عندما كنا ننتقد التوجهات الليبرالية التي ينادي بها بعض من بيده قلم وورقة، كنا ندرك خطورة هذه التوجهات على الفرد والأسرة والمجتمع، وبالأمس وصلت الأمور والجرأة في الطرح والتمادي في التصريح لا التلميح إلى درجة الوقاحة وانكشف المستور الذي كانوا يجملونه ويزينونه بمختلف الألفاظ والتسميات، عندما طالبوا صراحةً بالسماح بالدعارة في الفنادق، واعتبروها “خطوة جريئة ومستحقة”! وأنها “تغيير ثوري كنا ننتظره من زمان”! وقالوا: إن الرجل والمرأة يمكنهما السكن مع بعض بغرفة واحدة في الفندق بدون أن يكونا متزوجين، ويحق لهما ممارسة الجنس ما داما يمارسانه بالتراضي!
بالله عليكم، أي وقاحة أكبر من ذلك؟! وأي قلة أدب أحط من هذا الطرح؟! وكيف وصلت بهم الجرأة بالباطل لمطالبة الحكومة الكويتية بإصدار مثل هذه القرارات دون اعتبار للأعراف والآداب العامة والدين والذمة والبخت؟!
والمطلب الآخر الذي أيده (طارد البدون من الجمعية الخيرية) و(الوزير النائب) هو السماح بتناول الخمور وتخفيف العقوبة في بعض الحالات! وهو مطلب لا يقل خطورة وتدمير للمجتمع عن المطلب الأول!
تذكرت مطالبة أحد النواب السابقين الذي توفي في قاعة عبدالله السالم وهو في الجلسة عندما طالب بالسماح للخمور بحجة “حتى لا يموتون عيالنا في الخارج وهم يتعاطون هذه الخمور، وخلهم يموتون عندنا”! واليوم يأتي هؤلاء ليعيدوا هذه المطالب المدمرة ولكن بحجة “أنها تصب في مصلحة المرأة بشكل عام وتحمي الحريات الفردية والتصرفات الشخصية، ومن يهاجم هذه التعديلات متخلف”!
والغريب في هذا الطرح الليبرالي الخطير هو محاولة تأصيل بعض قواعد الفكر الليبرالي المتطرف وإسقاطها على المنظومة التشريعية في البلاد! ومن ذلك قول أحد هؤلاء في أحد مقالاته: “إن هذه التعديلات تعتبر ثورة على عدم الإنسانية في الكثير من قوانيننا، فمن نحن لكي نرفض مبدأ عدم المساكنة، فالناس أحرار في تصرفاتهم، أما التحجج بأنها لا تتفق مع العادات والتقاليد فلا معنى له”!
ومن أخطر المبادئ التي طرحها تاجر الكمامات في مقالته، الخميس الماضي، “لا يجوز معاقبة الآخرين بحجة المحافظة على الشرف”! وحجتهم في طرح هذه الأفكار التدميرية أن معارضي هذه الأفكار متخلفون ويمارسونها دوماً بالخفاء!
هذه الليبرالية المتطرفة يجب أن نواجهها بقوة، ونكشف خطورتها على الأسرة والمجتمع، ونمنع تدميرها لعقول الشباب تحت مظلة عناوين مزيفة كالحرية الشخصية وحماية الحريات الفردية!
خلية العبدلي
وأنا أكتب عن هذه الجرأة عند بعض منظّري الليبراليين، مرّ بخاطري صنف آخر من البشر لا يقل جرأة ولا وقاحةً عندما يطالب بالعفو عن خلية العبدلي الإرهابية، إذ كيف يجرؤ كويتي عاقل بالمطالبة بالإفراج عن مجموعة من الإرهابيين تم العثور عندهم على كميات هائلة من الأسلحة التي لا يمكن تبرير تخزينها تحت أي ذريعة؟! كيف يجرؤ أي مواطن محب لبلده أن يقدّم دوافع معينة على دافع الولاء والبراء لهذا الوطن وترابه؟! كيف تمكنوا من النطق بهذه المطالبة أثناء مقابلات بعض مرشحيهم للإعلام؟!
التطرف مرفوض في كل أشكاله، والتشدد والغلو كذلك، وبالمقابل التطرف في المطالبة بالتحرر من الضوابط الشرعية غير مقبول، لذلك الوسطية والاعتدال في كل شيء مطلوب دون الإخلال بالثوابت!
“وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا”.