أن الحل السياسي وتعزيز الدبلوماسية الوقائية ومعالجة جذور المشاكل الحل الأمثل بما في ذلك حث أطراف النزاع على الالتزام بالقوانين والقرارات الدولية ذات الصلة وإدراج ولايات الحماية المدنية المناسبة لعمليات حفظ السلام وإطلاق آليات غير متحيزة للتحقيق والمساءلة.
وأكد أهمية تحديد الخطوات الفورية التي يمكن أن تتخذها الأمم المتحدة والدول الأعضاء للحد من خطر ارتفاع المجاعة وانعدام الامن الغذائي وأهمها إيجاد حل للصراعات التي تؤدي إلى انعدام الأمن الغذائي وانتشار الجوع.
ودعا العتيبي إلى التركيز على حشد الأموال والموارد التي تحتاج إليها وكالات الأمم المتحدة ذات الصلة من أجل الاستجابة لهذه المخاطر والأزمات وضمان وصول المساعدات الإنسانية للمحتاجين.
وذكر أن تعزيز التعاون بين الجهات الفاعلة الإنسانية والإنمائية هي نقطة أكد عليها الأمين العام في رسالته إلى الدول الأعضاء في فبراير عام 2017.
وأضاف أن الأمين العام اقترح أن يقوم برنامج الأمم المتحدة الإنمائي ومنسق الإغاثة في حالات الطوارئ بإنشاء لجنة توجيهية للربط بين برنامج الأمم المتحدة الإنمائي واللجنة الدائمة المشتركة بين الوكالات لتقديم المساعدة الانسانية وضمان اتباع نهج أكثر تنسيقا إزاء انعدام الأمن الغذائي.
وأشار العتيبي إلى أنه “على الرغم من نجاح جهودنا الجماعية لتجنب خطر المجاعة الشديدة في بعض الدول فإن أزمة الجوع وانعدام الأمن الغذائي لا تزال مستمرة ولا يزال الملايين من الناس في جميع أنحاء العالم ولا سيما النساء والأطفال غير قادرين على تلبية احتياجاتهم الأساسية”.
وتابع العتيبي قائلا “لقد سلطت أزمة الجوع الضوء على أهمية تحسين تنسيق المساعدة الإنسانية وتوسيع نطاق آليات الإنذار المبكر التابعة للأمم المتحدة، وتقف دولة الكويت على أهبة الاستعداد للعمل مع بقية أعضاء مجلس الأمن لمواصلة المساهمة بنشاط في الجهود الدولية للتوصل إلى حل شامل لمكافحة قضية الجوع في حالات الصراع في جميع انحاء العالم”.
وأعرب العتيبي عن شكره إلى كل من مساعد الأمين العام للشؤون الإنسانية ومنسق الإغاثة في حالات الطوارئ مارك لوكوك والمدير التنفيذي لبرنامج الأغذية العالمي ديفيد بيسلي على إحاطتهما القيمة والوافية وعلى الجهود الدؤوبة التي تبذلها وكالاتهما في مجال الإغاثة الإنسانية.
وأكد أن تلك الجهود تأتي في ظل تصاعد عدد الصراعات العنيفة في جميع أنحاء العالم بشكل كبير خلال السنوات العشر الماضية لا سيما في الدول التي تواجه انعدام الأمن الغذائي.
وأفاد العتيبي أن البيانات تظهر أن 124 مليون شخص في 51 دولة تأثروا بانعدام الأمن الغذائي الحاد خلال عام 2017 بزيادة بلغت 11 مليون شخص عن العام السابق وذلك وفقا للتقرير العالمي حول الأزمات الغذائية لعام 2018 الصادر عن منظمة الأغذية والزراعة وبرنامج الأغذية العالمي.
وأشار إلى أن الاجتماع يأتي بعد مرور ما يتجاوز العام منذ أن بعث الأمين العام رسالة إلى الدول الأعضاء في الـ12 من فبراير عام 2017 سلط الضوء فيها على أزمة الغذاء العالمية وخطر المجاعة في كل من شمال شرق نيجيريا والصومال وجنوب السودان واليمن.
وقال العتيبي إن الأمين العام أوضح في رسالته أنه دون اتخاذ إجراء حاسم سيواجه أكثر من 20 مليون شخص في هذه الدول خطر المجاعة في غضون ستة أشهر وعلى ضوئها بدأ مجلس الأمن إبداء المزيد من الاهتمام حيال خطر المجاعة التي تواجه العديد من الدول المدرجة في جدول أعماله.
وأضاف أن ردود المجلس تمثلت من خلال اعتماد بيان رئاسي في التاسع من أغسطس عام 2017 أعرب المجلس من خلاله عن قلقه البالغ من خطر المجاعة، داعيا الدول الأعضاء لتوفير الموارد والتمويل اللازمة لتجنب هذه الأزمة.
وأكد العتيبي أن المجتمع الدولي استجاب بسرعة لتحذيرات الأمين العام إذ قدمت على ضوئه الجهات المانحة نسبة 70 في المئة تقريبا من الأموال المطلوبة بحلول أكتوبر عام 2017 عندما استعرض الأمين العام آخر المستجدات حول خطر المجاعة وأزمة الغذاء العالمية إلى مجلس الأمن.
ولفت إلى استجابة دولة الكويت من خلال تخصيص 15 مليون دولار لمعالجة أزمة انعدام الأمن الغذائي في شمال شرق نيجيريا والصومال وجنوب السودان واليمن.